يوما ما كانت الحورية الصغيرة تسبح في مياه البحر وجدت كنزا، وكان الكنز مكونا من مجموعة كبيرة من الحلي والمجوهرات الغالية والنادرة، أخذت الحورية الصغيرة الكنز وخبأته في قوقعة، وكانت الحورية الصغيرة يوميا تتفقد الكنز وهي سعيدة جدا بالكنز الذي جاء لها بالصدفة من عالم الإنسان.
وكان طائر النورس يزور الحورية الصغيرة ويعطيها شيئا ثمينا تضعه ضمن الكنز الذي وجدته، ويوما ما أتى النورس للحورية وهو سعيدا جدا وقال لها أنه وجد أحد الأعشاب النادرة، ففرح الحورية الصغيرة كثيرا، وظلت الحورية الصغيرة تتأمل العشبة المكونة من أربع أوراق خضراء جدا.
وفي اليوم التالي ذهبت الحورية الصغرة لصديقها النورس وقالت له أنها عرفت أن هذه العشبة جالبة للحظ السعيد، وأنها أتت له ولصديقهما سرطان البحر لكي تعرف حقيقة الأمر.
وفي طريق سيرهم وجدا سرطان البحر زجاجة مصنوعة من الكريستال، فقالت الحورية الصغيرة أن العشبة حقا جالبة للحظ السعيد فقد وجدنا للتو هذه الزجاجة السعيدة، قال سرطان البحر وهو يضحك هذه خرافات يا صديقتي العزيزة وأن كل الأمر أنه وجد الزجاجة المصنوعة من الكريستال بالصدفة لا أكثر ولا أقل.
لكن الحورية الصغيرة تمسكت كثيرا برأيها ولم تتزعزع عنه أبدا، وضعت الحورية الصغيرة العشبة بين صفحات أحد الكتب التي تملكها، ومرت أيام كثيرة وظنت الحورية الصغيرة أن حظها يتحسن يوما بعد يوم، فقد ضاع منها عقده منذ فترة لكن سفينة محملة بالمجوهرات مرت بالبحر الذي يسكنونه فسقط منها صندوق كبير يحمل المجوهرات ففرحت الحورية وظنت انه عوضا عن عقدها الضائع.
وعرفت الساحرة الشريرة بأمر الحورية الصغيرة، وأمر العشبة الجالبة للحظ السعيد، فقررت أن تسرقها من منزل الحورية الصغيرة، بحثت الساحرة الشريرة كثيرا وطويلا عن العشبة فلم تجدها بل أنها مزقت الكتاب الذي كان موضوع فيه العشبة ولكنها لم ترى العشبة نفسها، ولما عادت الحورية الصغيرة ووجدت غرفتها مدمرة كليا وكتابها الذي تحبه ممزق والعشبة مزقت أيضا حزنت كثيرا وبكت بحرقة شديدة.
وبمرور الأيام حدثت عدة أحداث مؤسفة للحورية الصغيرة فمرة انكسرت الزجاجة المصنوعة من كريستال التي أهداها لها سرطان البحر، ومرة ضاعت بعض مجوهراتها الثمينة، فحزنت الحورية الصغيرة، فلاحظ سرطان البحر أن صديقته الحورية الصغيرة أصبحت أكثر حزنا مما قبل فقرر أن يحضر لها عشبة مماثلة لعشبتها التي كانت تملكها سابقا، فرحت الحورية الصغيرة كثيرا وجدا بالعشبة الصغيرة، وشكرت صديقها سرطان البحر على هديته القيمة.
ولقد ظنت الحورية الصغيرة أنها هي عشبتها القديمة لكن سرطان البحر أخبرها أنها عشبة أخرى تشبهها تماما، وأنه أراد من هديته هذه أن يخرج صديقته العزيزة من دوامة الحزن التي وقعت فيها بسبب العشبة الممزقة.
فهمت الحورية الصغيرة درسا مهما أن أصدقائها سرطان الحر والنورس كانوا محقين لما قالوا أن العشبة لا تأتي بالحظ السعيد، ولكن كل شيء طيب وجميل يحدث لما نقتنع أن كل شيء آت هو طيب وجميل، وكل شيء سيء سيحدث إذا اقتنعنا أن كل سيء ورديء سيحدث، وأن علينا جميعا أن نتوكل على الله تعالى وحده وأن نحسن الظن به سبحانه وتعالى.