يعدُّ العرف الدستوري اقدم مصادر القواعد القانونية و كان في القديم يمثل المصدر الوحيد لها كان كذلك عند الرومان و الاغريق وغالبية المجتمعات القديمة التي كانت العادات المتعارف عليها تمثل القواعد التي يتعين على الجميع احترامها و نشأ هذا العرف في جميع المعاملات الخاصة منها والعامة وبالنسبة للقواعد الدستورية، فقد كانت قواعد الحكم في المجتمعات القديمة عبارة عن مجموعة من التقاليد و الاعراف والعادات القديمة و ظل العرف يلعب الدور الرئيس و يحتل المكانة الاولى بين مصادر القانون حتى بدأت حركة تدوين القواعد القانونية و استعمال الكتابة كوسيلة لوضعها وفي مجال القوانين الدستورية
فإنَّ العرف ظل المصدر الاول والوحيد لها حتى ظهور الدساتير المدونة ويجب التمييز بين العرف الدستوري والدستور العرفي فالدستور العرفي هو مجموعة من القواعد التي يعمل بها من دون ان يتم تدوينها في وثيقة لتكون اساسا لنظام الحكم في الدولة اما العرف الدستوري فهو مجموعة القواعد التي تستقر بالعرف و السوابق ولكن في ظل دستور مكتوب ويعدُّ العرف المصدر الرئيس للدساتير غير المكتوبة على اساس ان القاعدة هنا تنشأ وتلغى بالعرف وان هناك انواعا للعرف الدستوري منها العرف المفسر وهو الذي يقتصر أثره في تفسير نص من نصوص الدستور اي انه يتخذ هذا النص اساساً له وسندا لاتباعه فهو لا ينشئ قاعدة جديدة وإنما يقف عند بيان الكيفية التي يطبق بها النص الدستوري والعرف المكمل وينصرف الى تنظيم موضوعات لم ينظمها المشرع الدستوري أصلا وهو يملأ الفراغات وينظم المسائل الدستورية التي اغفل المشرع الدستوري تنظيمها ومن ثم يكون العرف المفسر منشأ لقواعد قانونية جديدة والعرف المعدل بالاضافة والعرف المعدل بالحذف وان العرف الدستوري له اهمية كبيرة وبالغة في كل الدول و كل الدساتير المدونة وغير المدونة فالعرف الدستوري حينما وجد كان الغرض منه هو سد النقص او الفراغ الدستوري في مسألة معينة لم يتناولها دستور الدولة المكتوب ومن أمثلته ما هو معمول به في لبنان من أن من يقوم بتشكيل الحكومة هو الحزب او الاحزاب التي تحصل على اغلبية المقاعد في البرلمان اللبناني وكان اول من اخذ بالعرف الدستوري هم الفرنسيون وعملوا عليه حتى كرسوه كامر واقع و لكن شددت الرقابة وكان يهدف الى تفسير وإيضاح نص من نصوص الدستور القائم ولا يتدخل بخلق او انشاء قاعدة غير موجودة و لا مجال للعرف المفسر الا اذا شاب القواعد المكتوبة غموض او ابهام ويظل هذا التفسير متبعا حتى يكتسب صفة الالزام و يصبح جزءا من الدستور المعمول به، فالعرف الدستوري يعد مصدرا للقاعدة الدستورية بانواعه المختلفة اما في تاريخ العراق الدستوري الحديث فيلاحظ ضعف هذا المصدر في تزويد السياسة والدستورية بقواعد تنظم ممارسة السلطة في ظل الدساتير العراقية ابتداء من دستور 1925 وجميع الدساتير التي تم تشريعها حتى عام 2003 هي دساتير مؤقتة، فلم تتح الفرصة لظهور قواعد عرفية وبعد صدور قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية فقد لاحت بوادر امكانية ظهور قواعد عرفية تستمد قوتها من الممارسة السياسية التي تقوم بها التيارات و الاحزاب والكتل السياسية التي تمارس نشاطها في الساحة العراقية ومضمون هذه القاعدة تمثيل مكونات الشعب بعدالة وتحولها الى عرف دستوري توزع بموجبه المناصب السياسية على اعتبارات مكونات الشعب العراقي في ظل دستور العراق الدائم لعام 2005.