عندما يكون النص العمودي أفقياً
قراءة لقصيدة آخر الألحان للشاعر هزبر محمود
محاولة لغسل دماغ الذائقة
سراج محمد
إلى : فرديناند دو سوسير
.......................
القيمة ليست في عصمة اللغة
بل في رذيلة الكلام الذي يُيتِّم الذائقة
ويجعل البوح نغلا شرعيا ومقدسا على نحو من التصفيق
لا تحدثني عن الفارق كثيرا يا صديقي
الالتقاط وحده من يخرس المؤسسة
ووحده أيضا كفيلا أن يجعلك جرجانيا أبلهاً !!
هل خسر النص العمودي رهانه العروضي إزاء التشكلات الشعرية الحداثية ؟ هل حقاً أن القصيدة العمودية تقترب من الخطاب بمفهومه الإجرائي أكثر من كونها مقاربة سياقية قابلة للمعاينات الخطية التي من شأنها أن تغير انطباع القارئ على وفق وضعيات خاصة ؟ هل توحي المتواليات الخليلية تعاقبياً بالريزخونية والمنبر والشعارات وتخدير الجمهور وقصيدة النثر بالموضة والجينز والإتكيت والعصرنة ؟ هل يمكن عزل الأدب عن تاريخانيته وذاكرته المؤسساتية والشعر عن الشعرية والماذا عن الكيف ؟ هل بالإمكان غسل دماغ الذائقة والتنصل عن ثياب الإمبراطور وهدم عقيدة التصفيق وثقافة الإتحاد ؟ ألم ينتهِ عصر المعنى بعد ؟ ألم يحن الوقت لتشذيب شوارب اللغة وكنس لحية المعيار ؟ كل هذه الأسئلة وضعفها مطروحة على طاولة النقد الحديث والإجابات عنها متوافرة على مر الإشتغال إلا إن المشكلة في عدم قناعة النقد بها رغم أنها من متبنياته !! .
عندما قال أبو القاسم الشابي :
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
لم تنتفض المؤسسة وقتها بل ولم يكن للوعي الجمعي أي وعي تجاها ، كلاهما لم يدركا سوى المؤدى الموسيقي للبيت وأهملا فكرة أنه لمَ على الخالق أن يستجيب للمخلوق إذا ما قرر شيئاً ؟ لا يحاول أحد إقناعي أن القدر هو كناية عن السلطة ، إذ لم يؤول أحدهم الفقر على أنه معطى جمالي مرتهن بلحظة التركيب عندما قال نزار قباني : ( أكره المرأة التي تدعي الفقر وهي تحمل كنزا بين فخذيها ) فقد ثارت ثورة المؤسسة وانتفخت أوداج الوعي الجمعي فكان أن صار الشابي باعثا على الثورات والقباني مهينا للشرف وللكرامة العربية وخارجا عن العرف الأخلاقي ، لست مع أو ضد أحد منهم هنا ، إلا إن السؤال المهم هو كيف يتم تلقي الشعر خارج المعنى ودونما مسوغات فهمية متعلقة بايهام المؤسسة المصدرة للسذاجة وللوعي الجمعي المؤمم لجماهيرية الخطيئة الطاهرة ؟ بعبارة أخرى ، لم لا تتم محاكمة الشعر على أساس التركيب الذي يخلق الصدمة النوعية لا باعتبار ما يقرره المعنى الظاهري كما تريد أو تشاء العقيدة والثقافة والعرف والطبيعة السمعية ؟ إن الأمر الذي مجّد الشابي هو نفسه الذي أسقط القباني بشكل غريب ومضحك ، فالتعمية هي في العقلية التي تربت ونمت على على السمع والطاعة بلا استفهام مسبّق ، عقلية ( وما أنا إلا من غزية ) و ( من لا يشتم الناس يشتم ) و ( نجهل فوق جهل الجاهلينا ) لا على عقلية ( إذا بكى من خلفها انصرفت له ) أو ( تقول وقد مال الغبيط بنا معا ) ، فمتى يحل الجمال محل النزعة ومن نتخلص من كابوس الفهم المبرمج؟ ، يبدو أن نظرية الفن للمجتمع لا تصلح بل ولن تصلح في نظرية الفن للفن حتى ، إزاء هذا الوعي الكارتوني !
إن هذه الورقة ليست في النقد الثقافي – كما يتصور لها – بل في ثقافة النقد ، فعلى المؤسسة أن تجيب على سؤال الشعر وأن تكف عن مهزلتها القائلة ( أن الشعر كلام موزون ومقفى ) وعليها أن تعي كونيته وأن لا تصدره على أنه معادل موضوعي لانكسار ما ويجب أن تدرك أنه خالق ، فلتكف عن ملاحقة مخلوقاته بهذه الطريقة المخجلة وأن حرب المعنى والتركيب والفهم ينبغي أن تحسم خارج أطر الثقافة والوعي القمعي فافسحوا المجال للنصية والصفرية والتجريد ، لم يعد المعنى إلا كنقطة على حرف عابر وما هو إلا وسيلة لإعادة إنتاج الشعر وفهمه بالطريقة التي تليق به كأثر جمالي .
عندما آمنت البنيوية التكوينية أن الفعل الإبداعي مظهر سوسيولوجي ينبثق من أرضية اجتماعية وتاريخية وثقافية وعلى أنه ممثل لطبقة اجتماعية معينة ، فقد أكدت على أن النص لا يمكن أن يعامل منبتاً عن مغذياته الخارجية وهي بذلك أرادت حل مشكلة انغلاق النص الذي تبنته البنيوية الشكلية وأدخلت نفسها بمشكلة الوعي الجمعي والثقافي وآذنت بولادة النقد الأقاربي القائم على الاخوانيات والتغذية المحسوبية الراجعة ، فهل يمثل النص الشعري شخصية كاتبه أم افرازات تلك الشخصية ؟ فإذا كان الشعر يمثل صاحبه فقد أصبح فعلا سلوكياً وخرج بذلك عن كينونته كشيء ممسوك ، أما إذا كان يمثل معاناة الشاعر فلا يكون النقد بذلك إلا غباءً عارماً ، العملية تكون أشبه بالمعالجة السريرية لا غير ، بغض النظر عما يترتب على هذه النظرة من فاعلية إلا إنها قاصرة في النهاية ، فالمعاناة معطيات صارخة وقراءة الشعر على وفقها سيعكس نتيجة بديهية وإن كانت جمالية ، إذ لم تعد وظيفة النقد مقتصرة على التفريق بين ما هو شعري واللا شعري داخل منظومته المعتد بها ذوقياً فالرهان يكمن في التركيب من خلال القراءة الواعية مهما كانت الآلية المتبعة في اجتراح النص بنية إعادة صياغة النص .
إن لوننة الشعر من قبل المؤسسة كالقصيدة العمودية والشعر الحر وقصيدة النثر والنص المفتوح والنص الممسرح وما إلى ذلك لم تأتِ إلا على أساس الشكل فقط ، فالقصيدة العمودية لأنها تكتب بشكل رأسي بطريقة المصارع والتفعيلة بحرية الكم والترتيب والنثر بالأسطر وهكذا ، وكل من يدعي غير ذلك كالاعتبارات الفنية والبنائية والمعنوية والتكثيف والتشظي وما إلى ذلك فهو داخل في ماكنة المؤسسة المصدرة للخرافات المصطلحية الساذجة ، لا شيء يعلو على صحة التركيب والالتقاط الجديد ، كل ما في الأمر أن الأوراق اختلطت على الجميع فصار المسبب لذلك هو العصرنة والحداثة والمرحلية ، فهل تختلف قيمة الشعر خارج هذه المنطقة – أقصد تعدد الألوان - ؟ ومن ثم هل تختلف طبيعة تلقيه أيضاً تبعاً لخصخصته ؟ سأجيب عن ذلك بدءاً من القصيدة العمودية كما يصطلح عليها من خلال قراءتي لنص ( آخر الألحان ) للشاعر هزبر محمود عن مجموعته ( أثر على الماء ) ، وأنا لا أقرأ هزبر لإظهار جمالياته لأنه خارج هذه المنطقة بفارق كبير ، ما يثيرني بهزبر أنه لا يفكر بنصه كثيراً لدرجة أني لا أشعر للحظة أنه كان يعاني هاجساً اسمه العروض وهذا سر تفضحه إمكاناته الإيقاعية والمعجمية العاليتين لحد يجعلني أن أصطلح على اشتغالاته بنصوص الدفع الرباعي ! فلا انفصال ولا تلعثم ولا مطبات في موسيقاه على مر التركيب ؛ ولهذا فهو لا يقرأ إلا لكونه يفكر خارج نصه ومن ثم فإن ( آخر الألحان ) هي قصيدة تفكر كثيراً ولا تنطق إلا بما تفهمه المؤسسة وهكذا فهي تسبب صداعاً سياقياً لكل من هو خارجها ، فهل هي قصيدة عمودية حقاً ؟ قد يبدو هذا سؤالاً ساذجاً إلا إذا كانت القصيدة العمودية هي باعتبار الترتيب الشطري أو بالبناء الفني والوحدة الموضوعية والعضوية ! وأنا أبشر الجميع أن هذا النص هو خارج هذه الاعتبارات كلها وسأثبت ذلك الآن .
هل كل ما يقال مبرر له ؟ بالطبع لا ؛ لأن ليس كل تركيب يعطي معنى معيناً إلا باعتبار منطقته السياقية ، وإلا لأصبح التأويل ضرباً من التكهنات الهابطة ، فإذا افترضنا أن جملة ( سأذهب للسوق ) هي تركيب دال فهذا ليس من الصواب في شيء ! إلا إذا كانت في سياقها الموضوعي ، ومن ثم فهي لا تعطي معنى محدداً خارجه ، وهذه النظرة تبررها التداولية والتفكيكية بالضرورة ، انطلاقاً من ذلك ما قيمة المعنى خارج السياقية بدون التركيب الواعي بماورائيات القراءة المحتملة ، فعندما فرّق دو سوسير بين اللغة كنظام وبين الكلام كظاهرة له كان يريد التفريق بين المعنى الذي يحققه اللفظ وبين المعنى الآخر الذي يحققه التركيب سياقياً على وفق علاقات الغياب والحضور خلافاً لما تثيره العلامة من مؤدى ظاهري مسوغ له عبر الذائقة والثقافة المحددتين ، هنا يبرز واضحاً دور إعادة إنتاج النص خلف مبثوثاته اللفظية ، وهكذا فنحن لسنا معنيين بمعنى أو قصدية الشاعر بل بتركيبه والفارق لا يكون برؤيتنا له عبر تلك الآلية من خلال القرائن المتوافرة في النص والقيمة ستكمن بكيفية كتابة هزبر محمود لا بماذا يكتب .
ولأن طبيعة العلاقة في العلامة هي اعتباطية وجزافية ، أي لا علاقة للفظة بالمعنى داخل الكلمة ستكون الأهمية بما يحققه التركيب سياقياً وتراكمياً وصولاً إلى قراءة ذات قيمة مجردة بعيداً عن أفق النص ظاهرياً ، فمن الأبيات الأربعة الأولى تبدأ القطيعة المعرفية مع المؤسسة القائلة بعمودية النص :
حضني عتيق واحتجاجك مكلف
ولساني الصحراء واسمك مترف
ووراء جرحي ألف جرح ، مالها
نفس الأذى .... فاحتار ماذا ينزف
والساكنون براحتيَّ قبائلا
بهما قضوا عمرا عليه تأسفوا
وتنفسوني في الحروب فصرت حفــــــ
راً في الهواء وآية لا تهدف
فالمطلع القائم على المتواليات المبتدئية والخبرية هي نقطة الارتكاز التي ستشي بفاعلية الجمل الفعلية كما سنرى على مر النص ، إنها ( ختام القصيدة بالمطلع ) والنتيجة التي ستبررها مبثوثات النص السياقية وصولا لبؤرة النص ومركزيته ، أما الأبيات الثلاثة فلا علاقة لها بالمطلع على الإطلاق ! فأين البناء الفني في ذلك وأين الوحدة الموضوعية إذن ؟ لا ترابط بين الأبيات إلا بتكرار الواو أربع مرات ، هكذا يبدأ انفصال النص ليمكننا من بؤرته وأسه الحقيقي لتبدأ القصيدة من جديد بالبيت الخامس تحديداً :
أرميك من أعلى الحنين على دمي
بمسافة فيها الزمان مزيّف
وكأن المطلع خارج النص إذا ما قرئ تعاقبيا هكذا :
حضني عتيق .............. رجل غير مرضٍ
احتجاجك مكلف ......... امرأة ترغب
لساني الصحراء ....... رجل غير مانح
اسمك مترف ............ امرأة محتاجة
لأن الجملة الفعلية في البيت الخامس هي التي بررت لا فاعلية الأبيات الثلاثة بعد المطلع سياقياً ، حيث يمكننا تشكيل النص على هذا النحو :
ووراء جرحي ألف جرح
والساكنون براحتي قبائلا ........................................... ( بمسافة فيها الزمان مزيف )
وتنفسوني في الحروب
ليبدأ بعد ذلك إيقاع العتاب على وفق النموذج الذي افترضناه في البت الخامس مبررا ما جاء في المطلع سياقياً :
كم خان / كم من / كم كنت / قدماي ضدي / والريح والنفس / هل تذكرين / وأهلة سقطت / فكل هذه الأبيات هي منجرة بالضرورة على ما جاء في سياق البيت الخامس ، حتى يأذن البيت الثالث عشر ليكفر عن خروج المطلع عن معادلة البناء ، فيقول :
لما دعوت الصيف في وسط الشتــــــــــــــــــــ اء رأيته يأتيك لا يتخلف
الصيف : الدفء – الحرارة – الاهتياج – التوقد
الشتاء : البرد – الاحتياج – الطول – الخدر
وهنا تبدأ الأيروسية واضحة جدا وما يعضدها قوله في البيت السادس عشر :
وجعلت مني راية منحازة
حتى إذا ما تهزمين أرفرف
أي معنى للراية هنا يفضحه السياق ؟ بقرينة التعاقبية السالفة ، وأي معنى للهزيمة بعد الرفرفة ؟
وهكذا يمكننا إعادة إنتاج النص على هذا النحو :
الصيف ..... توقد ..... راية ...... احتياج
الشتاء .... احتياج ...... تهزمين ..... أرفرف
وتصدق هذه الصياغة حتماً في البيت الثالث والعشرين بقوله :
عينان عندك قد حملت عليهما
ما تألف الدنيا وما لا تألف
فالإمتصاص – على وفق نظرية التناص – في جملة ( عينان عندك ) يؤكد ما سيؤول إليه السياق ، لأن هذا التعبير هو معطى عامي – باطنيا – بامتياز يشي بفداحة ما رأى وأن ليس هناك ما يوازي المشهد ، وهو يحيلنا إلى قول القباني :
أخاف أن تمطر الدنيا ولست معي !!
فهل يمكن للدنيا أن تمطر ؟ إلا إن السياق الذي جاءت به مفردة المطر يفضح مفردة الدنيا بلازمة قوله ( ولست معي ) على الرغم من الأبيات التي توالت بعد هذا البيت حاولت اخفاء المعنى ضمن سياق المطر ، أو كمال يقول رعد زامل :
فقل لها أنا مصلوب على شجر
وما اشتكى سوى غصن فيّ منفعلُ
إنه شجر قبائل هزبر نفسها ، والغصن المنفعل هو رايته التي بقيت بعد الهزيمة ترفرف ، وإلا ما علاقة الفعل ( حملت ) بالعينين ؟ فلو تأملنا ( العينين ) تعاقبيا لما خرجنا سوى بالنظر أو الجمال والفعل ( حملت ) لا ينسجم إطلاقا وهذا المعنى الظاهري ، إنه ليقول :
نهدان عندك قد حملت عليهما
ما تألف الدنيا وما لا تألف
بقرينة قوله :
وأنا المدان عليهما وأنا المصر عليهما حيث اقترافك موقف
يا كأسي الأشهى وكم من مرة
أكثرت منك ولم أزل أتلهف
إذ إن الحركية لتبدو واضحة على وفق السياق الذي افترضناه ، أما بقية الأبيات فهي ليست إلا خداع بصري على وفق علاقات الغياب حتى يمتنع النص من القراءة بصورته الأفقية ، فبؤرة النص هي ( الوعي الجمعي ) الذي أفسد على الشاعر أيروسيته المبررة به من خلال النماذج التي افترضناه سياقيا والتي دلت بشكل صريح على ذلك ولا أدل على ذلك من عنوان القصيدة ( آخر الألحان ) نكاية بالبؤرة اللامصرح بها ، وبهذا تكون قصيدة هزبر محمود هي قصيدة أفقية وليست عمودية باعتبار القراءة السياقية ؛ لأنها لم تلتزم بالبناء الذي تلهث به المؤسسة ولم تظهر مقصدياتها إلا بعد تفكيك الأبيات وقراءتها على وفق علاقات الغياب التي دخلت في خدمة السياق ، وهكذا تكون مركزية النص هي الأيروسية والوعي الجمعي معاً ، القبيلة التي رفضت الحبيبة !
نص قصيدة آخر الألحان
القصيدة
ــــــــــــــــــــــــ
آخِــرُ الأَ لْـحـَـانِ
هزبر محمود
حِضْنِيْ عَتـيْـقٌ وَﭐحْتِجَـاجُـكِ مُكْلِـفُ
وَلِسَانِيَ الصَّـحْرَاءُ وَﭐسْـمُـكِ مُـتْـرَفُ
وَوَرَاءَ جُرْحِيْ أَلْـفُ جُرْحٍ ، مَـالَـهَــا
نَــفْسُ الأَذَىٰ .. فَٱحْـتَارَ مَاذا يَـنْـزفُ
وَالسَّـاكِـنُونَ بِرَاحَـتَـيَّ قَـبَـائـلاً ،
بِهِمَـا قَـضَوْا عُمُرَاً ، عَلَيْـهِ تَـأَسَّـفُـوا!
وَتَـنَـفَّسُوْنـيْ في الـحُروبِ ، فَصِرْتُ...
حَفْـراً في الـهَوَاءِ ، وَآيَـةً لا تَهْـــدفُ!
أَرْمِـيْـكِ من أَعْلىٰ الـحَنِـيْنِ عَلىٰ دَمـيْ
بِمَسَافـةٍ ، فِيْـهَـا الزَّمَـانُ مُـزَيَّــفُ!
كَمْ خَـانَ جَفْـنُكِ وَالَّلـيَـاليْ أَمْـطَرَتْ
سَـهَـرَاً.. وذَا جَفْـنيْ لِعَيْـنِكِ مِعْـطَفُ
كَمْ مِن شِـفَاهِكِ قدْ رَمَيْـتِ ، وَكَانَ لِـيْ
شَـفَـة ٌ، إِذَا ذُكِرَتْ شِـفَاهٌ تَـنْـشَـفُ
كَمْ كُـنْتِ فِيَّ ..فَكُـنْتُ حِيْن أ َزُورُنـي
لاشئَ لِـيْ.. فَـأَمُرُّ لا أَتَـوَقَّــــفُ !
قَـدَمَايَ ضِـدِّيْ في الـهَـوَىٰ ،والأَرْضُ..
أَصْغـرُ مِنْ يَـدَيَّ ،فَكَـيْفَ نَحْوَكِ أَزْحَفُ؟!
وَالرِّيْـحُ وَالـنَّفَسُ الـقَلِيْـلُ ، وَحُـبُّكُمْ
كَسْـرٌ بِـأَجْنِحَـتِيْ ، غَـدَا يَـتَـصَـرَّفُ
هَلْ تَـذْكُـرِيْنَ شَـوَاطِـئاً مَـوْثُـوْقَـةً
بِـبِحَـارِهَـا.. وَلَدَىٰ مُـرُوْرِكِ تَرْجِـفُ ؟!
وَأَهِـلَّةً سَـقَـطَتْ.. وَأَنْـتِ بَـريْئَــة ٌ
أَنَّ الـسَّمَـاءَ ،عَلىٰ هُدُوْئـكِ ، تَـضْعَـفُ!
لَمَّا دَعَوْتِ الصَّـيْـفَ فيْ وَسَطِ الـشِّتَـاء
.... رَأَيْـتُـهُ يَـأتِـيْـكِ لا يَـتَـخَـلَّـفُ
وَلَـكَمْ مَـحَوْتِ جِـفَاهُمَـا فَتَـآلَـفَـا
- لَـمْ أَدْرِ أَيُّـهُـمَـا بَـأَئٍ أَلْـطَـفُ -!
مُذْ قُـدْتِ حُسْـنَـكِ نَحْـوَ قَلْبيْ فَاتِحَـاً
وَأَنـا عَـن ِ، الأَسْـمَـاءِ فِـيَّ ، مُـحَـرَّفُ
وَجَـعَـلْتِ مِـنِّـيْ رَايَـةً مُـنْـحَـازَةً
حَـتَّـىٰ إِذَا مَـا تُـهْـزَمِـيْـنَ أُرَفْــرِفُ!
يَـا آخِرَ الأَلْـحَـانِ مِـنْ وَتَـرٍ تَعَـطَّـلَ
….لَـمْ يَـزَلْ مِـنْ أَلْـفِ عَـامٍ ، يَعْـزِفُ
يَا حُـجَّـةَ الأَنْــوَار.. لَمَّـا يَـدَّعِــيْ
كَسْبَ الـجِـدَال ِ،ظَـلامُهَا الـمُـتَـطَرِّفُ !
يَـا أَغْـزَرَ الكَـلِـمَاتِ..لَـو لَمْ تُمْـطريْ
مَعْـنىً ،فَـمِنْ أَيْنَ الـمَعَاجِمُ تَــغْــرفُ ؟!
مَنْ كَانَ يَدْريْ أَنَّ لَـفْـظَـكِ هـٰـكذا!
فَـتَـزَاحَمَتْ ،لِـتَكُـوْنَ فِيْـكِ ،الأَحْـرُفُ !
***
خَصْـرٌ تَـحَـرَّشَ بالـجـنُونِ وقَامَـةٌ
لَوْ أَدَّعِـيْ شَـبَـهاً لَـهَا ،تَـسْـتَـنْكِـفُ
وَرُكَـامُ أَسْـئـلِـةٍ ، وَلا أَحَـدٌ مــعيْ
لِيُجِـيْـبَ عَـنِّي عِـنْـدَمَــا لا أَعْـرِفُ
عَيـْنانِ عِـنْدَكِ ،قدْ حَمَلْتِ عَلَيْـهُمَــا
مَـا تَـألَفُ الـدُّنْـيـا ومَــا لا تَـألَــفُ
وَأَنَا الـمُدَانُ عَلَـيْهـمَا..وَأَنـَا الـمُـصِرُّ..
عَـلَيْهُـمَـا..حَـيْثُ ﭐقْتـِرَافُـكِ مَوْقِـفُ!
يَا كَـأسيَ الأَشْـهَـىٰ ..وَكَـمْ مِـنْ مَـرَّةٍ
أَكْـثَرْتُ مِنْـكِ ،وَلَـمْ أَزَلْ أَتَـلَــهَّـفُ
...................................
رابط الدراسة على الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=341644