القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
مع التطورات المتجددة في مجالات الحياة فقد اصبح العالم كقرية صغيرة والتغيرات المستمرة في المجتمعات المعاصرة و صبغها بالصبغة المادية، حيث ازدادت شدة التعلق بالاموال الى الحد الذي جعل الكثير منهم يعتدي على اموال الاخرين أو يماطل في الوفاء بدينه، رغم كونه متمكناً من الاداء لذلك لجأ المشرع العراقي الى تشريع القوانين التي تضمن حق الدولة و حق المواطن في استيفاء الدين و حجز الاموال والتنفيذ عليها.
وقد نص قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل على حجز الاموال المنقولة و غير المنقولة للمتهم الهارب الصادر بحقه امر قبض لاتهامه بارتكاب جناية وكذك قانون تحصيل الديون الحكومية رقم 56 لسنة 1977 المعدل و المتضمن حجز اموال المدين للدولة عند عدم تسديده للدين في المادة الخامسة منه و قانون التنفيذ رقم 45 لسنة 1980 المعدل و الذي نص على اجراءات حجز اموال المدين لغرض سداد الدين الذي بذمته للغير ويشكل هروب المتهم
ظاهرة خطيرة.
وحاولت القوانين في اغلب دول العالم محاربتها والقضاء عليها ولانه يؤدي الى انتقاص من هيبة الدولة و عدم تنفيذ القانون وتحقيق العدالة لذلك فقد جاء في قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي في المواد ( 121- 122) للضغط على المتهم بغية اجباره على الحضور، الا وهو حجز اموال المتهم الهارب ويعدُّ هذا إجراءً من أحد أهم الاجراءات التي يلجأ اليها قاضي التحقيق أو محكمة الجنايات و ذلك لاجباره على تسليم نفسه للسلطات التحقيقية وفي حالة صدور حكم الادانة يبقى الحجز على امواله وإذا صدر أمرٌ من قاضي التحقيق بالقبض على المتهم بجناية وتعذر تنفيذ أمر القبض فيصدر قرار بحجز اموال المتهم المنقولة وغير المنقولة عدا التي لا يجوز الحجز عليها قانونا وترسل الاوراق التحقيقية الى محكمة الجنايات لتأييد قرار الحجز
وإذا سلم المتهم نفسه تقرر السلطة التي اصدرت قرار الحجز، فيتم رفع الحجز عن الاموال المنقولة و غير المنقولة و يتميز الحجز على اموال المتهم الهارب بالعديد من الخصائص واهمها توفير الحماية القضائية العاجلة حيث يعتبر الحجز الاحتياطي على اموال المتهم الهارب من الوسائل العاجلة التي تتخذها السلطة القضائية لضبط تلك الاموال ووضعها تحت رقابة القضاء وهو اجراء قانوني وفقا لاحكام المواد (183 -184-185 -186) من قانون اصول المحاكمات الجزائية وهو اجراء وقائي مؤقت ويكون في الجنايات وإذا كان المال المحجوز مما يتسارع اليه الفساد او كانت نفقة حفظه كبيرة فتقرر المحكمة بيعه وفقا لقانون التنفيذ بناءً على مذكرة تحررها الى المنفذ العدل وإذا سلم المتهم نفسه أو قبض عليه ردت اليه أمواله المحجوزة وصافي ريعها او الثمن الصافي لما بيع منها ويعطى لمن كان المتهم الهارب مكلفاً بالإنفاق عليه شرعاً او قانونا نفقة شهرية من امواله المحجوزة تتناسب مع النفقة التي كانت تكفيه قبل الحجز وذلك بقرار من السلطة التي اصدرت قرار الحجز واذا راجع شخص السلطة التي اصدرت قرار الحجز مدعيا ملكيته لمال محجوز وقدم ادلة كافية لاثبات ذلك تقرر السلطة تسليم المال وإذا ردت طلبه فان له الحق في اقامة دعوى الاستحقاق في المحكمة المدنية ولو لم يراجع طرق الطعن القانونية وينقسم الحجز على اموال المتهم الهارب الى حجز احتياطي وحجز تنفيذي، إذ إنَّ الحجز الاحتياطي نص عليه المشرع العراقي في قانون اصول المحاكمات الجزائية، إذ إنَّ لقاضي التحقيق وللمحكمة وضع الحجز على اموال المتهم بارتكاب جناية وقعت على مال منقول او غير منقول ويشمل الحجز كل مال تحولت إليه هذه الاموال او ابدل بها ويستثنى من ذلك ما لا يجوز حجزه قانونا إلا إذا تبين انه اقتني بمال تحصل من الجريمة وللمحكمة عند اصدارها حكما غيابيا على المتهم في جناية ان تقرر وضع الحجز على امواله ان لم يسبق وضع الحجز عليها من قبله ولقاضي التحقيق والمحكمة بناء على طلب الادعاء العام او الجهة الادارية المختصة وضع الحجز الاحتياطي على اموال المتهم فورا اذا كان الفعل المسند اليه يشكل احدى الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي او الداخلي او يشكل جريمة واقعة على حقوق او اموال الدولة و ما هو في حكمها قانونا بما في ذلك الاموال المعتبرة من الاموال العامة او المخصصة لاغراض النفع العام ولا يحول ذلك دون وضع الحجز من قبل السلطة القضائية المختصة مباشرة عند الاقتضاء ولو لم يقدم اليها طلب بذلك ويجوز طلب الحجز في هذه الحالات قبل تقديم الشكوى او عند تقديمها او في اي مرحلة من مراحل الدعوى الجزائية ما لم يكتسب الحكم في القضية الدرجة القطعية وتخضع للحجز اموال المتهم المنقولة وغير المنقولة القابلة للحجز قانونا سواء كانت في حيازته وتحت تصرفه ام انتقلت الى حيازة او تصرف الغير ويشمل الحجز الاموال المذكورة كافة اذا كانت الحقوق والاضرار الناتجة عن الجريمة غير محددة اما اذا كانت محددة او تحددت في ما بعد فيوضع الحجز او يعدل بعد وضعه في حدود ما يضمن حقوق واضرار الدولة فقط واذا وضع الحجز قبل تقديم الشكوى فعلى الجهة التي طلبته ان تقدم شكواها ضد المحجوزة امواله خلال مدة ثلاثة اشهر من تاريخ الحجز وللمتهم المحجوز عليه ولمن حجزت الاموال بين يديه ولمن يدعي استحقاق الاموال المحجوزة ان يعترض على قرار الحجز لدى السلطة القضائية التي صدر عنها خلال مدة ثمانية ايام من تاريخ تبلغه او علمه بقرار الحجز واذا لم تقدم الجهة التي طلبت الحجز شكواها على المحجوز عليه خلال المحددة قانونا يلغى قرار الحجز وتزال جميع الاثار القانونية التي
نجمت عنه.
أما اذا قدمت الشكوى ضمن المدة المحددة قانونا فللسلطة القضائية التي تضع يدها على الدعوى الجزائية ان تقرر اما ابقاء الحجز او تعديله او الغاءه حسب ما يتراءى لها من وقائع القضية و مما يكون قد قدم لها من اعتراضات على قرار الحجز ويعتبر الحجز الجاري وفقا لاحكام المواد ( 183 ) و (184 ) و (185 ) حجزا احتياطيا و تسري على وضعه و الاعتراض عليه و ادارة الاموال المحجوزة بموجبه والادعاء باستحقاقها احكام قانون المرافعات المدنية فيما لا يتعارض مع الاحكام الخاصة الواردة في المواد المذكورة واذا انقضت الدعوى الجزائية لاي سبب قانوني قبل صدور الحكم فيها يبقى الحجز الجاري قائما وعلى الجهة الادارية المعنية اقامة الدعوى المدنية بالحقوق و الاضرار التي تتضمنها الدعوى الجزائية خلال ثلاثة اشهر من تاريخ تبلغها بانقضاء الدعوى الجزائية و بخلاف ذلك يلغى قرار الحجز وتعاد الاموال المحجوزة الى مستحقيها و اذا صدر الحكم بادانة المتهم يبقى الحجز على امواله ويتحول الى حجز تنفيذي عندما يكتسب الحكم الدرجة القطعية ويتضمن الحكم الصادر بالبراءة او عدم المسؤولية او الافراج او رفض الشكوى في حالة اكتسابه الدرجة القطعية الغاء قرار الحجز و اعادة الاموال المحجوزة الى المحجوز عليه و لو لم ينص على ذلك في قرار الحكم و قد نصت المادة ( 248 ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية بان يستتبع الحكم الغيابي بمنزلة الحكم الوجاهي منع المحكوم عليه بالاعدام او السجن المؤبد او المؤقت ما دام هاربا من ادارة امواله و التصرف فيها و لزوم وضع المحكمة الحجز عليها وإدارتها وفق قواعد ادارة الاموال المحجوزة بمقتضى احكام هذا القانون ان لم يسبق وضع الحجز عليها و كذلك منعه من رفع اية دعوى باسمه واعتبار كل تصرف او التزام يتعهد به باطلاً بحكم القانون.