بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
أيام قليلة تفصلنا عن عاشوراء الحسين ، المناسبة التي تحتل مساحة كبيرة في الوجدان الشيعي والاسلامي لما للامام الحسين بن علي من مكانة عالية لدى المسلمين ولكل الشرفاء في هذا العالم الذين نتشارك معهم في الانسانية والقيم التي ضحى من اجلها الحسين هو وأهله وأصحابه في كربلاء سنة 61 للهجرة 680 ميلادية، لكن هذا الموسم العاشورائي يبقى مختلف لما يمر به العالم من أزمات بسبب فايروس كوفيد-19 كورونا.
وهذا بطبيعة الحال خلق انقسام اجتماعي بين الناس في إحياء هذه المناسبة العظيمة بين مؤيد للإحياء وآخر معارض له والكل له مبرراته وتفسيراته التي يستند عليها لإثبات دعواه، وهذه ظاهرة صحية لا ينبغي الخشية منها مادام الاحترام والود قائم بين الأطراف جميعها، لكن يبقى الفيصل في ذلك رأي العلم واهل الاختصاص وهم الأطباء حيث كان لهم الكلمة الفصل في الموضوع وهو الاكتفاء بالإحياء عن بعد عبر المنصات التي يوفرها الانترنت سواء اليوتيوب أو شبكات التواصل الاجتماعي، لما تفرضه المصلحة العامة وحماية المجتمع من هذا الوباء الخطير، ومن تباعاته التي لا يحمد عقباها، والضرر الذي قد يخلفه هذا الفايروس على الناس لو حصلت الكارثة لا سمح الله في ذلك.
هنا العلم ممثلا في الأطباء قال كلمته يبقى مدى استجابة ووعي أفراد المجتمع لهذا البيان الذي صدر قبل أيام يحذر الناس من خطر التجمعات وما قد يسببه من زيادة الاصابة بالفايروس وزيادة الحالات الحرجة وبالتالي زيادة في معدل الوفيات لولا قدر الله تعالى. المسؤولية الآن على عاتق الفرد إما أن يعرض نفسه ومن يحب للخطر بالإصرار على التجمعات أو يحمي نفسه ومن يحب من هذا الفايروس والعبور إلى بر الأمان من خلال تأجيل مظاهر الاحياء للمواسم الأخرى والجميع في صحة وعافية.
يبقى هناك قلق لدى شريحة لا بأس بها من أبناء المجتمع وشعورهم بأن هويتهم مهددة بسبب عدم مقدرتهم على احياء شعائرهم الدينية وهو قلق مقدر ومشروع، لكن هناك أولويات يضعها الدين في الاعتبار ومقاصد لا ينبغي اغفالها منها حفظ النفس وحمايتها من أي تهديد وخطر وهذا مذهب العقلاء الذي لا يتعارض مع الرأي الديني وتوصيات الفقهاء، وهو مقدم على جميع الاعتبارات بما فيها الهوية التي لا وجود لها بدون الانسان الحامل لتلك الهوية سواء الدينية أو غيرها.
في الأخير كل فرد مسؤول وحر عن قراراته واختياراته التي تخصه فقط، أما إذا كان ذلك القرار فيه مضرة للأخرين وأذى لهم هنا حريتك تقف، لأن هذه الحرية تشكل تهديد لمن حولك وتسبب الخطر لك ولهم وهذا ليس من حقك أبدا، وبذلك تتحمل كامل المسؤولية عن أي ضرر يلحق بالأخرين من الناحية الأخلاقية والدينية هذا ما يخص الفرد، أما أصحاب المآتم والمجالس الحسينية فتقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة جدا، وأي تقصير أو خطا قد يعرض المجتمع للخطر الكارثي الذي لا نتمنى حدوثه وأن تمر هذه المناسبة بدون أضرار وخسائر بإذن الله تعالى، لذلك عليهم أخذ كلام الأطباء على محمل الجد وعدم التجاهل والاستخفاف بما جاء في البيان من تحذير وتوصيات وقلق يحيط بالمجتمع بسبب فايروس كوفيد-19.
ويبقى السؤال: هل أنت على قدر المسؤولية؟