شباب يعيدون الموسيقى لشوارع بغداد لتجسيد لغة السلام
2013-01-17
جلس عازف الجيتار الشاب أحمد وليد في إحدى حدائق بغداد وبدأ يعزف وفرقته أنغاما تراثية عراقية جذبت المارة بمختلف أعمارهم للاستمتاع بظاهرة ثقافية باتت تنتشر في العاصمة التي افتقدت هكذا فعاليات بسبب سنوات الحرب الماضية.
وأحمد ليس وحيدا في مبادرته، التي يقول إنها تهدف لخلق أجواء فنية تجسد لغة السلام، فعلى غراره يبادر العديد من الفنانين والفنانات الشباب وطلبة كليات ومعاهد الفنون الجميلة في بغداد بالعزف في الهواء الطلق.
"أشعر بسرور كبير حين يتجمع الناس ويستمتعون بأدائنا، حيث أحس بأني أؤدي عملا يسعد الآخرين"، حسبما يقول وليد في حديث لموطني.
ويضيف "أنا وخمسة من أصدقائي الموسيقيين كونا فرقة صغيرة ونقوم باستمرار بالجلوس في إحدى الحدائق والمتنزهات ونعزف الموسيقى، والناس يولون لعزفنا الاهتمام ويشجعوننا على الاستمرار".
العودة إلى الماضي
وفي هذا السياق، يجد أستاذ الموسيقى في معهد الفنون الجميلة ببغداد، جواد العبيدي، أن "الوعي الموسيقي بدأ يشهد انتشارا في المجتمع كما كان في الماضي".
ويضيف العبيدي في حديث لموطني أن "الموسيقى في العراق تعرضت إلى حملة عدائية وإجرامية كبيرة من قبل المجموعات الإرهابية والمتطرفين الذين فرضوا على الموسيقيين الانزواء بسبب تجريمهم لكل الموسيقيين، مما أدى إلى خفوت بريق وبهاء الموسيقى خلال السنوات المظلمة الماضية".
ويشير العبيدي إلى أنه يجد "اليوم أن الموسيقيين الشباب من طلاب أو متخرجين جدد يحملون مسؤولية كبيرة تتمثل بنشر الموسيقى، ولدى الكثير منهم أفكارا خاصة يحاولون من خلالها نشر الوعي الموسيقي".
فعلى سبيل المثال، والحديث للعبيدي، فإن أحد الطلبة الشباب، وهو عازف على آلة العود وعمره 16 عاما، يحمل عوده أحيانا ويجلس في أحد المقاهي ويقوم بعزف مقاطع من الموسيقى التراثية، "وبذلك كسب حب الناس واحترامهم، وصاروا يطلبون منه المجىء كل يوم ليسمعهم الموسيقى".
رسالة سلام
وبادرت مؤخرا مجموعة من الشباب والشابات من "مركز الفن للسلام" بعزف موسيقى تصدح بالمعزوفات العراقية التي تنشد السلام، في ساحة عقبة بن نافع وسط بغداد، مثيرين دهشة المواطنين الذين تجمعوا لمتابعتهم بإعجاب شديد.
ويصف مدير المركز، واثق عدنان، هذه الفعالية بأنها "رسالة إلى كل السياسيين تفيد بأن العراق موحد بكل أطيافه، حاله حال الفرقة التي عزفت وسط العاصمة، وأن العراق ليس بلدا طائفيا وأن الموسيقى رسالة سلام نريد أن تصل لكل العالم".
ويضيف عدنان في تصريحات صحافية أن "هذه الفرقة، التي أسسها المايسترو كريم وصفي، هي رسالة سلام ومحبة، وهؤلاء الشباب هم خليط من الطيف العراقي، وهي رسالة نبعثها إلى كل من يظن أن العراق يخضع للطائفية، ونحن نقول له أنت مخطئ لأن العراقيين يحبون السلام".
’غذاء الروح‘
وترى عازفة آلة الكمان، الفنانة الشابة رؤى ياسين، أن "ثقافة المجتمعات تقاس بمدى اهتمامها بالموسيقى".
وتضيف في حديث لموطني "دورنا كموسيقيين يتجسد في قيامنا بتثقيف المجتمع وربطه بالموسيقى".
"فلو تخيلنا أن في كل محافظة توجد فرقة سيمفونية وفرق موسيقية مختلفة واهتمام من المؤسسات الحكومية، فأعتقد أن مجتمعنا سيشهد تطورا كبيرا"، على حد وصفها.
أما الموسيقي المخضرم، علي فائق، فيقول إن "ظهور الفرق الموسيقية في الأماكن العامة والعزف في الهواء الطلق أعاد للمجتمع الشعور بالعيش في سلام".
ويضيف لموطني "نحن في العراق ما زلنا نعاني من مشاكل أمنية تتمثل بعمليات إرهابية بين الحين والآخر، وهذه لها تأثير كبير على حالة المواطن النفسية، بالإضافة إلى ماشهده المواطن من تراكمات الحروب ومانتج عنها من مشاكل".
ويتابع بالقول "قبل 40 عاما، كانت العوائل تستمتع بالخروج إلى أمسيات موسيقية تقام باستمرار في المسارح والنوادي، وكان المجتمع ينعم بالسلام والطمأنينة، وكان من أهم أسباب هذه الطمأنينة هو حب الموسيقى والاستماع إليها".
"لذلك، علينا كموسيقيين أن نعيد المجتمع إلى سماع الموسيقى والاهتمام بها لأنها تبقى كما قيل عنها بأنها غذاء الروح".