بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته



روى الإمامُ الصادق عن رسول الله ﷺ حديثًا جاء فيه: ”إذا نشرت الدواوين ونصبت الموازين لم ينصب لأهل البلاء ميزان، ولم ينشر لهم ديوان، ثمّ تلا هذه الآية: «إنّما يوفى الصابرونَ أجرهم بغير حساب»“.

لكلِّ من آلمته الأيام في عزيزٍ فقده، عُد للحياة وتابع المسير فلا بد أن شخصًا ما على هذه البسيطة أكثر ألمًا منك وأعمق جراحًا، وإن لم يكن الآن فلا بد أنه كان في حوادثِ التاريخ ما هو أقسى وأشد مرارة، ومهما كانت محنتك شديدة فلا غنى من أن تنتصرَ الحياةُ على الموت. فقد روت الأيام في الحاضر والماضي عبرًا ونماذج من الابتلآت قلَّ تظيرها.

اختلف التاريخ والتحليل في أسباب ومسببات ما حدث في يوم العاشر من شهر محرم سنة 61 للهجرة في معركة كربلاء التي سوف تعود ذكراها قريبا، إلا أن التاريخ يجزم أنه اجتمع على امرأةٍ واحدة اسمها ”زينب“ في سويعاتٍ قليلة قتلُ رجالها وأبنائها وتسييرها في الصحاري وشماتة الأعداء ما لم يجتمع على أحدٍ من قبلها، وربما من بعدها من محنٍ كلها في أرضٍ غريبة ومعادية. ولكن كيف لملمت زينب ذيولَ المعركة وأكملت المسير؟

هي الدنيا بين الطلوع والغروب تسقي هذا كأسًا فهو سكران في لذاتها، وآخر تسقيه علقمًا وحنظل. ثم لا يلبث صاحب الكأس الأولى حتى يشربَ من الثانية، وإن جرت المقادير في أعنتها فلا عجب إذا شرب صاحبُ الكأس الثانيةِ من الأولى!

وقد اجتمع على رجلٍ واحد وهو صاحب فخّ، واسمه أيضًا الحسين بن عليّ، سنة 169 للهجرة قتلُ كثيرٍ من أصحابه وأسرهم ثم قتله هو، ما عدَّه المؤرخون من أشدّ الحوادث إيلامًا حتى قال الإمامُ الجواد : ”لم يكن لأهل البيتِ بعد الطفّ مصرع أعظم من فخّ“.

وصل ذو القرنين، الملك العظيم الذي هزم يأجوج ومأجوج، إلى بابل فمرض مرضًا شديدًا، وأحَسَّ بدنّو أجله، فخطر بباله حينذاك الحُزن الذي سيُصيب أمه التي لم يكن لها ولد سواه إذا مات، فأرسل لها كبشًا ورسالة وكتب فيها: ”أُماه، إنَّ هذه الدنيا آجالٌ مكتوبة، وأعمارٌ معلومة، فإن بلغكِ تمامُ أجلي فاذبحي هذا الكبش، ثم أطبخيه، واصنعي منه طعامًا، ثم نادِ في الناس أن يحضروا جميعًا إلا من فقد عزيزا“.

بلغها نبأ موته، فصنعت بالكبش ما طلب وأعدت الطعام، ونادت في الناس كما أوصى، ولكن لم يحضر من الناس أحد ليتناول طعامها، فعلمت أنه ما من أحدٍ إلا وقد فقد عزيزًا، ففهمت مُراد ابنها من وصيته وكانت أفضل عزاءٍ وعظة لها.

لكل من آلمته الجراحات وصبر، طوبى لك:

”إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ“

”إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ“

”وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ“

وغيرها من آيات البشرى والأخبار السارة التي هي في انتظارك!