في نظريّة التّلقّي ونَقْد استجابات القارئ
من الذين ألفوا في استجابَة المتلقي: جين ب.تومبكنز، الذي جَمَع مقالات لكتاب ونقاد في موضوع التلقي، وألف كتاباً جماعيا، عنوانُه: نقد استجابة القارئ، من الشكلانية إلى ما بعد البنيوية.
لقَد أصبحَت مفاهيمُ كالمؤلفين والمتكلمين والقُرّاء والقراء الصّوريين، والاعتقاد في النص، ونقد النص، ونقد استجابَة القارئ للنص... من المفاهيم الرئيسة في قضية القراءَة والتلقي والتأويل، بل أصبَحَت مقولةُ: "نقد استجابة القارئ" Reader-Response Criticism، ركناً من أركان نظرية ستانلي فيش الوجودية، ونظرية إيزر في جمالية التلقي، وأهم ما طبَعَ نظريات التلقي وميَّزها عن النظريات النقدية السابقَة، نبذُ مقاصد المؤلف عموماً، وحصر المَعْنى في المتلقّي للنص. و لهذا تسمى نظريته بنقد استجابَة المتلقي، مَثلاً : يزعم ستانلي فيش أن الجماعة المؤولة هي التي تُنشئُ واقع النص، وهي التي تسبغ على النص معنى. غير أنّ هذا المَعْنى ليسَ للنص، بل للقارئ ، أو للجماعة القارئة . فمَعاني النص يُنشئُها القارئُ، لأنّ القارئَ مركزُ اهتمام كلّ تأويل، والمَعْنى الذي يكشفُه القارئُ ليسَ شيئاً يتوصّلُ إليْه بل هو أمرٌ يحملُه في نفسه ويُعدّ جزءاً من رؤيته وتصوُّره ومهاراته، فلا وُجودَ لأساس ثابت للمعنى. ولا وجودَ لتأويل صحيح مُطلقاً؛ لأن المَعْنى عندَه لا يوجد في حيّز معيّن، ولكنّه قائمٌ في ذاتِ القارئ. ويتحصَّلٌُ من هذا التصّور النسبيّ أنّ المَعانيَ التي يولّدُها القارئُ يدخلُ في توليدها وتشكيلها والتأثيرِ فيها السياقُ الاجتماعيُّ أيضاً؛ إذ كلُّ تفكير أو معرفةٍ أو تأويلٍ لا ينبثقُ إلاّ من السياق الاجتماعي الذي يُحيطُ بالقارئ.
فإذا أسندَت للقارئ قراءةٌ مُعتمَدَةٌ مركزيّةٌ فإنّه يُعدّ مسلكا وواسطة لحُضور المُجتمَع الذي يعيشُ هو فيه، بثقافته ورؤاه وتقاليده وعَقائده