لسنا رجالاً نتسلىٰ بقلوب الأيّام فقط
لكننا نعمل علىٰ تجاوزها بسلام
لا شيء يختلف عن كوننا جيدين أو أنّنا سيئين
غير أن الفصول القديمة من عمرنا كانت جدتي تحتطب منها نعاسنا الهش وتطهو به
أناتنا البليغة.
جدنا الأول
رجلٌ قديمٌ صحىٰ من النوم
كي يستضيف فصول عمره الغيورة من رعاة الحزن
ومزاج فمه جريءٌ بالصراخ عليهم
وفي الحقيقة أن جدنا كان رجلاً بلغ وديعة فرح نافقة.
نتساءل فيما بيننا:
هلِ الَموتُ
هو الَّذي يَنبضُ تَحت قُمصان أحزاننا؟
هل نحنُ من شَرِبَ نَّخب التاريخ القديم تكريماً لكلّ القصص التي قرأناها،
هل نحنُ خطوات عاثرة أمام الصدفة من السلام
أم أنّنا طريق طويل لكل هذا الدمار؟
نحنُ قصّةٌ مريبةٌ،مُستكشِفةٌ وحقيقية،
نحنُ حزنٌ عميقٌ،مقاساته لا تتجاوز غمامة الأيّام،
نحنُ فرحٌ وبكاء امتزجا
ببساطة وإخلاص لجدنا ومنزله الطيني.
مات الأولون
ونحن لا زلنا جيدين،
ورثنا عنهم القدرة
على أن نجد قوت يومنا وماءً صالحاً للشرب ومأوىً منهك في وطن ينام في العراء وحيداً.
مات الأولون
وكثير من الذين يعرفونهم
لا زالوا يكرعون وباء الحرب على فصيلة دمنا،
يرممون مآذن القيامة على عجل
لنتف أرواحنا من فروض الطاعة المطلقة
لقلوبنا الباردة.
الذين يعرفوا البلاد جيداً
دفعوا بالحرب قدماً نحونا،
جميعنا غَضِبنا من ذلك
وبغِضْنا أنفسنا
جمعينا رأينا أن كل ذلك جعلنا عمياناً
ثم صرنا نردد لأطفالنا:
لقد كذبنا عليكم عن أن هذه بلاد السعيدة!
لا ندري كيف نخبرهم
أنّ الوطن لم يعد يشبه في أيّ شيء الحالَ الذي كان عليه أيام جدنا القديم
لم يعد ذلك الشيء الذي نزرع فيه ضوءاً ونجني جنة.
أطفالُنا الحيارى لم نعد أباء جيدين
كي نجعلكم ملائكة
أنتم أردتم أن تكبروا قبلنا
وأن نقضي عمرنا في الرقص فرحاً معكم،
أنتم أردتم أن تشاركونا الوطن
في سلام
أردتم أن نصبح مثل جدنا
غيورون على حقولنا
وتملأنا البرأة مثلكم.
أطفالنا الحزانى:
أنتم شّموس ساطعة تغسل وجوم وجوهنا الكالحة
وشِباك سلام يصْطَاد كل حروبِ جدنا
من بحر الوطن الغريق.