اعتمدت وزارة الصحة السعودية عقار "ديكساميثازون" Dexamethasone، في إطار البروتوكول العلاجي لمرضى "كوفيد – 19"، في المستشفيات، وذلك عقب صدور إشادة من منظمة الصحة العالمية بالدواء، إذ وصفته بأنّه "العلاج الأوّل المُثبّت الذي يُقلّل الوفيات في صفوف مرضى "كوفيد_19"، ممّن يتنفسون بوساطة أنابيب الأكسجين أو أجهزة التنفس الصناعي".
الدكتور مجدي حسن الطوخي
ما هي التركيبة العلاجية للدواء؟ وما هي قدرته الشفائية؟
يوضح الاستشاري في الصحة العامّة والأمراض المعدية في الرياض الدكتور مجدي حسن الطوخي أن "عقار ديكساميثازون صُنع للمرّة الأولى في عام 1957، وأصبح متاحًا للاستخدام في بريطانيا في أوائل الستينيات. ونفدت فترة حقوق براءة الاختراع لهذا العقار، ممّا يعني أنّ لشركات الأدوية اليوم الحقّ في تصنيعه في أرجاء العالم".
ويضيف: "ينتمي ديكساميثازون إلى عائلة الستيرويدات، وهو عقار يخفّض حدّة الالتهابات عن طريق تقليل عمل الهرمونات المضادّة للالتهابات التي يفرزها جسم الإنسان، وينقذ حياة المصابين في الحالات الحرجة، كما في حالات كوفيد_19، ولكن ليس في صفوف الحالات الخفيفة من الوباء والمتوسطة منه".
العلاج بالأكسجين
عقار ديكساميثازون ينظّم عملية مهاجمة الفيروس في جسم المصاب
يشرح د.الطوخي أن "الدواء يعمل عن طريق كبح جماح جهاز المناعة؛ فالإصابة بفيروس كورونا المستجدّ تتسبّب بالالتهابات، التي يحاول الجسم مكافحتها. ولكن، في بعض الأحيان، يُبالغ جهاز المناعة في ردّ فعله، فيُطلق ما يسمّى بالسيتوكينات، التي تُهاجم الجسم، وتتسبّب بمضاعفات خطيرة، تؤدي في بعض الأحيان إلى تجلّطات رئوية، وهو ما قد يفضي إلى الوفاة!".
ويضيف د.الطوخي: "بدلًا من مهاجمة الفيروس، يهاجم جهاز المناعة خلايا الجسم، وبإمكان ديكساميثازون تنظيم هذه العملية. والعقار ليس فعّالًا للمرضى الذين يعانون من عوارض الوباء الخفيفة".
تابعي المزيد: #سيدتي_تتحقق:هيدروكسي كلوروكوين علاج للكورونا يُحدث جدلاً عالمياً
عقار زهيد الثمن
يقول د.الطوخي إن "الهيئة العامّة للغذاء والدواء السعودية تبنّت الدواء، وأدخلته في بروتوكولات العلاج، لأسباب عدّة؛ فهو زهيد الثمن، وفعّال في خفض عدد الوفيات إلى الثلث. ويُصنّف الدواء أنّه من الستيرويدات القليلة التي لا تحجز كمّيات من الصوديوم في الجسم، وتؤدي إلى التورّمات والانتفاخات وهشاشة العظام".
التهابات أخرى
يشدّد د.الطوخي على أن "عقار ديكساميثازون ليس فعّالًا في صفوف المصابين، الذين لا يحتاجون إلى تدخّل الجهاز التنفسي، كما لا ينصح باستخدامه للحوامل والأطفال. وتصحبه بالطبع عقاقير أخرى في علاج كوفيد_19. علمًا أنّ استخدام ديكساميثازون يُعالج جملة من الأمراض الأخرى، تلك التي تتعلّق بالالتهابات والأورام في الجسم البشري، وذلك في الحالات التي يتجاوز جهاز المناعة فعاليته، كما في حالات الربو الشديد التي قد تتسبّب بالتهابات بمجرى التنفس والرئتين والتهابات المفاصل المؤلمة. وينفع ديكساميثازون في مكافحة الأمراض الناجمة عن مشكلات المناعة الذاتيّة، مثل: التهاب المفاصل الروماتويدي ومرض الذئبة الذي ينتج عن مهاجمة الجهاز المناعي لأنسجة الجسم".
دراسة إنكليزية
"ديكساميثازون"، هو عقار ثبتت فعاليّته في علاج المصابين بفيروس كورونا المستجد على مستوى العالم، فقد أشادت منظمة الصحة العالمية بنتائج التجارب السريرية في إنكلترا؛ التجارب التي كشفت أن ديكساميثازون يمكن أن ينقذ حياة المصابين بـ كوفيد_19 من ذوي الحالات الحرجة. فإعطاء العقار للمرضى الخاضعين للتهوية الصناعية يخفّض نسبة الوفيات في صفوفهم بمعدّل الثلث تقريبًا، كما يخفّض نسبة الوفيات بين المرضى الذين لا يحتاجون إلا للأكسجين بمعدل الخمس تقريبًا.
ولم تُلحظ هذه النتائج إلا بين المرضى المصابين بحالات كوفيد_19 الحرجة، وليس أولئك الذين يعانون من درجة خفيفة من الوباء.
وكان مدير عام منظمة الصحة الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس قد قال إن "هذا العلاج هو الأول الذي يثبت قدرته على خفض معدّل الوفيات بين المصابين بكوفيد_19، الذين يحتاجون إلى دعم بالأكسجين أو بالتنفس الصناعي".
هذا وتمَّ التوصل إلى هذا العلاج إثر قيام جامعة أوكسفورد الإنكليزية بدراسة فعاليّة عقار ديكساميثازون. قسّمت الدراسة عينة البحث، وفق الآتي: حصل 2100 من المصابين بـكوفيد_19 على جرعات بلغت 6 ميلليغرامات من ديكساميثازون، لعشرة أيّام. وقارن الباحثون بين الحالة الصحية لمن تناولوا العقار، وأكثر من 4300 مصاب بـكوفيد_19 لم يتلقّوا أي نوع من العلاج. وخلصت الدراسة إلى قدرة العقار على إنقاذ حياة المرضى من ذوي الحالات الخطرة المصابين بـكوفيد_19 .
قدرة ديكساميثازون على علاج الحالات الخطرة من كورونا المستجد أهّلته ليكون أول دواء يثبت فعاليته في علاج الوباء، على مستوى العالم. وتمتلك الحكومة البريطانية مخزونًا من هذا العقار يكفي آلاف المرضى.
وأثبتت الدراسات والتجارب الإنكليزية أن عقار ديكساميثازون يعالج الحالات المستعصية لالتهابات الرئة. وقد أسهم العقار في تعافي 30% من مرضى العناية المركّزة، و20% ممّن يحتاجون إلى الأكسجين، مع شفاء 2100 بريطاني من المصابين بفيروس كورونا المستجد بفضل هذا الدواء.