بسم الله الرحمن الرحيم
يسأل كثير من طلبة العلم ـ وحق لهم السؤال ـ قائلين: أين دروس اللغة العربية في المساجد والمكتبات وغيرها؟ ويقولون: إننا نجد كثيرًا من الحلقات التي تعقد لتدريس العلوم الشرعية في المساجد وغيرها، وكذلك دروس الوعظ والإرشاد والإفتاء في الأمور الدينية والاجتماعية ونحوها، ولكن لا نكاد نجد دروسا في علوم العربية، مع كونها من ضرورات فهم النصوص الشرعية وإبلاغ الدعوة لغير المسلمين، فأين علماء اللغة من هذا الفراغ الملحوظ؟ أين الحلقات التي يدرس فيها النحو والبلاغة والأدب؟ وإذا وُجد منها شيء فإنه يكون نادرًا وقد لا يتجاوز شرح المبادئ الأولية من العربية.
هكذا سمعت من هؤلاء الطلبة مرارًا، وهذا ملحظ ينبغي عدم إهماله لدى علماء العربية، والمسؤولين عن المؤسسات المتخصصة في تعليم العربية من المعاهد والجامعات والمجامع والمراكز.
نحن الآن نعيش في وقت يتعين فيه على أهل العربية تكثيف الجهود في نشر العربية الفصحى، لأجل ربط الناس بمعاني القرآن والسنة، والرد على الشبهات والتأويلات التي تجافي المقاصد الشرعية، تلك المقاصد التي تضمنتها النصوص الشرعية عن طريق ألفاظ اللغة العربية الفصحى، ولا يمكن أن يستوعبها استيعابًا صافيا إلا من فهم اللسان العربي فهمًا صحيحا.
ووقتنا وقت تزاحَم فيه العربية باللغات الأخرى وثقافاتها ومصطلحاتها، حتى تكاد تُطرَد من بعض دورها ومقارِّها؛ لكثرة الإعجاب بغيرها، وكثافة الدعوة للعجمة، وقوة تأثير غير العرب، وغلبة المادة المصحوبة بالمصطلحات الأجنبية في المجتمعات العربية.
ومن هنا يتعين توجيه المدرسين من علماء اللغة إلى الأحياء والمراكز والمساجد والدور العلمية لعقد الندوات والدروس المنتظمة في علوم العربية، وأن يكون ذلك برعاية واهتمام وتشجيع كافٍ من المسؤولين وأعيان الأمة وعلمائها، إحياءً للدروس الأهلية العامة والخاصة في تعليم العربية، وتلبية لحاجة طلاب العربية من العجم والعرب، فما أكثر من ينشد من يتعلم عليه العربية في أيامنا هذه.
هذه دعوة تضاف إلى مثيلاتها المتكررة في هذا المجال، أذكِّر بها إخواني المسؤولين عن التعليم العربي كله؛ فالعربية لغة لجميع العلوم، وأيّة لغة!