TODAY - 13 October, 2010
الشهيد محمد صادق الصدر.. عطاء ثرّ في محراب الفداء والتضحية
ألهب جذوة الثورة ضد الطغيان فدفع حياته ثمناً
بغداد
تكتسب ذكرى اسشهاد آية الله العظمى السيد محمد محمد صادق الصدر اهمية خاصة ، لكونه لم يكن مجرد رجل دين ثوري ، وانما تولى قيادة حركة هزت اركان نظام متجبر
فلم ير امامه من بد الا تصفيته جسدياً على امل القضاء على تلك الحركة الفكرية التي الهبت الشارع حينذاك ، ولكن جذوة الثورة لم تنطفئ لدى انصار الصدر ، بل بقيت متقدة لدى سائر العراقيين الرافضين لنهج النظام وطغيانه.
ومن نافلة القول ان تاثير الصدر لايزال سارياًُ حتى الان ، لتكتسي ذكرى استشهاده هذه الاهمية التي تتيح لنا اقتناص العبر والدروس وتمنحنا العزم والشجاعة على رفض الظلم والطغيان في اي زمان ومكان وايا كان مصدرهما.
ولد الشهيد الصدر الثاني في مدينة النجف الاشرف في 17 ربيع الاول عام 1362 هـ وعاش في كنف جده لأمه آية الله العظمى الشيخ رضا آل ياسين، . نشأ في كنف والده السيد الحجة محمد صادق الصدر وكان وحيداً لوالده .
ويرجع نسبه الى الإمام موسى بن جعفر عليه السلام في سلسلة نسبية قليلة النظير في صحتها ووضوحها وتواترها، فهو محمد ابن السيد محمد صادق ابن السيد محمد مهدي ابن السيد اسماعيل (الذي سميت اسرة الصدر بأسمه) ابن السيد صدر الدين محمد ابن السيد صالح بن محمد بن ابراهيم شرف الدين (جد أسرة آل شرف الدين) ابن زين العابدين ابن السيد نور الدين علي ابن السيد علي نور الدين بن الحسين بن محمد بن الحسين ابن علي بن محمد بن تاج الدين أبي الحسن بن محمد شمس الدين بن عبد الله بن جلال الدين بن احمد بن حمزة الاصغر بن سعد الله بن حمزة الاكبر بن أبي السعادات محمد بن ابي محمد عبد الله (نقيب الطالبيين في بغداد بن أبي الحرث محمد بن أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي طاهر بن ابي الحسن محمد المحدّث بن أبي الطيب طاهر بن الحسين القطعي بن موسى أبي سبحة بن ابراهيم المرتضى ابن الإمام أبي ابراهيم موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام.
و مما شاع وعرف بين آل الصدر، أن والدته اكانت قد آيست من الحمل فتوسلت بالرسول عند تشرفها بزيارته أثناء الحج، أن ترزق ولداً، ونذرت أن تسميه (محمداً)، فتحقق لها ما أرادت بعد ذلك، وكان الشهيد ولدها الوحيد ولم ترزق بغيره.
وقد نشأ سماحته في بيت علم وفضل ورزق العلم منذ صباه بواسطة والده السيد محمد صادق الصدر. وكان لنشأته وتربيته الدينية انعكاس في خلقه الرفيع وسماحته وبشاشته وصدره الرحب الذي يستوعب كل الأسئلة الموجهة إليه حتى المحرجة منها.
تخرج السيد محمد محمد صادق الصدر في كلية الفقه في النجف الاشرف في دورتها الاولى عام 1964 ، وكان من المتفوقين في دروسه الحوزوية كما تؤكد روايات زملائه .وقد درس جملة من العلوم والمعارف الدينية عند مجموعة من بينهم ، الشهيد محمد باقر الصدر ، والسيد محسن الحكيم ، والمرحوم الحجة محمد رضا المظفر صاحب كتاب اصول الفقه والمنطق ، والحجة السيد محمد تقي الحكيم ، والملا صدر البادكوبي ، والمرجع ابو القاسم الخوئي ، بالاضافة الى الإمام الخميني. بدأ بتدريس الفقه الاستدلالي (الخارج) اول مرة عام 1978، وكانت مادة البحث من (المختصر النافع) للمحقق العلامة الحلي. وبعد فترة باشر ثانية بالقاء ابحاثه العالية في الفقه والاصول (ابحاث الخارج) عام 1990 واستمر متخذاً من مسجد الرأس الملاصق للصحن الحيدري الشريف مدرسة وحصناً روحياً لانه اقرب بقعة من جسد الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام).
مؤلفاته :
نظرات إسلامية في إعلان حقوق الإنسان ـ فلسفة الحج في الإسلام - اشعة من عقائد الإسلام- القانون الإسلامي وجوده، صعوباته، منهجه - موسوعة الإمام المهدي، صدر منها : أ - تاريخ الغيبة الصغرى ب - تاريخ الغيبة الكبرى ج - تاريخ ما بعد الظهور د - اليوم الموعود بين الفكر المادي والديني - ما وراء الفقه (موسوعة فقهية)، وهو عشرة أجزاء - فقه الأخلاق - فقه الفضاء - فقه الموضوعات الحديثة- حديث حول الكذب- بحث حول الرجعة - كلمة في البداء- الصراط القويم- منهج الصالحين (وهي رسالة عملية موسعة اشتملت على المسائل المستحدثة - مناسك الحج - كتاب الصلاة - كتاب الصوم - أضواء على ثورة الإمام الحسين (عليه السلام( ـ منّة المنان في الدفاع عن القرآن - منهج الاصول - التنجيم والسحر مسائل في حرمة الغناء.
مخطوطاته
الجزء السادس من موسوعة الإمام المهدي بعنوان هل إن المهدي طويل العمر ـ بحث الخارجي الاستدلالي الفقهي حوالي 8 أجزاء ـ دورة في علم الاصول على يد المحقق السيد الخوئي.- بين يدي القرآن - دورة في علم الاصول على يد السيد أبي جعفر - مباحث في كتاب الطهارة الاستدلالي ـ المعجزة في المفهوم الإسلامي - مبحث في المكاسب مجموعة أشعار الحياة (ديوان شعر) ـ اللمعة في أحكام صلاة الجمعة ـ الكتاب الحبيب إلى مختصر مغني اللبيب - بحث حول الشيطان - تعليقة على رسالة السيد الخوئي - تعليقة على كتاب المهدي لصدر الدين الصدر - سلسلة خطب الجمعة - فقه الكيمياء - وصيته - أجزاء باقي كتاب منهج الأصول - شرح كتاب الكفاية.
اجازته في الرواية
له اجازات من عدة مشايخ في الرواية اعلاها من: آية الله حسن الطهراني المعروف بـ (اغا بزرك الطهراني) صاحب الذريعة عن اعلى مشايخه وهو الميرزا حسين النوري صاحب مستدرك الوسائل، ومنهم والده الحجة آية الله السيد محمد صادق الصدر وخاله آية الله الشيخ مرتضى آل ياسين وابن عمه آية الله الحاج اغا حسين خادم الشريعة وآية الله السيد عبد الرزاق المقرم الموسوي (صاحب كتاب مقتل الإمام الحسين عليه السلام) وآية الله السيد حسن الخرسان الموسوي وآية الله السيد عبد الاعلى السبزواري والدكتور حسين علي محفوظ وغيرهم.
سيرة جهادية
اعتقل النظام السابق الشهيد الصدر عدة مرات ومنها: عام 1972 قام النظام باعتقال السيد محمّد محمد صادق الصدر مع الشهيد السيد محمد باقر الصدر والسيد محمد باقر الحكيم وفي عام 1974 اعتقل الصدر في مديرية امن النجف وعندما احتج على سوء معاملة السجناء نقل الى مديرية امن الديوانية وكانت اشد من مديريات الامن الاخرى ، فبقي رهن الاعتقال والتعذيب النفسي والجسدي عدة اسابيع ، وفي 1998 أستدعي للتحقيق عدة مرات ، وفي 1999 قام النظام بالتحقيق مع السيد الصدر مرات عديدة جرى خلالها تهديده قبل اغتياله.
عطاء فكري
تفرد الصدر بنمط سلوكي نادر فقد انفصل عن التجارب الحزبية بعد أن تذوق هشاشتها وضعفها . نادى بمشروع الدعوة إلى الله وفق بساطة الإسلام والتوجه إلى الناس مباشرة بخطاب سلس مباشر عفوي وحاسم، مما جعله يحدث واحدا من أكبر الانقلابات الاجتماعية في العراق موظفا كل قدراته الفقهية في التأسيس لمرحلة ازالة الرعب المتـشبث بقــلوب العراقيــين .
لقد واكب الشهيد الصدر حركة الحياة، بتطوراتها، ومستجداتها، وتحدياتها، وآفاقها المستقبلية، واستطاع بلا تكلف ان يربط الفقه بالواقع وأن يبعث فيه روح التجديد، وبهذا الاستنتاج يمكن القول إنه كان فقيهاً عملياً واقعياً معاصراً ثـوريا.
التمهيد للاغتيال
اتخذ النظام السابق لتصفية الصدر بغية قمع اية حركة شعبية تلي عملية اغتياله وهذا ما حدث بالفعل في ما بعد . وقد حاول النظام فرض ائمة جمعة تابعين لوزارة الاوقاف وتحت اشرافها، إلاّ ان كل محاولاتها في هذا الاطار فشلت هي الأخرى لان الناس رفضوا الصلاة وراء اولئك الائمة ، ثم وقعت مواجهات في عدد من المدن سبقت عملية الاغتيال ، سقط خلالها شهداء، واسفرت عن إعتقال عدد من وكلاء الشهيد الصدر، وواصلت السلطة تحرشاتها ،فقامت بعملية انزال على مسجد الكوفة بدعوى اجراء مناورة عسكرية تزامنت مع قيام قوات الامن بفتح الابواب الرئيسية بالقوة، وكانت هنالك قوة عسكرية متحصنة داخل المسجد، فكانت تلك العملية استفزاراً لمشاعر المصلين . لكن الصدر لم يتوقف عن مواجهته العلنية للسلطة ، ومطالبته المستمرة من على منبر صلاة الجمعة باطلاق سراح وكلائه المعتقلين ، وكان الصدر في المقابل يرفض جميع مطالب رئيس النظام التي يرى انها لا تتوافق مع منهجه وعقيدته ، الامر الذي هيج غضب رأس النظام ، فكانت عملية اغتياله مساء الجمعة الثالث من ذي القعدة عام 1419ـ الموافق 18 شباط 1999 ، كانت تحصيل حاصل.
الواقعة المؤلمة
اعتاد السيد الصدر على ان يقيم مجلس تعزية في البراني مساء كل يوم جمعة، على ان يغادر إلى بيته مع ولديه وفي الليلة التي استشهد فيها خرج مع ولديه مصطفى ومؤمل بلا حماية ولا حاشيـة نظراً لان المسافـة إلى البيت كانت قريبـة، وفيما كانوا يقطعون الطريق إلى بداية منطقة (الحنانة) وعند ساحة ثورة العشرين نزل افراد مسلحون من سيارة اولدزموبيل وتوجهوا بنيران اسلحتهم الرشاشة على سيارة الشهيد، فأستشهد ولداه في الحال، ونقل هو الى المستشفى مصاباً برأسه ورجليه، قبل ان يفارق الحياة بعد نحو ساعة.
غضب جماهيري
ادى استشهاد الصدر الى غضب جماهيري عارم ، إذ اندلعت من جامع المحسن في مدينة الصدر التي كانت تحمل اسم صدام تظاهرات صاخبة اغلقت الشوارع الرئيسة للمدينة من جهة قناة الجيش وساحة مظفر والحبيبية وحي جميلة، ورفعت شعارات ضد صدام حسين وندّدت باغتيال الصدر، وقذفت جداريات صدام بالوحل، فقامت قوات الامن المختلفة بمهاجمة المتظاهرين ، فيما كانت المدرعات والدبابات على اهبة الاستعداد للتدخل ، فأخمدت الانتفاضة في يومها الاول وهذا الامر حدث ايضا في الناصرية والنجف التي شهدت مواجهات محدودة بسبب الكثافة الامنية .
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Daleen
