و أنتَ أيُّها المَنْفِيُّ
عابرًا تظلُّ دوْمًا عابرَا
و خانُكَ الأرضُ
و أنتَ تَرْقُبُ سَماواتٍ ليْستْ بِسَمائِنا
تُردِّدُ أغانيَ ما هيّ مِنْ غنائِنا
و تضحكُ لكنّما الضحْكاتُ ليستْ بِضحْكاتِنا
تصافحُ أيْدي أناسٍ ليْسُوا ناسَنا
و تذرِفُ دموعًا ليستْ بِدموعِنا
تسْتسْلِمُ لِعشقٍ غيرِ عِشقِنا
تذوق أطباقَ طعامٍ ليستْ مِنْ أطباقِنا
تصلّي لآلهةٍليستْ لنا
و تسْمعُ اسْمًا لنا فيبْدو غيْرَ اسْمِنا
تفكّرُ في ذا و ذاكَ مِمّا ليْسَ مِنْ أشيائِنا
تمدُّ كفًّا بِنقودٍ ليستْ بِنقودِنا
تتَّبعُ مَسالِكَ ليستْ لنا
و أنتَ أيُّها المَنْفِيُّ
عابرًا تظلُّ دومًا عابرَا
و كلُّ ما تمْلِكُهُ أشياءُ تسْتعيرُها
تقبّلُ أطفالًا ليسوا بِأطفالِنا
و تصْطَلي بنارٍ غيرِ نارِنا
و تسْمعُ ناقوسًا ليس بِناقوسِنا
و تَظْهَرُ بِمَظْهَرِ تَصاغُرٍ ما هوَّ مِنْ صِفاتِنا
و تَبكي مَوْتَى ليسوا بِأمواتِنا
تحْيا حياةً ليستْ بِحياتِنا
تُمارسُ لِكيْ تُرفّهَ عنْ نفسِكَ ألعابًا ليستْ بِألعابِنا
تنامُ في فراشٍ ليس بِفراشِنا
و تَصْعَدُ لكن ْ إلى أبراجٍ ليستْ بِأبراجِنا
و تقرأُ الأخبارَ إلا ما هُوَ أخبارُنا
و تَأْلَمُ لِكلِّ الناسِ و لِمَنْ هُمُ أناسُنا
و تسْمعُ تساقُطَ الأمطارِ حينما لا تُشبِهُ أمطارَنا
و تشربُ من ماءٍ غيرِ مائِنا
و أنتَ أيّها المنفيُّ
عابرًا تظلُّ دومًا عابرَا
ليس لكَ ظلٌّ و لكنْ عندَكَ حقائبُ
و تقرَعُ الكؤوسَ رغمَ أنّ الحفلَ ليس حفلَنا
و غيرَكَ تُقاسِمُ فراشًا ليس بِفراشِنا
و خبْزًا غيرَ"خبزِنا "
تحكي حَكايا لا نحكيها عندنا
تُقيمُ تحتَ أسْقُفٍ ...تتْتركها
من غيرِ أنْ تكونَ أسْقُفَ بيوتِنا
تمارسُ أعمالا ليستْ بِأعمالِنا
و تذرعُ مدائنَ ليستْ لنا
و في مستشفياتٍ ليست بِمستشفياتِنا
تعالجُ أدواءَ يمكنُ علاجُها
أو يمكن على الأقلْ تسكينُها
و لكنْ ليس داءَنا
الذي مِنْهُ بِغيرِ عودةٍ لا يُرْتَجَى شفاؤُنا
و أنتَ أيّها المنفيُّ
عابرًا تظلُّ دومًا عابرَا
إلا إذا غدَا
غدًا أوْ أبَدَا .....
الوقتُ في السّاعاتِ دائمًا كذّابْ
إذْ لا يقيسُ الوَقْتَ إنّما يسجّلُ الغيابْ
و تهْرمُ و أنتَ تُحْيِي كلَّ سنةٍ
أعيادَ ميلادٍ ليستْ إلا سنواتٍ تُخْصَمُ مِنْ عُمْرِكَ
على أجَنْدَةٍ ليستْ لنا
تموتُ فوقَ أرضٍ غيرِ أرضِنا
و تسمعُ بكاءَ ناسٍ غيرِ ناسِنا
تشاهدُ راياتٍ غيرِ رايةِ بلادِنا
تلفُّ لَوْحًا غيرَ لوْحِنا
تغطّي نعْشًا غيرَ نعْشِنا
و تبصرُ زهورًا ليستْ بِزهورِنا
و صُلُبًا ما هيَّ مِنْ صُلْبانِنا
و ترقدُ في حفرةٍ ليست لنا
تختلطُ أعْظُمُكَ بِأعْظُمٍ ليست لنا
تكونُ في النهايةِ الانسانَ مِنْ دونِ وَطَنْ
انسانًا دون اسمٍ ،كائنًا ما هوَّ بالانسانْ
و أنتَ أيّها المنفيُّ
عابرًا تظلُّ دومًا عابرَا
و خانُكَ الأرضُ
و كلُّ ما تَمْلِكُهُ أشياءُ تسْتعيرُها
ليس لكَ ظلٌّ و لكنْ عندكَ حقائبُ
إلا إذا غدَا
غدًا أوْ أبَدَا .
م