كانت ابنة أخي المتوفى من ثلاثة سنوات مازالت بصفها الثالث الإعدادي عندما جاء ابن الجيران للتقدم بطلب الزواج بها، حقيقة في بداية الأمر عارضت طلبه وحلت بينهما، كنت مصرا على إكمالها لدراستها وخاصة كونها متفوقة للغاية، ومحققا لأمنية أخي الراحل ووصية زوجته الراحلة أيضا، لقد توفيت والدتها ولم يكن عمرها يناهز الثالثة بعد، لدى أخي اثنين من الأبناء، ابن أكبر يفوق أخته الصغرى بثلاثة أعوام.
أتذكر جيدا يوم إخبار كليهما بخبر وفاة والدهما الذي اتهم زورا في قضية سرقة، كان ذات يوم في عمله فقد كان يعمل حارسا ليليا يسهر طوال الليل على حماية مكان عمله بكل ما فيه من أشياء ثمينة، عمد إلى صحبته بعض أصدقاء السوء وقاموا بتنويمه وسرقوا كل شيء بالمكان، وبعدها بطريقة ما وبواسطة بعض المسئولين لفقوا إليه تهمة السرقة، دخل السجن مظلوما ومن شدة حسرته على أبنائه الصغار بعدما حكم عليه بالسجن لمدة خمسة عشرة عاما لتدخل المسئولين، وبنفس اليوم الذي حكم عليه فيه توفي أخي، لقد كان متفائلا خيرا ويضع كامل ثقته بربه أنه سبحانه وتعالى سيجبر كسره ويكشف الحقيقة الكاملة وراء براءته، ولكنه لم يتحمل الظلم وشدته الذي وقع عليه فتوفي مكانه.
وبعد رحيله عنا بثلاثة شهور ظهرت الحقيقة بكل وضوح، ولكن كيف لنا إفادة منها بعدما فقدناه ورحل عنا، قاما أهل زوجتها بأخذ أطفاله وخاصة أن خال الأطفال لا ينجب مطلقا، فعمل على تربيتهما، ونحن أيضا لم نتركهما كنا نخذهما في الإجازات وبعد انتهاء أيام الدراسة.
عندما تقدم ابن الجيران لخطبتها كنت في شدة غيرتي وخاصة أنها كانت تفوق كل بنات العالم جمالا، كانت تتميز بنقاء بشرتها بيضاء اللون، وعينيها عسلية اللون، كان كل من ينظر إليها لا يتمنى إبعاد ناظره عنها، ولكن ابن الجيران سرق قلبها، بداية صارح أخته برغبته الشديدة في الزواج بها، فقامت أخته الذكية بالتقرب والتودد من ابنة أخي، ومرة في مرة إلى أن مال قلبها كليا ناحيته، فأصبحت تحبه بل تعشقه وبشدة.
.
كان دائم الحرص على سعادتها على الرغم من كونه أيضا حريصا على سيرتها بين بقية الجيران، كان يجلب من أجلها كل ما تحتاج إليه الفتيات ولكن يجعل أخته من تقدمه لها، تحدث في أمر الزواج بها مع عائلة والدتها فأعلموه بضرورة التحدث إلينا أولا، سافر من أجلها من قرى الصعيد إلى القاهرة ليحدثنا في أمره، وعندما اعترضت لرغبتي الشديدة في جعلها زوجة لابني والذي يحبها حبا شديدا لاقيت الأمرين من جدها (والدي) إذ أن الفتاة كان تعلم جدها بكل ما يطرأ عليها أولا بأول، وأن والدي كان يعلم مدى علاقة الحب القوية التي تربط كليهما ببعضهما البعض، تمنيت حينها أنني لم أقبل يوما رحيلها عنا وعيشها مع عائلة والدتها حتى لم تكن لتلتقي بابن الجيران الذي ملك عليها قلبها البريء.
في نهاية المطاف استطاع ابن الجيران الفوز بها كليا وجعلها ملكة متوجة على عرش منزله الفره الذي تمكن من بنائه خصيصا لأميرة قلبه، حقيقة لا أستطيع أنكرها لقد حقق لها السعادة الكاملة فعلى الرغم من صغر سنه وعدم إكماله لتعليمه إلا أنه يمتلك عقلية فازة مكنته من جني الكثير من الأموال الطائلة بسن صغيرة للغاية.
جميعنا اطمأنت قلوبنا على صغيرتنا الجميلة، ونتمنى أيضا الاطمئنان على أخيها بأن يجد ابنة الحلال التي تعوضه عن حرمانه وفقده العديد من الأشياء والتي كان أولها والدتها وثانيها والده.