من أوراق كربلاء ---٤
يحيى غالي ياسين
الورقة الرابعة : مَن الغالب ..؟
من أهمّ اسئلة كربلاء هو سؤال : مَن الغالب ..؟ وأول من سؤل به هو الإمام زين العابدين ع حين رجوعه الى المدينة من قِبل ابراهيم بن طلحة بن عبيد الله ، حين قال للإمام ع : من الغالب ؟
وكان أفضل جواب وأبلغ ردّ خرج منه عليه السلام وبه اختصر اجوبة جميع اسئلة كربلاء حيث قال له : " إذا دخل وقت الصلاة فأذّن وأقم تعرف الغالب " مقتل الامام الحسين ع للمقرّم .
ما اعظمه من جواب ..!! بقاء الدين ، ورفع شعار الرسالة ، هو النصر الذي ابتغاه ابو عبد الله ، وهو اعظم غَلَبة وأبيَنُ فتح ..
لم يصل الى مغزى الإجابة مَن لم يعرف الفرق بين مفهوم الثورة ومفهوم المعركة .. الثورة تهدف الى صناعة مستقبل من خلال تغيير واقع وتثبيت مبدأ وحفاظ على أصل ، أما هدف المعركة هو الفوز على العدو في ظرف المعركة الراهن ..
أسلحة الثورة هي أسلحة الحق ، قد تكون حجةً دامغة ، أو كلمةً طيّبة ، او دماً طاهراً أو مَظلمة تُصاب او حيفاً يلوح .. ربما تصبح من عدّتها دمعة يتيم ، أو كرامة من الله يحققها او معجزة سماوية يُنجزها او ذكرى تدوم أو جمرة تتقد .. اما اسلحة المعركة فهي سيفٌ يرمى متى ما ثُلم حدّه ورمح يُترك متى ما كُسر نصله ..
نصر الثورة وثمارها تقتطف ولو بعد حين ، وثأرها يؤخذ ولو طالت السنين . ولينتظر المشككون شهري محرم وصفر ولينظروا من المنتصر !!
الحسين عليه السلام قائد عسكري قد خبر الحروب ، أبوه علي بن ابي طالب ، قتّال العرب ، معه قادة العرب وشجعانها ، يعرفون جيداً كيف تُدار المعارك وما هي عدّتها ، يُحسنون صنع الانتصارات ، يعلم جون جيداً ان الصدر العاري امام السيف هو قرار موت وإهداء جولة ناجحة للخصم ، والعباس يدرك تمام الإدارك ان طلب الماء من شريعة يحرسها اربعة الاف مقاتل انما هي عملية استشهادية صريحة ، كان القاسم بن الحسن يرتدي نعلاً لايليق بظروف المعركة ولا يقاوم شسعه كرّاً على القوم ..
بنحر الطفل الرضيع غلب الحسين سهم حرملة ، وبقربة العباس سقى كربلاء سُقية لا تموت بعدها ابدا .. كربلاء ثورة ، يُسأل عن اهدافها وثمارها وانجازاتها ، وليست معركة كي يُسأل عن الغالب فيها ..
قال تعالى : مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا
مع ورقة اخرى ..