لا يكاد يسرني شيء بقدر الإعلان عن جديدٍ من الأفلام أو الروايات يصدر عمن أحببت سابقَ عمله. “Stephen King – ستيفن كينغ” هو بلا شك أحد الذين ينتظر القراء جديد أعمالهم، ووعدُه بكتاب جديد مع تحديد موعد صدوره -وإن يكن بعيدًا بعض الشيء- هو حدثٌ بذاته. الكتاب سيكون بعنوان “لاحقًا – Later” وسينتمي إلى فئة الجريمة والتحقيق البوليسي مع بُعد ما ورائي، وهو علامة مميزة لكل ما يكتبه “ستيفن كينغ“.
نشر كاتب الرعب الأشهر على الإطلاق صورة غلاف الكتاب على صفحته على “تويتر”، مع تحديد مختصر لموعد صدوره بشهر مارس من العام القادم 2021. في هذه المرحلة المبكرة لا نملك الكثير من المعلومات عن العمل، لكن الإعلان ذاته يكفينا سرورًا وترقبًا.
ستيفن كينغ الذي لا يكل ورواية Later
يبلغ “ستيفن كينغ” من العمر الآن 72 عامًا. ربما قد مر قرابة الخمسين سنة على نشر روايته الأولى “كاري – Carrie“؛ والتي هي نص قصير نسبيًّا ومفزع تمامًا عن مراهقة منبوذة تملك شهوة للانتقام وقدرةً خارقة على تحريك الأجرام.. لكن الرجل ما يزال يكتب مثل شاب، ليس فقط لمعدل إنتاجه الهائل والمستقر، ولكن أيضًا للمستوى الذي لم يفقد بريقه وإن كان بطبيعة الحال دلف حالة مغايرة بحكم العمر والمرحلة الأدبية وعوامل أخرى.
يعلن كاتبنا عن هذه الرواية بينما نحن لا نزال نتلقى أصداء كتابيه الأخيرين. الأول المسمى “The Institute” والذي صدر في سبتمبر 2019 وحصل على جائزة القراء على موقع “Goodreads”، وهو رواية مفزعة قاسية تجد بها لمسة خيال علمي، وتتلو حكاية مجموعة من الأطفال ذوي المواهب الخارقة محبوسين ومستغلين على أسوأ الأنحاء. والثاني مجموعة من أربع قصص (بالأحرى روايات قصيرة) بعنوان “If It Bleeds” صدرت في إبريل من عامنا الجاري، وكنا قبل أيام شاهدين على صراع عدد من الراغبين في شراء حقوقها لتحويلها إلى السينما أو التليفزيون.
قبل أن نخرج من أجواء الكتابين الممتازين، واللذين حازا على تقييمات عالية من القراء وقبول عام من جمهور “ستيفن كينغ”، يفاجئنا الرجل بالإعلان عن روايته الجديدة بعنوان “Later”، والتي نشر غلافها بتصميم يحتوي لوحة الفنان الراحل “Paul Mann”، على أن تحتوي الطبعة القادمة تصميم الفنان “Gregory Manchess”. بلا شك سوف يتوفر من الكتاب نسخة صوتية وأخرى إلكترونية لدى صدوره.
النوع الذي تنتمي إليه رواية Later
نوع روايات سلسلة “Hard case crime” هو نوع روايات الجريمة التي تدور أحداثها في وقت أو أجواء الأربعينيات والخمسينيات، أو جو تشويق الـ noir كما يسمى. تنتمي رواية “ستيفن كينغ” القادمة إلى هذا النوع، وقد صرح الأستاذ الأمريكي الشهير قائلًا :
“أحب نوع روايات جريمة الـ Hard Case، وهذا الكتاب يبدو مناسبًا جدًّا لقالب النوع، خاصةً وهو يتحدث عن طفل يرى ما وراء عالمنا، مع خليط من عناصر الجريمة والتشويق القوية”.
هل كتب “كينغ” هذا النوع من قبل؟ في الواقع، نعم. من قرأ للرجل يعرف أنه محدود في الغالب بنوع الرعب المتصل أحيانًا بالخيال العلمي أو الغموض أو التشويق، لكنه قد يخرج عن سياقه وإن ظل يحافظ على شخصيته الخاصة التي يتصل بها قراؤه في أنحاء العالم.
صدر لـ “ستيفن كينغ” روايتان في هذا النوع سابقًا. أما الأولى فعنوانها “The Colorado Kid”، وهي رواية غموض قصيرة صدرت سنة 2005 وتحكي عن التحقيق في شأن جثة قتيل مجهول تؤدي إلى انكشاف أسرار في منتهى الظلامية والإرباك. وقد بُني عليها سلسلة تلفزيونية من خمسة مواسم بعنوان “Haven” عرضت بين 2010 و2015. أما الأخرى فقد صدرت في 2013 وعنوانها “Joyland” وهي أفضل من الأولى وأشهر وأحسن قبولًا، وتحكي عن طالب جامعي في مدينة صغيرة يواجه تبعات جريمة قتل وحشية.
ما نعرفه حتى الآن عن رواية Later
الرواية عن صبي يدعى “Jamie Conklin” يملك قدرات ما ورائية يستخدمها لإعانة أمه ومحققةٍ تتبع قاتلًا متسلسلًا، دافعًا الثمن مقابل استعمال هذه القدرة. “Charles Ardai” محرر روايات “Hard Case Crime” تحدث عن الرواية قائلًا :
“رواية “Later” هي قصة جميلة عن النمو وما يتبعه من مواجهة المرء لشياطينه، سواء على صورته المجازية أو (وهو ما يحدث كثيرًا في روايات “ستيفن كينغ”) على الصورة الحقيقية. رواية مفزعة ورقيقة وصادقة وفاطرة للقلب، ونحن متحمسون للغاية لإصدارها للقراء”.
وُصفت الرواية أيضًا بأنها تحتوي على أصداء من رواية “ستيفن كينغ” الشهيرة “الشيء – It” والتي اقتُبس عنها فيلمان ناجحان في عامي 2017 و2019، طبعًا بعد سلسلة 1990 القصيرة. الرواية الدسمة شديدة الطول صدرت لأول مرة سنة 1986، ونقلتها للعربية دار “منشورات الرمل” بترجمة “نادر أسامة” في أكثر من 1450 صفحة سنة 2018.
نعود إلى روايتنا وننقل الوصف الرسمي للعمل، وفيه :
“كل ما يريد “جيمي كونكلين” -وهو ابن أم عزباء مكابدة- أن يعيش طفولة عادية. غير أنه ليس طبيعيًّا البتة، فقد وُلد بهذه القدرات غير العادية والتي تحثه أمه على إبقائها سرًّا. يرى “جيمي” ما لا نرى ويعلم ما لا نعلم. لكنه يدرك عِظَم كُلفة استعمال هذه القوى عندما تجتذبه محققة من قسم شرطة “نيويورك” إلى التحقيق في شأن قاتل متسلسل توعد بالقتل بعد أن يُقبر”.
وصفت دار النشر الرواية بأنها “نتاج أفضل حالات ستيفن كينغ”، رواية عن فقد البراءة والمحن التي تفتننا في آرائنا عن الخطأ والصواب. استكشاف قوي وآسر لثمن الوقوف في وجه الشر ذي الصور المتعددة”.
جدير بالذكر أن إعلان “ستيفن كينغ” عن روايته الجديدة “Later” يأتي بعد أسابيع قليلة من صدور مسلسل HBO الرائع “The outsider”، وهو واحد من سلسلة أعمال طويلة جدًّا مأخوذة عن إنتاجات الكاتب العبقري؛ سلسلة أفلام ومسلسلات حافلة بالكلاسيكيات الخالدة ولا يكاد يخلو عام في السنوات الأخيرة من إضافة لها. لا بد أن حقوق هذه الرواية ستباع هي الأخرى في ظرف أيام.
محمود أمين - أراجيك