يا أَخا الفَضلِ وَالنَدى يا أَبا العباس
انظر إليَّ ولا تنظر إلى حالي
واحذر من العذلِ لا تخطره بالبالِ
وافرغ إلى طلبِ الفضلِ الذي صبنت
عنه ظنوني في ترتيب أحوالي
لو أنَّ لي سيِّداً فتَّ الأنام جداً
ولم أعرِّج على جاهٍ ولا مال
المالُ مالُ الذي مالَ الوجودُ به
إليه من كرمٍ فلا تقل ما لي
بل قل إذا جاء من يبغي نزالكمُ
ما لي من المالِ إلا حظ آمالي
وقد علمتُ بأنَّ الجودَ من خلقي
طبعاً جبلتُ عليه فيه إقبالي
لا تفرحنَّ بشيءٍ لستَ مالكه
بل أنت مستخلفٌ فيه وكالوالي
مكانتي عند من أصبحتُ نائبه
في ملكه حاكماً بقدر أعمالي
فإنْ عدلتَ فإن العدلَ شيمتنا
لعلمنا أو تفضّلنا فلا ما لي
الفضلُ فضلُ إلهي ما لنا قدمٌ
فيه لفقري وما أدريه من حالي
فليس يفضل عني ما أجود به
ولا يليق بنا قصد لأمثالي
فما لنا غيرُ من تُرجَّى عوارفه
وهو الغنيّ عن الحاجاتِ والعالي
لما رأى من رأى حكمي ومملكتي
وما درى أنني العاطلُ الحالي
وقد رأى من أنا فيهم خليفته
يقولُ تقرضني من عرض أموالي
وما رأى أنه قد جال في خَلَدي
أقرضن بالفعلِ لا بالعقد والحالِ
لذاك نطقهم فيه بأنَّ له
فقراً إلينا وما ربي من أشكالي
الفيت فيه الذي عليَّ يلبسه
بأنْ تشخص لي أفعال أفعى لي
لا أعرف اللغو في قولٍ أفوه به
إنَّ السديد من الأقوالِ أقوالي
أَجلُّ وصفي أنّ الله أهَّلني
لحلِّ ما عند أشكالي من أشكاليعَبّاسِ زَينَ الكُهولِ وَالشُبّانِ
أَنتَ فَردٌ فُتُوَّةً وَفَتاءً
لَيسَ كُلُّ الفِتيانِ بِالفِتيانِ
ما لَنا بَعدَ أُنسِهِ وَوِدادٍ
وَتَصافٍ في السِرِّ وَالإِعلانِ
قَد تَناسَيتَنا فَقَد أَصبَحَ الوَص
لُ أَسيراً في قَبضَةِ الهِجرانِ
وَخَرَجنا مِن بابِ ذِكراكَ فَالذِك
رى تَشَكّى شَماتَةَ النِسيانِ
عِش سَعيداً وَإِشرَب هَنيئاً وَلا تَع
دَم سَراةً مِن عِليَةِ الإِخوانِ
مِن مُدامٍ كَأَنَّها ذَوبُ تِبرٍ
مائِعٍ أَو مُجاجَةُ الزَعفَرانِ
تَتَوَقّى الهُمومَ عَن أَنفُسِ الشَر
بِ وَتُحيِي مُمَوَّتاتِ الأَماني
في جِنانٍ حاكَ الخَريفُ لَها الوَش
يَ فَصارَت في الحُسنِ مِثلَ الجِنانِ
مَنزِلٌ كانَ بَينَ دِجلَةَ فيهِ
لَكَ صَحنٌ تَرعى بِهِ العَينانِ
أَيُّ كَفٍّ بَنانُها تَمطُرُ الإِحسا
نَ وَبلاً حَلَّت بِدارِ بَنانِ
لَم يَعِبهُ إِلّا حُضورُ الهَدادِيِّ
عَلَيهِ لَعائِنُ الرَحمَنِ
كَيفَ أَدنَيتَهُ وَوَجهُ الهَدادِيِّ
يَهُدُّ السُرورَ عِندَ العِيانِ
وَأَحاديثُهُ المُكَرَّرَةُ الغَثَّ
ةُ تُمسي سَحائِبَ الغَثَيانِ
كُنتَ تَشكو حُرَّ المَكانِ فَلَمّا
حَلَّ فيهِ شَكَوتَ بَرَد المَكانِ