سحب الغاز المكتشفة مؤخرا باردة جدا ودرجة حرارتها أصغر بفارق 10 أضعاف عن السحب التي اعتاد مركز مجرتنا أن يطردها للخارج (ناسا).
تمكن فريق بحثي من الجامعة الوطنية الأسترالية من تحقيق أول رصد ممكن لسحابة غامضة من الغاز يقوم مركز مجرتنا درب التبانة بلفظها إلى الخارج، الأمر الذي يطرح تساؤلات جديدة تتحدى النظريات القائمة عن تطور مجرتنا.
سحب باردة
صدرت تلك النتائج المثيرة للانتباه -التي نشرت في دورية نيتشر Nature وأعلنت عنها الجامعة الوطنية الأسترالية Australian National University– في إصدار صحفي رسمي يوم 20 أغسطس/آب الجاري.
وللتوصل إلى النتائج استخدم الفريق البحثي تجربة مستكشف أتكاما "أبيكس" (Atacama Pathfinder EXperiment) (APEX)، وهو مرصد في تشيلي، والمرصد الأوروبي الجنوبي "إسو" (European Southern Observatory) (ESO) التابع لوكالة الفضاء الأوروبية.
وتتصور النظريات السائدة في هذا الوسط البحثي أن طرد سحب الغاز الساخن من المجرات هو أمر ممكن بالفعل، ويحدث في مركز الكثير من المجرات.
وتفسير ذلك أن مركز المجرة بطبعه مكان عنيف، ويمكن للتفاعلات التي تحدث خارج الثقب الأسود العملاق في مركز المجرة أو للمستعرات العظمى (انفجارات النجوم) التي تندلع كثيرا في تلك المنطقة أن تتسبب في دفع كتل ضخمة من الغاز الساخن إلى خارج المجرة.
لكن الكشف الجديد يتعارض مع تلك الافتراضات، فسحب الغاز المكتشفة مؤخرا باردة جدا، ودرجة حرارتها أصغر بفارق 10 أضعاف عن السحب التي اعتاد مركز مجرتنا أن يطردها للخارج، وذلك لأن السحب الباردة تكون أكثر كثافة ولا يمكن بسهولة دفعها بنفس الطريقة التي تفسر طرد السحب الساخنة.
الفريق البحثي استخدم تجربة مستكشف "أتكاما" (أبيكس) والمرصد الأوروبي الجنوبي (إسو) للتوصل إلى النتائج .
لغز معقد
ويزداد اللغز تعقيدا حينما يقوم العلماء برصد مجرات أخرى تدفع بالسحب الباردة إلى الفضاء، حيث يكتشفون أن تلك المجرات تحتوي في مراكزها على ثقوب سوداء عملاقة أكثر ضخامة من الثقب الأسود العملاق الخاص بمجرة درب التبانة، مما يعني قدرة على دفع سحب باردة وثقيلة، لكن من المفترض ألا يحدث ذلك في مجرتنا.
وللبحث عن السر وراء هذا اللغز تعاقد باحثو الجامعة الوطنية الأسترالية مع المرصد الأوروبي الجنوبي على مجموعة مستقبلية من الأبحاث التي ترصد عددا أكبر من السحب التي تخرج من مركز مجرتنا درب التبانة.
ويأمل الفريق أن تساعد تلك النتائج الجديدة في فتح الباب لتساؤلات أكثر عمقا عن مصير مجرتنا درب التبانة، فتلك السحب الغازية تحتوي على غاز الهيدروجين الذي يساعد في بناء النجوم الجديدة، وطردها بكثافة يعني أن عمر المجرة قد يصبح أقصر.