من البلاغَة الأصيلَة في التراث البلاغي العربي: الاستدراجُ أو بلاغة الاستدراج : وهي بلاغة حِجَاجيّة يَراها ابنُ الأثيرِ محورَ الخطابِ البلاغيّ كلّه، وهذا بالضّبطِ شيءٌ ممّا عَناه لسانيو الخطاب الغربيونَ الذين كَتَبوا في خطط الخطاب أو مواقع الخطاب Discours Strategy ومَعْناه ههنا أن الاستدراجَ خطّةٌ وموقعٌ ، ترتبط بركنٍ رئيس من أركان الخطاب هو القَصدُ :
بابٌ في أنّ البَلاغةَ مبنيةٌ على الخطابِ الحِجاجيّ :
« إذا حُقِّقَ النّظرُ فيه [أي في بابِ الاسْتدراجِ، وهو من أبواب البَلاغَة الحِجاجيّةِ] عُلِمَ أنّ مَدارَ البَلاغة كلِّها عليه لأنه لا انتفاعَ بإيراد الألفاظ المَليحة الرّائقة ولا المَعاني اللطيفةِ الدّقيقةِ دونَ أن تَكونَ مُستجْلَبَةً لبلوغ غَرضِ المُخاطَب بها، والكلامُ في مثلِ هذا ينبغي أن يكونَ قَصيراً في خِلابِه، لا قَصيرا في خِطابه، فإذا لم يَتصرّفِ الكاتبُ في استدراجِ الخَصمِ إلى إلقاء يَده وإلاّ فلَيس بكاتب، ولا شَبيه له إلا صاحبُ الجَدل؛ فكَما أنّ ذاكَ يتصرّفُ في المُغالَطاتِ القياسيّةِ فكَذلكَ هذا يَتصرفُ في المُغالطات الخِطابية.