الحظيرة البشرية عند " بيتر سلوتردايك "
- لفت "سلوتردايك" الأنظار إليه بقوة عندما ألقى محاضرته المثيرة للجدل والتي تحمل عنواناًصادِماً "قواعد الحظيرة البشرية" في الردّ على مقالة ( الإنسانية ) لمارتن هايدغر ، في ندوةمخصَّصة لمناقشة فلسفة هايدغر. تطرح المقالة تساؤلات أساسية عن الغرض من السياسة والحكموالتكافل المدني.
يتبع "سلوتردايك" نيتشه وهايدغر في تصوير الإنسانية باعتبارها طرفاً في معركة ثابتة بين (البهيمية ) و ( ترويض النزعات ). فالبشر ذئاب مع بعضهم البعض ، ولكن مالذي يُحوِّل الذئابإلى كلاب ودودة ؟
- تزعم مقالة الإنسانية أن قراءة الكتب الجيدة هي التي تهدِّئ الوحشية الداخلية ، ولكن الحكماء- على ما يرى سلوتردايك - قد تخلّوا عنا في الوقت الحاضر ، ولم يعد للإنسانية سوى تلكالمحفوظات والمؤرشفين. وعليه فإن الإنسانية تسير نحو الأرشفة بخطى ثابتة.
- يحاول سلوتردايك تطوير تفسير هايدغر للإنسانية ، باقتراح انثروبولوجيا لاميتافيزيقية. فقدوضح كيف يمكن أن تُفهَم الإنسانية من خلال ناقِلها أو وسيطها ، و تحديداً الأدب. وتبعاً لذلك فإنهذا الناقل يؤثِّر على الإنسانية ذاتها ، ومن المثير أن نتساءل هل أن الإنسانية تتشكل بواسطةمحتواها ( الجوهر الإنساني ) أو بسلبية من خلال شكلها ( الناقل أو الوسيط ) ؟.
وفقاً لسلوتردايك فإن الإنسانية كانت قد أسست الصداقة
والحب من خلال الاتصالات السلكية واللاسلكية حين كانت الكتابة هي الناقل الوسيط ، والتيأنشأت نظامنا المعروف للمجتمعات.
- ولكن اختراع وسائل الإعلام أضعف تأثير الإنسانية و استبدلها جزئياً بقوى جبارة. لم تعدالصداقات - بعد إدخال الصحف والتلغراف وأجهزة الراديو والتلفزيون - تنشأ عن طريق إرسالالكتب عبر المسافات الطويلة والأجيال. وهكذا فإن ما يخلص إليه سلوتردايك هو أن الإنسانيةليست متأصلة تماماً في جوهر البشر ، ولكنها تعتمد على درجة معينة من النواقل ( الأدبتحديداً ). وهذا يعني أن التعليم هو الذي يشكِّل المجتمع ويربط أعضاؤه المتعلِّمين بروابطالصداقة والتكافل. ومع ذلك فإن هناك سؤال يطرح نفسه ، وهو هل أن المعايير التي تتكرر هيمجرد نتاج لهذا التكرار ؟ لأنه إذا كانت الإنسانية تنتج بالتكرار فقط ، فقد يكون هناك خطر من أنتنتج بغض النظر عن محتواها.