إذا قلت: مررت بزيد وبعمرو، فذا أقوى من قولك: مررت بزيد وعمرو أي حين نقول: الله صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أقوى من القول: اللهم صل على سيدنا محمد وآله؛ لأن الصيغة الأولى فيها فضل توكيد لوجود عاملين، الأول الواو النائبة عن تكرار الفعل، والثاني حرف الجر (على) أما الصيغة الثانية فليس فيها إلا عامل واحد وهو واو العطف النائبة عن الفعل، ولا شك أن وجود عاملين أقوى صناعة من وجود عامل واحد في الكلام ،ولذا قال الآلوسي: إذا قلت: مررت بزيد وعمرو فهو مرور واحد أما مررت بزيد وبعمرو فذا يعني مرورين (روح المعاني 1/135) فإن قلت: ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة الإبراهيمية نطقه بالأسلوبين، فالجواب: أن كلا الأسلوبين جائز عربية لكن مذهب أهل السنة هو الأقوى لغة، وقد أخبرني أخي الفاضل الدكتور عياد الثبيتي أن القاضي عياض أشار في كتابه الشفا إلى أن الرافضة الذين أسقطوا حرف الجر (على) مرادهم شدة اللصوق بالرسول صلى الله عليه وسلم لإرادة انحلال العصمة في الأئمة، – ولم أرجع إلى الكتاب المذكور – وواضح أنهم بذلك حرفوا الدلالة لأنهم جعلوا الواو نصاً في المعية مع أنها في أصل وضعها تدل على المعية احتمالاً، إنهم يرتكبون وزر انحراف الدلالة، حين حملوها هذه المعية تكلفاً لكي تسري العصمة من النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأئمة، أما مذهب أهل السنة ففيه من وضوح الدلالة ما لا يخفى، ففيه كما ذكرنا فضل توكيد بذكر عاملين كما فيه ضربٌ من الاستقلال، حين أعادوا الخافض، وكأن الآلوسي رحمه يرد عليهم حين تحدث عن قوله تعالى (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم) قال: والعطف وإن كان في قوة الإعادة لكنه ليس ظاهر اًمثلها في الإفادة لما فيه من الاحتمال (روح المعاني 1/135) رحم الله الآلوسي، وأجزل له الأجر والمثوبة على هذه الرقائق اللغوية التي تحمل في طياتها ما نحن بأشد الحاجة إلى بيانه في هذا الوقت، فالملايين من المسلمين يستمعون إلى صيغة الرافضة في قنواتهم الفضائية، ولا يعلمون الغاية منها كما لا يعلمون أن صيغة أهل السنة والجماعة هي الأقوى عربية .