كيف نقرأ تاريخ الحسين ( عليه السلام ):
ذكر السيد محمد الصدر في كتابه (تاريخ الغيبة الصغرى) مقدمة مهمة حول المصادر التاريخية وأسباب القوة فيها وأسباب الضعف، وقسم المؤرخين إلى ثلاثة أقسام:
• المستشرقون
وهؤلاء في الغالب يبحثون في نقاط الضعف في تاريخنا ويدرسوها ويبثون الشبهات والشكوك عبر التاريخ الإسلامي، وكما نقل عن أحد الأساتذة في مؤتمر جامعة المستنصرية لعام ١٩٨٦ م : (أن المستشرقين درسوا ماضينا ليشوهوا حاضرنا) وبالتالي فكتبهم بالغالب لا تمثل أي قيمة.
• مؤرخون العامة
وذكر السيد محمد الصدر عدة نقاط ضعف في كتبهم من ناحية تاريخ الأئمة (عليهم السلام) وهي:
١ـ التعصب المذهبي الذي يتجلى على أشكال متعددة في ذهن مؤرخ وآخر، كعدم إيمانهم بقدسية الأئمة، وعدم ذكر فضائل أهل البيت كرهاً بالشيعة، وميلانهم إلى رؤساء مذاهبهم ومن يقدسونهم.
٢ـ كون تاريخ الأئمة لا يستجلب اهتمامهم لأنهم يورخون للملوك والسلاطين من بني أمية والعباس.
٣ـ ما يعود للجهاز الحاكم فالمؤرخ الذي يذكر تاريخ آل البيت يهدد بمنع العطاء ونحوه من قبل ملوك بني أمية والعباس.
• المؤرخون الإماميون
وهم الذين ليس فيهم نقاط الضعف التي ذكرت حول مؤرخي العامة، ولكن فيهم نقاط أخرى من الضعف ذكرها (قدس سره) وهي كالآتي:
١ـ أخذهم بالتقية التي يؤمنون بها ويطبقونها في جوانب حياتهم. فإن الضغط الذي عاشوه، كان يقلل من نشاطهم ويكفكف من أعمالهم، ويثير لديهم الحذر والكتمان، فيحملهم على التلميح بدل التصريح والاختصار عوض التطويل.
٢ـ ما تعرض له المسلمون بشكل عام، والأماميون بشكل خاص من القتل والتشريد على أيدي أشرار خلق الله وأعداء دين الله، وكانت الحروب تنصب فيما تنصب عليه، على المكتبات الفارهة الزاخرة، فيضاف إلى إتلاف النفوس إتلاف الكتب بالإغراق والإحراق لأجل قطع الأجيال المقبلة عن دينها المقدس والحديث عن النبي وأهل بيته عليهم السلام، وكانت عدد الكتب التالفة في كل حرب من حروب التتار والمغول والصليبيين يرتفع إلى مئات الآلاف!!
٣ـ ما يعود إلى الأسلوب العام الذي مشى عليه مؤرخونا، في حدود ما وصل إلينا من الكتب السالمة من التلف، وذكر عدة نقاط في ضعف كتابتهم في التاريخ كان من أهمها: مجيء هذه التواريخ مهملة في غالبها من المكان والزمان. لا يعلم في حدود ما نقلوه عام حدوثها ولا مكانها ولا مقارناتها من حوادث التاريخ. ومن ثم اكتنف الغموض أسبابها ونتائجها، واحتاج في ردها إلى موضعها الطبيعي من عمل جديد وجهد جهيد. مع مقارنتها ببعضها البعض.
وبسبب هذه النقطة حصل تشويش في فهم الأحداث في القضية الحسينية لعدم ترابط الأحداث فيما بينها؛ لأن المؤرخين الإمامية ينقلون لقطات من مسلسل كامل، وهذا يسبب تشويش في فهم الأحداث التاريخية المترابطة بعضها ببعض لواقعة الطف.