قال خبير طبي من مستشفى كليفلاند كلينك إن أكثر من 125 مليون مريض بالصدفية في جميع أنحاء العالم بات بوسعهم السيطرة على هذا المرض الجلدي الذي يُعدّ أحد أمراض المناعة الذاتية، وذلك بفضل التطوّرات السريعة الحاصلة في العلاجات الطبية.
جاءت هذه التصريحات على لسان الدكتور أنطوني فرنانديز مدير الأمراض الجلدية للمرضى الداخليين في كليفلاند كلينك، الذي أكّد بمناسبة الشهر العالمي للتوعية بالصدفية، أن هذا المرض غير المُعدي كثيرًا ما يُساء فهمه وتشخيصه، بالرغم من كونه أحد أكثر أمراض المناعة الذاتية شيوعًا في العالم.
وترتبط الحالات التي تتراوح بين المتوسطة والشديدة من الصدفية بالتهابات في بعض أنظمة الجسم يمكن أن تتسبب في حدوث أضرار جسيمة للأعضاء والمفاصل، وأن تؤدّي حتى إلى الوفاة إذا ما تُركت من دون علاج، وفقًا للدكتور فرنانديز، الذي أكّد أنه "أصبح بمقدور جميع المرضى تقريبًا الآن السيطرة على الصدفية في ضوء التطورات الطبية الحديثة التي تتراوح بين المراهم الموضعية والعلاجات البيولوجية لكامل الجسم".
وتُعدّ الصدفية اضطرابًا جلديًا شائعًا يتكون من بُقع ولويحات سَميكة من الجلد تسبب الحكّة، وتصيب أكثر من 8 ملايين أمريكي، وفقًا للمؤسسة الوطنية لمرض الصدفية، و125 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وفقًا للاتحاد الدولي لجمعيات الصدفية.

ولا توجد طريقة للوقاية من الصدفية التي غالبّا ما تكون أسبابها وراثية تقترن بمحفزات خارجية، مثل الجروح أو الإجهاد أو الالتهابات العُقدية، أو حتى تناول بعض عقاقير ضغط الدم ومضادات الملاريا. وينصح الخبراء المرضى المصابين بالصدفية بالحفاظ على نمط حياة صحيّ وتجنّب عوامل الخطر مثل التدخين أو السمنة.
وأوضح الدكتور فرنانديز أن الصدفية التهاب مزمن يمكن أن يكون له تأثيرات في نظام الأوعية الدموية، ما قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أو التهاب الأمعاء أو التهاب المفاصل. وأضاف: "يُعدّ الأشخاص في العشرينيات من العمر الفئة الأكثر تعرّضًا للصدفية، لكن على كبار السن الانتباه إلى أن إصابتهم بطفح جلدي يتزامن مع آلام في المفاصل قد تكون من أعراض الصدفية أو التهاب المفاصل الصدفي، لا سيما وأن ثلث مرضى الصدفية ينتهي بهم المطاف مصابين بالتهاب المفاصل الصدفي، الذي يمكن أن يدمّر المفاصل نهائيًا إذا لم يخضع للعلاج بطريقة صحيحة".
وقد تكون إصابة كثير من المرضى إصابة خفيفة يمكن علاجها بزيارة طبيب الأمراض الجلدية والحصول على وصفة طبية بعقاقير موضعية، مثل الستيرويدات أو المستحضرات المرطبة أو قطران الفحم.
لكن نسبة كبيرة من مرضى الصدفية المراجعين في مستشفى كليفلاند كلينك، الواقع بمدينة كليفلاند في ولاية أوهايو الأمريكية، يعانون من صدفية متوسطة إلى شديدة، والتي تُعرّف بأنها الصدفية التي تزيد فيها مساحة الجلد المتقشّر على ثلاثة أكُفّ.
يمكن علاج الصدفية المتوسطة إلى الشديدة بالأشعة فوق البنفسجية من النوع "ب" UVB، وعقاقير الريتينويد المرتبطة بفيتامين "أ"، والميثوتريكسات التي يمكنها أيضًا علاج التهاب المفاصل، والسيكلوسبورين المثبط للمناعة. ويرى أطباء كليفلاند كلينك أن معظم الحالات المتوسطة إلى الشديدة تخضع لسيطرة مُحكمة في غضون ثلاثة أشهر لتبدأ حياة المرضى في التحسن بصورة ملحوظة.

وقد شهدت الأبحاث الطبية اكتشافات أدّت إلى تطوير علاجات جديدة مثل مثبطات عامل نخر الورم، وعلاجات بيولوجية أخرى قابلة للحقن، وحبوب التعديل المناعي الجزيئي.
واعتبر الدكتور فرنانديز أن العقاقير البيولوجية "أحدثت ثورة في قدرتنا على التحكم بطريقة مناسبة في الصدفية المتوسطة إلى الشديدة"، مشيرًا إلى أن الباحثين الطبيين يحاولون حاليًا تحديد علامات الدم التي يمكن بها الاستدلال على احتمالية إصابة مرضى الصدفية بالتهاب المفاصل الصدفي وتحديد خلايا المنشأ المناعية للصدفية، والتي قال إن "القدرة على تدميرها في يوم من الأيام يمكن أن تؤدي إلى علاج الصدفية"، معربًا عن أمله في أن يؤدي المزيد من التقدّم في الأبحاث الجارية حاليًا إلى "الوصول إلى علاجات أفضل، وربما علاج نهائي يقضي على هذا المرض في العقود المقبلة".