بين لغط الاطباء والمرضى الذين عاشرتهم خلال الايام القليلة الماضية
ترائت لي ايامي السابقة
ايام الصبى والشقاوة البريئة
مشاكساتي لأمي وهي تعد لنا وجبة غداء متواضعة
ونظرات ابي رحمه الله وهو يحذرني بكل حنو
من تلك المشاكسات ، ربمى كان يشعر بالجوع حينها ، وكنت اقف حائلاً بينه وبين اتمام امي لوجبة غداء كان ينتظرها بشغف بعد يوم عمل شاق
كانت وجبات امي بسيطة ومتواضعة تختلف عن ما هو موجود اليوم من وجبات مختلفة في مطابخنا ، ولم يكن مطبخنا بنفس جودة المطابخ الحالية من تجهيزات ومستلزمات تسهل عملية اعداد الوجبات .
رغم هذا التطور وهذه الحداثة الا ان نكهت الامس مميزة ، وطعم الامس مختلف
لا اعلم مالذي كانت تضيفه امي حفظها الله لما تعدة من وجبات ليجعله متميزاً بهذا الشكل ،وعندما كنت اسئلها عن سر الطعم المميز في اطباقها كانت تقول لي ( وليدي حبيبي من تكبر تعرف هسة بعدك زغير على هيچ سوالف ) ثم تطبع قبلتها على جبيني وتضمني الى صدرها ليلتسق عطرها بين طيات ثيابي حتى اغفوا وسط الجنة .
كان ابي رحمه الله يخفي لنا في قلبه من الحب ما لا يملكه العالم باسره .
كنت اشعر بذلك الحب في نبرة صوته الاجش حتى في لحضات غضبه علي لا بل وحتى حين يضربني حين ارتكب خطاءً.
كنت اكثر اخوتي التزاماً وانضباطاً ، رغم هذا كنت اعاقب احياناً من مبداء ( الخير يخص والشر يعم ) هههههه وهذا المبداء لم اكن اعرفه سابقاً حتى دخلت الخدمة العسكرية في نهاية الثمانينيات .
( عندما بلغت ايام المراهقة والشباب المبكر )
لم اعد ذلك الطفل الذي تملئه البرائة
الطفل الذي كان يسمع النصيحة من اهله ويحتفض بها ككنز ثمين
لم أكن أدرك معنى كلماتهم أن ذاك ، كنت أراها مجرد تقاليد بالية ينقلها لنا اناس لا يجيدون القرائة حتى ،
كنت شاباً تملأه النشوة والطيش
شاب متذمر على التعاليم والتقاليد السائدة
ولا زلت
لم اعي انهم كانو ينظرون الى الطريق الذي كنت اضع اول خطواتي عليه ومدى خطورته .
كانت قسوتهم بنفس درجة الحب والخوف السابقين
باختلاف الاسلوب طبعاً
وذلك الاختلاف سبب الفجوة الادراكية فيما بيننا ،
فجوة بين جيلين مختلفين وزمنين لا تربطهما سوى اللغة على الاغلب .
الا اني ادركت هذا متاخراً ، بعد ان خسرت نصائح لو طبقتها في حينها ربمى كنت اليوم بموقع مختلف ومكانة مختلفة .
اختلاف بالمفاهيم ، هذا ما علي ادراكه اليوم
وهذا ما علي تجنبه في تربيتي لأبنائي
يجب ان اكون مع ابنائي بصفة صديق اكثر من اب
لافهم طريقة تفكيرهم .
حينها فقط سيتقبلون النصح مني لانهم لن يشهدوا تسلط الاب قديم الطراز
بل الصديق الصدوق الذي يتقدمهم بالعمر فقط .
كنت استنكر بعض التصرفات السلبية لابني الاكبر رغم تربيته الحسنة
الى ان نظرت اليه وانا في نفس عمره ولكن في زمن متقدم ، زمن تغزوه الحداثة والانترنيت التي لم تكن حين كنت مراهقاً
الأن اصبحت اجيد التعامل معه واصبح يجيد فهم ما ارمي اليه
ليست العصبية او فرض الأراء هو ما يجعل ابنائنا يسيرون على الطريق الصحيح كما نعتقد
بل ان ندرك طموحاتهم من وجهة نظرهم ونساعدهم على تسهيل العقبات امامهم .
ومحاولة تصحيح اخطائهم
يجب ان تكون بعمل مشترك بيننا ، والاحرى ان نتركهم يطلبون منا يد العون لا ان نفرض انفسنا عليهم .
وهذا المبداء والقانون قررت اتباعه حتى مع رفاق العمل الذين يختلفون معي بالجيل
قررت ان اكون معهم كلاً حسب عمره وجيله
لتسهيل عملية التواصل وتذليل العقبات
في العمل .
الشيء الجميل في هذا المبداء انه اعاد الي روح الشباب من جديد وساعدني على تخطي الازمات النفسية والصحية
اصبحت اكثر شباباً من الشباب انفسهم
علينا ان نتخطى فارق الاعمار كفكرة
دون ان تمس تلك الفكرة اخلاقنا ومبادئنا
حينها لن تشيخ ارواحنا
فالشباب شباب القلب ،
هكذا تطول اعمارنا
الاسم : علي
العمر : شاب اكتسب هيئة الشيوخ