كتابة التاريخ تعرضت الى تشويه ممنهج
ليس على يد المستشرقين فقط بل حتى على ايدي الحكام المعاصرين
واكثرنا يتذكر عندما اقدم صدام حسين
على تشكيل ما سماه هيئة اعادة كتابة التاريخ فكتبوا ما يحلوا لهم
وقد قرأت كتاب من هذه الكتب وكان يتناول قصة حياة الامام الكاظم عليه السلام
وكيف كان يتسامر مع الخليفة هارون الرشيد وكيف كان يتعاون معه ويحترمه
ولايوجد اي خلاف بينهما كما يدعي الناس
ولم يكن للخليفة اي دور في موت الامام الذي مات في السجن
ومن هذه المعلومات المتناقضة والغير مترابطة
صدقاً.. تزوير التأريخ وجعله ضمن المنهج التعليمي كما في العشره المبشرين بالجنة... وتسمية السفاح لأنه كان يسفح المال سفحا... هذه المعلومات التي رسخها النظام السابق في أذهاننا حينها جعلت عدم مصداقيه والشك في كل ما قرأت ودرست وقتها ولحد الان اتأكد من أكثر من مصدر لاوثق المعلومات...
طرح جميل.. بانتظار جديدك
بوركت
كيف نقرأ تاريخ الحسين (٢):
ذكرنا سابقاً أنّ هناك نقاط ضعف عند مؤرخي الإمامية في ذكر تاريخ المعصومين (عليهم السلام) وكان من أقوى تلك النقاط هي كونهم ينقلون حوادث متفرقة عن تاريخ الأئمة مقرونة بزمان صدورها ومكانه ويحتاج الباحث التاريخي لأجل وضع الحوادث في زمانها ومكانها إلى جهد جهيد.
ونقطة الضعف هذه تسبب إشكالات في ذهن قراء التاريخ الحسيني، وعلى سبيل المثال نذكر هذه الشبهة نشأت من الجهل بالسياق التأريخي وهي:
ذكر من ضمن أهداف حركة الإمام الحسين (عليه السلام) هو الإستجابة لأهل الكوفة حين طلبوا منه القدوم، ورد السيد محمد الصدر هذا الهدف قائلاً: (أنه عليه السلام يعلم أن أهل الكوفة يومئذ كاذبون عن الإعراب عن موالاتهم ومبايعتهم، وإنما هم فسقة ومنافقون…).
وذكر أيضاً: (أنّه عليه السلام علم وهو في الطريق إلى العراق بغدر أهل الكوفة وقتلهم لمسلم بن عقيل وارتدادهم عن بيعته).
إلا أنّ بعض المستشكلين قال: أن الحر الرياحي جعجع به ومنعه عن المسير إلى حيث يريد، وعن الرجوع إلى المدينة المنورة، وبذلك سبب إلى وقوع الكارثة المروعة قي كربلاء، ولو لا ذلك لأمكنه عليه السلام الرجوع إلى المدينة أو الذهاب إلى أي مكان آخر بعد أن سقط تكليفه الشرعي بالذهاب إلى الكوفة).
ويدفع السيد محمد الصدر هذا الإشكال الذي على أساسه ذكروا الهدف المذكور بقوله: (إن مثل هذا التفكير جهلاً بالتاريخ الإسلامي كما وصل إلينا، فإن الحسين عليه السلام علم بمقتل مسلم بن عقيل وغدر أهل الكوفة حين كان ركبه في منطقة تسمى (زرود)، ولم يفكر بالرجوع يومئذ بل استمر في المسير… وذلك من أجل هدف آخر أعمق وأهم منه، ولم يكن التقى بالحر الرياحي يومئذ) [أضواء على ثورة الحسين ص ٩٩].
فانطر كيف أثر ترك السياق التاريخي المكاني والزماني على فهم وقائع الطف وجعل لها هدفاً غير مستهدف، فلو كان المستشكل قد قرأ تاريخ الحسين قبل خروجه من مكة ونصح المشفقين له من غدر أهل الكوفة لما حدث في ذهنه هذا الإشكال.
وعلى سبيل المثال لما نصحه ابن عباس بعدم الذهاب إلى الكوفة وقال له: (إني أخاف عليك في هذا الوجه (العراق) الهلاك والاستئصال فإن أهل العراق قوم غدر فلا تقربنّهم) ولم ينكر عليه الإمام ذلك بل قال له: (يابن عمّ؛ إنّي والله لأعلم أنّك ناصح مشفق، ولكني أزمعت على المسير) [موسوعة التأريخ الإسلامي ج ٦ ص ١٠٧].
محل الشاهد: إن التاريخ المجزء أو المقطع لا يولد رؤية واضحة عن أحداث كربلاء ووقائع الطف، وإنما الذي يولد تلك الرؤية الواضحة هو قراءة التاريخ بتسلسله كمسلسل متصل الحلقات، لكي توضع الأحداث كل في مكانها وزمانها المناسب، وهذا ما افتقر إليه المؤرخين الشيعة.
ويترتب على ذلك أنّ على القارئ أن لا يطالع الكتب التحليلية لواقعة الطف قبل أنّ يطالع التاريخ العام للإمام الحسين (عليه السلام) وهذا ما أشار إليه بعض المؤلفين للتحليل عن واقعة الحسين كالسيد محمد الصدر الذي نبه قبل مطالعة كتابه الأضواء على هذا الأمر قائلاً:
(أن يكون للفرد إطلاع كافٍ على تاريخ الحسين عليه السلام وأصحابه وأهل بيته، قبل وأثناء وبعد واقعة كربلاء، فإن سرد هذا التاريخ خارج عن اختصاص هذا الكتاب، ومن هنا تعمدت حذفه وتكلمت حوله معتمداً على الإطلاع العام في أذهان القرّاء عن ذلك، فإن لم يكن القارئ الكريم مطلعاً على هذا التاريخ فالأفضل له أن يراجع مصادره أولاً ثم يراجع هذا الكتاب ثانياً)[أضواء على ثورة الحسين ص ٢٠].
ومن هنا يحسن للقارئ مطالعة كتاب (موسوعة التاريخ الإسلامي) للشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي الذي أجهد نفسه كثيراً في ذكر تاريخ الأئمة (عليهم السلام) ضمن سياق تاريخي متصل معلوم الزمان والمكان وكان تأليفه على غرار تأليفات مؤرخو العامة إلا أنّه أرخ لآهل البيت عليهم السلام وبدأ من عصر الجاهلية إلى عصر الرسالة وختمها بالإمام المهدي في ١٠ اجزاء رائعة.
في الجزء السادس من تلك الموسوعة يتحدث عن بداية حركة الإمام الحسين إلى شهادته والثورات التي قامت بعده إلى تاريخ شهادة الإمام السجاد عليه السلام، فإن مطالعته قبل مطالعة التحليلات لواقعة الطف تعرف القارئ مقدار قيمة تلك التحليلات من وهنها بحيث لا ينطلي عليه بعدها أي تحليل وإن كان أجوفاً في عصر كثرت فيه التحليلات الجوفاء!
وإن كنت أعتقد أن هذه المطالعة بهذا المستوى لا تكفي لفهم الثورة الحسينية بل لا بد للفرد أن يطالع هذه الموسوعة من أولها إلى آخرها ليفهم حادثة الطف؛ لأن الأحداث بينها مترابطة حتى ظهور القائم المهدي وأنّ أهل البيت (عليهم السلام) وإن تعددت أدورارهم إلا أن الهدف واحد.