.
مغْناجٌ .. اسمه الشِّعر
….
كلُّ ليلةٍ
يقفُ تحتَ رحْمةِ الضَّوءِ الموشَّى بالظِّلالِ
يحبّ العتمةَ
حاملُ الخَرَزِ
ذو الوشم
أمْكرُ من ذئبٍ في الخلاءِ
وأخفُّ من ريحٍ
على أوراق الشجرْ.
..
هو الصَّائدُ
نعرفُ
لكنَّه يتخفَّى في سمْتِ الفريسةِ
يقولُ:
ليسَ كلُّ الذي في يديَّ حريقاً
لا سلالتي أنجبتْ غيري
ولا رفعْتُ محبَّتي البيضاءَ
عن أبنائي المخلصينَ
وأنا أنا
ابنٌ للمصادفةِ
مَكْمَنُ القنْصِ
وغزالةُ الشَّاطر.
…
ملعونٌ
يمشي ساحباً خلفه سرباً من البومِ
من النَّحلِ
من ملكاتِ النَّحلِ
نايُهُ
جرحه المفتوحَ على وقعِ الخُطى
يحطُّ قدماً في الهواءِ
وأخرى على الأرضِ
ليسَ براقصٍ
لكنَّه غندورٌ
مغناجٌ ابن اللئيمة
يمرُّ على الصَّبايا في النَّهارِ
ويهمسُ لهنَّ في خُلوة الليلِ:
يا شقيقاتِ روحي
في الشَّجنْ.
…
كنَّا نظنُّه عربيداً
يدوخُ من كأس
ويسكرُهُ نبيذنا المعتَّقُ
لكنَّه كلَّما شربَ
كان يكتبُ
ليمحو
ويمحو
ليكتب
يمسكُ بيديه خناقَ جثَّةٍ اسمُها المعنى
يمسحُ بكرامتِها الأرضَ
أمام عيوننا
ويضحكُ
رافعاً رايتَهُ الحمراءَ في ندى الليلِ
كأنَّهُ امتلكَ اللغاتِ
أو
ورثَ
أختامها.
…
حاولنا صيدَهُ مراراً
كنَّا نعدُّ له شِراكنا في الفجرِ
نسنُّ سكاكينَ ورثناها عن جدودنا الميتين
في الليالي التي لا ينيرُها قمر
نفرشُ طريقه بالفخاخِ
ونقوم من نومنا كلَّ صبحٍ
لنراه يَدوس على عشبِ الأرضِ
فتصلصلُ أجراسُهُ المعلَّقةُ في ثيابهِ
لتختبئ في جحورِها كلابُ الشَّوارعِ
وتصرخُ في البريَّةِ
بناتُ آوى.
..
ما منعنا عنه
ليس الخوفُ
ولا رهبة أن يكون في حوزتنا
لا ذهبه الذي يعمي عيوننا
ولا لقمته المغمَّسة في ملحِ التَّشردِ
لا فضَّته التي تبرقُ في الأصيلِ الغريبِ
ولا ثوبه المهلهل الذي يجفِّفه على فزَّاعة الطيور فوق الرَّابية
لكنَّهُ شيءٌ به
لو مسكناه مرةً
فقط
لو.
…
مخفوراً بأسرابه
بصليل أجراسه
بنور عينيه اللتين تتبسَّمان
بزمَّة شفتيه الغاضبتين
كان يعبر بقدميه الحافيتين فوق ظلالنا
فنشعر بخفَّة خطوه الهشِّ
فوق صدورنا
ويمسُّنا رفيف
أجنحةٍ غامضة.
..
ابن الحرام
يظلُّ يدورُ على عقبيه أمام عيوننا
هازئاً من تخاذلنا
من رؤوسنا المحنية في مذلَّة الخسران
من دوراننا ونحن عائدون
فارغو الأيدي
ليس سوى
كَدْمةٍ زرقاءَ فوق شفاهِنا
من عضَّة النَّدمْ!
منقوول