في قوله: « تعلموا اللحن...» أصول علوم اللسان العربي، وهي: اللغة، والنحو، وتصحيح الخطإ فيهما.
وبذلك قام نظام اللسان العربي على ثلاثة أسس: علم اللغة، وقانون النحو، ونظام تصحيح الخطإ اللغوي فيهما وإصلاح المنطق بهما. فهناك دراسة آنية للواقع اللغوي، ودراسة زمانية لعلم اللغة، وقانون يجمع بينهما.
ومن عبقرية العربية أن اشتغل الخليل بن أحمد بنظام معجمها في كتاب العين، واشتغل تلميذه سيبويه بنظام نحوها في الكتاب، واشتغل ابن السكيت وغيره بإصلاح منطقها.
وأما نظام اللغة الغربي اليوم فيقوم على فرعين: نظام المعجم وقوامه الوحدات المعجمية، ونظام التراكيب النحوية وقوامه تركيب الوحدات المعجمية.
فأول ما انطلق منه اللسان العربي آخر ما وصل إلى بعضه اللسان الغربي، وكم بين الأوائل والأواخر من مسافات تنقطع دونها الأضواء والشعاعات!
فمثلا المعجم عند المسلمين يطلق على الحروف المقطعة، وعلى كل كتاب مرتب عليها. قال الخليل: "المعجم: حروف الهجاء المقطعة؛ لأنها أعجمية". ويطلق في الاصطلاح الحديث على علم اللغة من باب إطلاق الجزء على كله، والقاموس يطلق على المعجم توسعا، وهما وعاءا عِلْم اللُّغةِ: وهُوَ معرفَة أفرادِ الكَلِم وَكَيْفِيَّة أوضاعها. وهناك فرق بين الوعاء والمادة التي توضع فيه.
وأنظمة ترتيب أفراد الكلم العربية عند العرب إما على المعاني، وإما على المباني، وإما على الألفاظ بحسب مخرج أول الجذر أو بحسب أوله أو قافيته على حروف المعجم. والوحدة اللغوية فيها هي الجذر.
وأما المعجم عند الإفرنج فله معنيان: المعجم بمعنى اللغة المتكلم بها، والمعجم بمعنى القاموس.
ولا أدري لماذا يصر بعض الناس على الاصطلاح الغربي فيفرضون مصطلح القاموس، ويهاجمون المعجم، ولكنها السنن!!!