كان حلماً غريباً.. كنت كشيء شفاف! ولي قدرة على الولوج إلى القلوب والذاكرة! رأيت الكثير من العجب.. بدا تخبط الفكر واضحاً على بعضها، ومحكماً في البعض الآخر.. حد تقديس الجهل واحترام نتائجه!
كان هناك صديق لي (بمستوى معين) شديد المقت على المجتمع وكثير الاعتراض على أغلبية آراء الآخرين! كان ذلك يرمي الحيرة في قلبي دائماً.. لماذا هو بهذا المقت والتشاؤم! حتى مكنني ذلك الحلم بقدراته العجيبة من الولوج إلى قلب صديقي ذلك. كان كل شيء موجود بالداخل! لقد مر صديقي هذا بعدة تجارب فاشلة في حياته وتعرض للخذلان، لذلك فقد نمى فيه ذلك المقت والتشاؤم نتيجة لتلك المقدمات. الخطأ الذي وقع به هو أنه لم يستطع تجاوز الأمر، لدرجة جعل من ماضيه يمتد بسواده ليصبغ حاضره ومستقبله بنفس اللون! دون أن يجعل لكل وقتًا لونـــا.
هناك وفي امتداد حلمي الغريب رأيت أيضاً صديقة لي أعرفها بقدر معين.. كانت تنتهج سلوكاً غريباً! أقرب ما يكون إلى الألحاد، نعم.. كانت تكره كل ما يُذكر عن الإسلام فضلاً عنما يُذكر عن وجود الإله القدير! كان الولوج إلى قلب هذه المرأة مهماً.. وبالفعل، تم الولوج إلى قلبها، كانت ذاكرة مليئة بالألم والأسى! لقد طبع اليأس على قلبها نقوشه باحتراف.. للأسف. الواقع السيء الذي مرت به بفضلك ذلك المجتمع الجاهل جعلها تخسر الكثير.. هي من عائلة مؤمنة وهي كانت كذلك بالفعل، ولكن.. وفي ظرف معين.. وقعت في مشكلة، طلبت من الرب وبرجاء طويل أن يخلصها.. ولكن المشكلة أستمرت حتى حصدت منها أشياء كثيرة أهونها.. كبرياء. كرهت عدم الاستجابة، حاولت المقاومة والرجوع.. لكنها لم تستطع، لم تكن بتلك القدرة أو الإيمان. جعلت من ذلك الحدث أختباراً للرب وأعطته نتيجة الفشل (حاشاه) لتكون بعد ذلكفي الجانب الآخر. لا وجود للـ إله.. لانه لم يحضر للمساعدة! هكذا كان الاستنتاج الذي خرجتبه! صحيح أني بذلك الولوج تخلصت من الاستغراب الذي كان بداخلي تجاهها، ولكنيحزنت أيضاً لباطنها الملوث.
فسرتُ بعيداً عن مقامها.. إلى أن رأيت ذلك الشخص الغريب والذي يسكن بالقرب منا. كانت غرابته في تصرفاته، نعم.. فهو لا يعير لأي شيء أهمية! مهما علا مستواه أو أزدادت أهميتـه،أنا أسميه " رجل اللامبالاة " .
أحببت رؤيته هناك في الحلم وأسرعت الولوج إلى قلبـه. كان باطنـه أغرب من ظاهره! ذلك الرجل لا يملك أي مقدسات هُناك! كل شيء مباح بالنسبة له! فتعمقت اكثر لكي أرى على أي أساس بنى ذلك الرجل بيت الغرابةِ هذا !؟ هنا كانت الصدمة! والألم!.. والتعاطف جاء بنسبة معينة مع ذلك اللامبالي، لقد تعرض ذلك الرجل لخيانة من شخص أهدر حياته لأجله، كانت زوجته (والمرتبط بها عن قصة حب) هي وصديقه المقرب بطلا قصة اللامبالاة تلك. الخائنان هدما عنده كل شئ يرتبط بالثقة والأهمية أو بالأصح.. سرقـا منه ثقتـه وأهتمامـه بالأشياء والنظر لها أو لعواقبها بالأهمية. لم ينج من ذلك الطوفان.. غرقت كل مشاعره، بات بلا مشاعرأو أحاسيس تجعله يلمس الأشياء ويشعر بها! ولكن.. كيف من الممكن أعادته بعد أن فشل في الصمود أمام تجربة فاشلة في حياته؟ وهل المجتمع الذي يعيش به بتلك اللامبالاة مسؤول عن وضعه ثقته في غير محلهـا؟
الإنسانية ليست حكراً.. والأفضل منا التعامل بها مع الجميع، سواء وقع ذلك الإنسان في دائرة إعجابنا أم لم يقع، فالبتالي هو إنسان.
محاولة أصلاح ما أفسد الدهر بهؤلاء هي المهمة الأكثر قدسية في الكون. فليس هناك من شيء أكثر سعادة للإنسان هو أن ؛ يدرك رسالته ويتمها على القدر الذي يستطيعه أو يسمح به المقام.
لا أحد يستطيع لومي هنا أو الاعتراض على فلسفتي الفقيرة.. لقد كان حلمـــاً.
لعلي أراكم في حلم آخر.... شكراً لقراءتكم الموضوع.