تشكيلات فنية مدهشة على الثلج !
مدهشة هي اللوحات التي يرسمها سيمون بيك عندما يأتي الشتاء وتتساقط الثلوج ! منذ شتاء 2004، وزوار منتجع التزلج Les Arcs في جبال الألب الفرنسية يقعون كل صباح على نقوش عجيبة في الجليد تشبه إلى حد كبير دوائر المحاصيل.
تتوزع هذه النقوش على امتداد منحدرات التلال الفسيحة والتجاويف التي خلفتها البحيرات المتجمدة. وهي متقنة التصميم ومحيّرة إلى درجة كبيرة، حتى إن من يراها يظن أن جمعًا من الكائنات الفضائية قد حط على الجليد في الليلة السابقة بهدف القيام بنزهة على الأقدام.
ولكن، وفي واقع الأمر، ثمة رجل بريطاني يبلغ من العمر 54 عامًا يقف وراء هذه الاسكيتشات الثلجية. يمضي هذا الرجل الليل في المشي لمسافات طويلة منتعلا قبقابًا ثلجيًا، وأدواته في العمل هي حبل غسيل وشريط قياس وبوصلة وآلة تصوير ومبدل ملابس ومصباح رأس... وفكرة تختمر في رأسه.
اسمه سيمون بيك، وهو مصمم خرائط من جنوب انجلترا، انكب بيك، والذي يمتلك شقة في المنتجع المذكور، على تصميم أول أعماله خلال احتفالات الكريسماس سنة 2004، حيث بدا له الأمر، على حد قوله، طبيعيا. دون أن يرتدي قبقاب الثلج، خطّ بيك بقدميه نجمة خماسية الرؤوس وبعض الدوائر. وبعد أن غمرت الثلوج المتساقطة تصميمه هذا، قام بتصميم نجمة أكبر حجمًا بعشرة رؤوس. تسنى له فيما بعد العثور على بحيرة متجمدة من شأنها أن تستوعب تصميمًا أكبر حجمًا، إلا أن الثلج في هذه البحيرة كان عميقًا أكثر من اللازم. فقام بشراء أحذية الثلج، والتي سهلت من مهمته ومكنته من نقش لوحات أكبر حجمًا وأكثر تعقيدًا.
كانت الآثار المخلفة عن عملية التمشيط في حدائق الرمال بمعابد كيوتو، وليست دوائر المحاصيل، هي التي ألهمته بفكرته هذه. بدأ بيك بالبحث عن فضاء ثلجي واسع خالٍ لا يرتاده هواة التزلج. وبعد أن اطمأن إلى أن احتمالية حدوث انهيار ثلجي في منحدرات الموقع الذي قام باختياره ضئيلة، وأن البحيرات المتجمدة سميكة ومستقرة بما فيه الكفاية، وأن كل بقعة في الموقع تجاور نقطة مشاهدة جيدة يمكنه أن يلتقط منها صورة مناسبة، قام برسم تصميم أولي باستخدام منقلة وورقة.
بعد أن تستوي الثلوج، يخرج بيك حاملا ترسه، عادة ما يكون هذا خلال الليل، حتى يتسنى له أن يمضي النهار في ممارسة رياضة التزلج. وهو يحرص على حمل بوصلة وشريط قياس، ويقوم بحساب خطواته جيدًا حتى يخرج العمل في أفضل صورة ممكنة. عندما يريد بيك رسم دائرة، يقوم بتثبيت طرف حبل الغسيل عند النقطة التي يفترض أن تكون مركز الدائرة، ويطوف المكان حتى يصل إلى الطرف الآخر من الحبل دون أن يحيد عن مساره . يبدو الأمر ممتعًا، ولكن يظل الهدف هو الحصول على صور لائقة يمكنه أن ينشرها على موقع الفيسبوك. وتصبح سعادته غامرة عندما ينتهي من عمله ويحصل على صور رائعة. يقول بيك "عادة ما أنتهي من العمل في الساعات الأخيرة الليل"، ويضيف قائلاً "عندما توشك اللوحة على الانتهاء، يروق لي امتطاء ماكينة Snowcat (عربة إماطة الثلوج) والسير على طول أحد الطرق الثلجية المجاورة، إن أثر انعكاس أضواء الماكينة على اللوحة الجليدية رائع حقًا".
يستغرق منه إعداد التصميم نحو عشر ساعات. برغم أن أعمال بيك تحظى بإعجاب أغلب زوار المنتجع، إلا أن هناك من يرونها عبثًا لا طائل منه .يقول بيك "أغلب المتزلجين يظنون أني مصاب بالجنون، وأني أضيع وقتًا ثمينًا كان يمكن أن أقضيه في التزلج، أتفق معهم في هذه النقطة، ولهذا أفضل العمل خلال الليل... كل ما أريده هو أن ألفت انتباه العالم إلى روعة وجمال الجبال والثلوج، والتي تستحق أن نحافظ عليها."
ما زال لدى بيك الكثير من المشاريع، وهو يرغب في السفر إلى النرويج ليمارس هوايته في بقعة مختلفة. ولربما قام، في نهاية المطاف، بجولة لعرض صور أعماله..