هل الزّمانُ متوقّفٌ ونحن نَسيرُ نحوَه، أو خطٌّ ثابتٌ نَسيرُ فوقَه، أو نحنُ الثابتونَ والزّمانُ يأتي نحوَنا ثمّ يَعدونا إلى غيرِنا، فَمَن مِنّا يبْتَلعُ الآخَر
هذا سؤالٌ من أسئلة المعرفَة الفلسفية، سألَه جورج لايكوف، والمعرفةُ هنا مَعرفَةُ حَركةِ الزّمان بين الحقيقَة والمَجاز، أو بين المعنى المادّيّ والمَعْنى الاستعاريّ، وأنّ من الاستعارَة أن نتصوّر أنّ الزّمانَ قادمٌ إليْنا متحرّك ونحنُ ساكنونَ ، فهو قولٌ لا يُراد به مَعْناه ولكن يُرادُ به ما فوقَ ذلك وهو تصوير التّسارُع في خُطا الزّمان وحركيّته وتَبديله لأحوال الخَلق، نستعيرُ للزمان خُطا وقَدمَيْن تُسرعان وعَيْنَيْن تنظران إلى الأمام، نتصورُه كذلك بناء على الأطر التصوريّة التي تؤطرُ تفكيرَنا
ولكن لماذا نستعيرُ للزمان ما للإنسان؟ والجوابُ: أنّ الاستعارةَ يدفعُ إليْها حاجتُنا إلى تحويل الإشكالاتِ التي نحسُّ بها والمَعاني التي نُعانيها ونُعالجُها وتُلازمنا، إلى مَفاهيمَ وتصوراتٍ ماثلة في الأذهان، ليسُهلَ استحضارُها ويتيسّرَ اقتناصُها وتمييزُها من غيرِها واستدعاؤُها. فالتّجريدُ التصوّري أو تَحويلُ الأشياءِ إلى مَفاهيمَ ضرورةٌ معرفيّة نتمكّن بها من قراءَة العالَم وتأويله لتَحويله، وإلاّ صعُبَ العيشُ بين الناس والأشياء والأفكار