الشاعر حسيب قرداغي (1929-1997)
هو الشاعر الوطني التقدمي حسيب بن الشيخ علي بن الشيخ عبدالرحمن قرداغي والمعروف بـ(حسيب قرداغي)، ولد في قرية (سوله جرجه قلا) التابعة لناحية قرداغ بمحافظة السليمانية، في شهر آيار سنة 1929 من أسرة كادحة محبة للعلم والدين والأدب.تعلم مبادئ القراءة والقرآن الكريم وعلوم الدين عند والده الشيخ علي قرداغي وبعد فتح مدرسة رسمية في قريته قبل في الصف الثالث الإبتدائي لإلمامه بمبادئ القراءة والكتابة، فواظب على الدوام إلى أن وصل الصف الخامس، أنتقل عندئذٍ إلى مدرسة مركز ناحية قرداغ لإكمال دراسته إلى أن تخرج من تلك المرحلة بتفوق.ألتحق في خريف 1947 بدار المعلمين الريفية في ناحية (المحاويل) التابعة لمحافظة بابل، إلا أن هذه الدار قد سدت في نهاية السنة الدراسية 1947-1948 بسبب إشتراك جميع طلابها في المظاهرات الوطنية ضد السلطات الملكية الحاكمة، فعاد عندئذٍ إلى السليمانية سنة 1949 لإكمال دراسته للمرحلة المتوسطة، ولكن بسبب مواقفه الوطنية كعضو في الحزب الديمقراطي الكوردستاني من ثم نشاطه في حزب التحرر الوطني اليساري فيما بعد، تعرض إلى الملاحقة فأضطر إلى ترك الدراسة والعودة إلى قريته ليعيش عيشة يرثى إليها عدة سنوات في أجواء الريف، إلا أنه قد عاد إلى السليمانية سنة 1954 بحثاً عن وظيفة لتأمين حياته، فأستطاع مع زوجته الوفية تكوين أسرة صغيرة سنة 1955 ولكن بسبب نضاله السياسي كان يتعرض بين الفينة والفينة إلى الإعتقال إلى يوم إندلاع ثورة 14 تموز 1958، فعاش عندئذ حياة حرة في أجواء تلك الثورة التقدمية إلى أن حادت عن نهجها الديمقراطي سنة 1961 و أندلعت ثورة أيلول التحررية الكوردية بقيادة البارزاني مصطفى فتعرض من جديد إلى مضايقات و أعتقل بعد إنقلاب 8 شباط 1963 المشؤوم، فسجن في معتقل نقرة السلمان إلى سنة 1965، أخلي عندئذ سبيله، لكنه حرم من العيش في كوردستان، فبقي في بغداد مفصولاً من وظيفته يعيش مع أفراد اسرته عيشة الكفاف إلى أواسط سنة 1969، فشمله قانون إعادة المفصولين السياسيين إلى وظائفهم، فعاد إلى السليمانية و اُعيد تعيينه موظفاً في معمل الأسمنت في سرجنار بمرتب بسيط.لم تفت هذه النكبات التي أصابته من عزيمته في النضال من أجل قضية شعبه بل وقف صامداً رابط الجأش رغم الفواجع التي لازمته بسبب وفاة أبنته (كزال) بحادث مؤسف وكذلك تدمير مدينة حلبجة بالسلاح الكيماوي، كل هذه النوائب كان لها بالغ الأثر في نفس الشاعر في إبداع قصائد مؤثرة مشوبة بروح التصوف إلى أن وافته المنية في (9/1/1997)، وشيع جثمانه الطاهر في موكب يليق بمنزلته الوطنية والأدبية إلى مثواه الأخير في مقبرة سيوان.دخل شاعرنا الوطني دنيا الأدب في أواخر الأربعينيات من القرن العشرين وبدأ بنشر نتاجاته الشعرية منذ سنة 1953 في جريدة (زين) ثم نشر قصائد رائعة في مجلتي (هيوا) و(شفق) في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي وبعد إتفاقية 11 آذار 1970 في مجلة (برايتى) وكذلك في جريدة (بيرى نوى - الفكر الجديد) ومجلتي (بيان) و(روشنبيرى نوى) في بغداد وفي الثمانينيات نشر قصائده المطولة في مجلة (كاروان) الصادرة في أربيل منذ خريف 1982.يتغلب على قصائد شاعرنا القرداغي طابع المعاناة مع هموم الحياة لذا جمع قصائده في أربعة دواوين شعرية بإسم (قاموس الهموم) طبع ثلاثة منها في حياته ونشر الرابع بعد وفاته بسنة واحدة وطبعت مؤسسة آراس للطباعة والنشر جل أشعاره في جزأين ضخمين تحت العنوان نفسه يقعان في 903 صفحات من القطع الكبير.أن قصائد حسيب قرداغي ذات مغزى فني وقومي نقدم للقارئ العزيز جانباً من قصيدة له بعنوان (التساؤل والحب) يقول في قسم منها:تساءلت: ما معنى الحب؟قال البحر: أنا والأسماك!وقالت الشمس: أنا والأفق!وقالت الأرض: أنا وجذور البلوط وقالت أنامل الفنان: أنا وأوتار كماني وقال البلبل: أنا والوردة ونسمة الصباح وقال الشاعر: أنا وكوران والعم هيمن أنا والأوزان والقوافي الجميلة وقال العريس أنا والعروس الجديدة وصاح كوردي من هناك: لا تنسوا ( أنا وكركوك!!) إنتمى الأستاذ حسيب قرداغي، إلى إتحاد الأدباء الكورد مع تأسيسه في (10/2/1970) و أشترك في جميع مؤتمراته ومهرجاناته الشعرية، حيث ألقى قصائده الرائعة في المهرجان الأول للشعر الكوردي المقام في كركوك خلال يومي (22 و23 آذار 1972)، والمهرجان الثاني المقام في السليمانية يومي (29 و30 آذار 1979).