إن التهاب القولون القَرحي هو مرضٌ يسبب القَرحات في بطانة المستقيم والقولون. وهو واحدٌ من مجموعة أمراض تُدعى "أمراض المَعي الالتهابية". تتشكل القرحات في المكان الذي يكون فيه الالتهاب قد قتل الخلايا التي تُبَطّن القولون عادةً.
يمكن أن يصيب التهاب القولون القرحي المرء في أي عمر، لكنه يبدأ عادةً بين الخامسة عشرة والثلاثين، كما أنه ينتقل بالوراثة أحياناً. إن معظم الأعراض المنتشرة تتمثل بالألم في البطن والإسهال النَّازف، وقد تتضمن الأعراض الأخرى فقر الدم والتعب الشديد وفقدان الوزن وفقدان الشهية ونزيف المستقيم وقرحات على الجلد وألماً في المفاصل، كما قد يعاني الأطفال المصابون من مشاكل في النمو.
يعاني معظم المصابين بالتهاب القولون القرحي من أعراض طفيفة. وهناك أدوية كثيرة تساعد في السيطرة على التهاب القولون القرحي. ومن الممكن أن يتمتع بعض المصابين بفترة هدوء طويلة للمرض عندما يتخلصون من الأعراض. أما في الحالات الشديدة فإن إزالة القولون المصاب تكون أمراً لا بد منه.
مقدمة
التهاب القولون القَرْحيّ هو مرض معوي التهابي. ويعد التهاب القولون القَرْحيّ وداء كرون المرضين الأكثر انتشاراً من بين الأمراض المعوية الالتهابية.
يسبب كلٌ من التهاب القولون القرحي وداء كرون التهاباً في الأمعاء، ولهما أعراض متشابهة كثيراً.
تشريح الجهاز الهضمي
يمر الطعام الذي نبتلعه عبر المَريء الذي هو أنبوب التغذية.
بعد ذلك، يدخل الطعام إلى المعدة، حيث يُهضم.
ينتقل الطعام بعد هضمه من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة، حيث يُستكمل هضم الغذاء وامتصاصه إلى الجسم.
وأخيراً تصل الألياف والطعام بعد تمام الهضم إلى القولون. وفي القولون، يجري امتصاص ما تبقى من عناصر غذائية، ويتشكل البراز.
يتم تخزين البراز في الجزء الأخير من القولون، وهو القولون السيني والمستقيم، قبل أن يجري طرحه إلى الخارج.
يتألف القولون من عدة أقسام:
- القولون الصاعد
- القولون المستعرض
- القولون النازل
- القولون السيني
- المستقيم
- الشرج
تتألف جدران الأمعاء من ثلاث طبقات. تدعى الطبقة الداخلية من جدار الأمعاء الطبقة المخاطية؛ وهي مسؤولة عن هضم الطعام وامتصاصه.
الطبقة الوسطى من جدار الأمعاء هي الطبقة العضلية وهي مسؤولة عن دفع الطعام عبر الأمعاء.
تدعى الطبقة الخارجية لجدار الأمعاء الطبقة المَصْليَّة. وهي طبقة ملساء جداً، وهي تحول دون تشابك الأمعاء في جوف البطن.
التهاب القولون القرحي
الالتهاب هو الطريقة الطبيعية التي يتبعها الجسم في التخلص من النسيج التالف. ويحدث التهاب القولون القَرْحي عند إصابة الطبقات العليا من بطانة الأمعاء الغليظة بالالتهاب.
يسبب التهاب القولون القَرْحي تورماً وتندباً في نسيج القولون. ويمكن أن يسمى أيضاً التهاب القولون أو التهاب المستقيم.
ثم تتشكل قرحات في الأماكن التي يكون الالتهاب فيها قد أتلف بعض الخلايا في بطانة القولون. وهذه القرحات تنزف وينتج عنها القيح والمُخاط.
ويحدث الالتهاب الناجم عن التهاب القولون القرحيعادة في القسم السفلي من القولون وفي المستقيم، ولكنه يمكن أن يصيب القولون كلَّه أيضاً. إن التهاب القولون القَرحي لا يُصيب الأمعاء الدقيقة عادةً.
الفارق الرئيسي بين التهاب القولون القَرْحي وداء كرون هو مكان حدوث الالتهاب. ففي حين يقتصر التهاب القولون القَرْحي على إصابة القولون عادةً، فإن داء كرون يمكن أن يصيب الأنبوب الهضمي كله.
يعيش بعض مرضى التهاب القولون القَرْحي فترات طويلة دون ظهور أي أعراض. ويمكن أن تمتد هذه الفترة عدة سنوات. ولكن هذا المرض يظهر ويختفي على فترات متفاوته مدى الحياة.
يؤدي الالتهاب إلى فراغ القولون معظم الوقت، فيسبب الإسهال وظهور الدم في البراز.
أسباب التهاب القولون التقرحي
لا يوجد أسباب محددة للقولون التقرحي ولكن هناك عوامل تساهم في إحداث هذا المرض وأهمها عادات الأكل السيئة والحساسية لمواد الطعام والتوتر النفسي والقلق، وفيما يلي بعض المسببات التي قد تكون لها علاقة بحصول التهاب القولون التقرحي.
- العامل الوراثي:
تم رصد ثمان جينات أو صبغيات لها علاقة مباشرة مع المرض، كما وجد أن المرض يكثر بين أفراد العائلات المصابة بأمراض المناعة الذاتية.
- أنماط الغذاء:
وجد أن العادات الغذائية تؤثر باحتمالية حدوث القولون التقرحي، ووجد أن الغذاء الغني بالألياف له صفة واقية من المرض، كما وجد أن الأطفال الذين تغذوا على الحليب الطبيعي أقل عرضة للمرض.
- الضغط النفسي:
يشير الكثير من العلماء والمختصين أن الضغوط النفسية والعصبية الحياتية اليومية والمتكررة قد يكون لها دور ما في حدوث التهاب القولون.
- التهاب بكتيري أو فيروسي غير معروف:
يعتقد أن بعض الكائنات الحية الدقيقة قد تسبب المرض ولكنه لم يثبت شيء علمياً حتى الآن، ويقول العلماء أن بعض أنواع من البكتريا يمكن أن تسبب التهاب المعي الغليظ، محذرين أن استعمال المضادات الحيوية ربما تكون السبب أو العامل الأول في التهابات القولون التقرحي، حيث أن المضادات الحيوية تغير المستعمرة الطبيعية من البكتريا المسماة بكتيريا فلورا (Bowel Flora) والتي تعيش في الأمعاء.
.
يتألف الجهاز المناعي من خلايا دموية ومواد كيماوية تعثر على الجراثيم والفيروسات في الجسم وتقتلها. أما حين يهاجم الجهاز المناعي جدار الأمعاء فإنه يمكن أن يسبب فيه التهاباً وتورُّماً وتلفاً وتندُّباً.
يحدث التهاب القولون القَرْحي عادة بين عمر 15 و40 سنة، رغم أن من الممكن أن يصيب الأطفال وكبار السن أيضاً.
يصيب التهاب القولون القَرْحي الرجال والنساء بالنسبة نفسها، ويبدو أنه ينتقل بالوراثة.
أعراض التهاب القولون القرحي
أكثر أعراض التهاب القولون القَرْحي انتشاراً هي الألم البطنيُّ والإسهال المُدَمَّى.
يمكن أن يشعر مرضى التهاب القولون القًرْحي بما يلي:
- التعب
- فقدان الوزن
- فقدان الشهية
- النزف من المستقيم
- نقص في سوائل الجسم والعناصر الغذائية
إن مرضى التهاب القولون القَرْحيّ معرضون أكثر من غيرهم لخطر الإصابة بسرطان القولون. وهذا سبب إضافي يوجب عليهم أن يخضعوا إلى فحوص طبية دورية.
تشخيص التهاب القولون القرحي
قد يحتاج الأمر إلى فحص سريري شامل وإلى إجراء سلسلة من الاختبارات لتشخيص التهاب القولون القَرْحي.
يمكن أن تكشف اختبارات الدم عن وجود نقص في تعداد خلايا الدم الحمراء، أي فقر الدم أو الأنيميا، مما يشير إلى حدوث نزف في الأمعاء. كما يمكن أن تكشف اختبارات الدم عن زيادة في عدد الكريات البيضاء، وهذا ما يشير إلى وجود التهاب.
ومن خلال فحص عينة من البراز يمكن للطبيب أن يكشف عن وجود نزف أو عدوى في الأمعاء.
وقد يحتاج الطبيب إلى إجراء تنظير للقولون، أي إلى إدخال المنظار عبر فتحة الشَرْج لرؤية بطانة الأمعاء الغليظة. والمنظار هو أنبوب طويل مرن مزود بضوء ومتصل بجهاز كمبيوتر وشاشة تلفزيون. ومن خلاله يرى الطبيب أي التهاب أو نزف.
خلال تنظير القولون، يمكن أن يأخذ الطبيب خَزْعَة، أي عيِّنَة من نسيج بطانة الأمعاء لفحصها تحت المجهر.
ويمكن أن يستدعي الأمر تصوير القولون بالأشعة السينية بعد إعطاء المريض حقنة باريوم. حيث يستطيع الطبيب رؤية القولون رؤية واضحة عندما يصبح مليئاً بالباريوم، وهو محلول أبيض طباشيري، لأن الباريوم يظهر بالأشعة السينية.
علاج التهاب القولون القرحي
تهدف معالجة التهاب القولون القَرْحي إلى:
- السيطرة على الالتهاب
- تصحيح نقص التغذية
- تخفيف ألم البطن والإسهال والنزف الهضمي السفلي.
قد تشمل المعالجة إعطاء المُكَمِّلات الغذائية، أو الأدوية، أو الإقامة في المستشفى، أو الجراحة، أو الجمع بين عدة إجراءات معاً.
المعالجة الغذائية. إذا كانت الأعراض ناجمة عن بعض المواد الغذائية، فمن الممكن السيطرة على هذه الأعراض بتجنب تناول الأغذية التي تهيج الأمعاء، مثل الأطعمة الغنية بالتوابل أو سكر الحليب الذي يسمى اللاكتوز.
الأدوية. يمكن استخدام أنواع مختلفة من الأدوية لمعالجة التهاب القولون القَرْحي. وهي الأمينوساليسيلات والستيروئيدات القشرية أي(الكورتيزون) ومثبِّطات المناعة.
تساعد الأمينوساليسيلات في مكافحة الالتهاب. وعادة ما يُعالَج مرضى التهاب القولون القَرْحي الخفيف أو المعتدل بهذا النوع من الأدوية أولاً. وهي مفيدة أيضاً للمرضى الذين يعانون من انتكاس التهاب القولون.
إن الستيروئيدات القشرية، أو الكورتيزون، تخفف الالتهاب أيضاً. وهي توصف عادةً لمرضى التهاب القولون القَرْحي المعتدل والشديد، أو للمرضى الذين لا تفيدهم الأمينوساليسيلات. يمكن أن تسبب الستيروئيدات القشرية آثاراً جانبية مثل زيادة الوزن وارتفاع الضغط الشرياني والسكري وحب الشباب وظهور الشعر على الوجه وتبدلات في المزاج ونقص في الكتلة العظمية وزيادة في خطر الإصابة بالعدوى. وبسبب هذه الآثار الجانبية، لا ينصح عادة باستخدام الستيروئيدات القشرية لفترة طويلة، ولكنها فعالة جداً إذا استخدمت لفترة قصيرة.
إن مثبطات المناعة تحد من الالتهاب عن طريق تأثيرها على الجهاز المناعي. وعادةً ما توصف هذه الأدوية للمرضى الذين لا يتحسنون عند استخدام الأمينوساليسيلات أو الستيروئيدات القشرية أو للمرضى المعتمدين على الستيروئيدات القشرية. قد يستغرق الأمر ستة أشهر قبل أن تتضح الفوائد الكاملة لمثبطات المناعة. يظل المريض الذي يتناول مثبطات المناعة تحت المراقبة تحسباً لحدوث المضاعفات مثل التهاب البنكرياس أو التهاب الكبد أو انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء أو حدوث عدوى.
يمكن إعطاء أدوية أخرى لإراحة المريض أو لتخفيف الألم أو الإسهال أو العدوى.
دخول المستشفى. قد تكون الأعراض شديدة إلى حدٍّ يستدعي إدخال المريض إلى المستشفى. من هذه الأعراض النزف الشديد أو الإسهال الذي يؤدي إلى الجفاف (ضياع السوائل والشوارد من الجسم).
الجراحة. حوالي 25-40% من مرضى التهاب القولون القرحي يحتاجون في النهاية إلى استئصال القولون بسبب النزف الشديد أو تفاقم المرض أو تمزق القولون أو خطر الإصابة بالسرطان.
وقد يوصي الطبيب باستئصال القولون إذا فشل العلاج الدوائي، أو إذا كانت الآثار الجانبية للستيروئيدات القشرية أو غيرها من الأدوية تهدد صحة المريض.
وفي بعض جراحات استئصال القولون يوصل الطبيب الجراح نهاية الأمعاء الدقيقة بفوهة جلدية يفتحها على الوسط الخارجي؛ وهذا يدعى فَغْر اللفائفي. ويفقد المريض في هذه العمليات القدرة على التحكم بخروج البراز.
وهناك عمليات جراحية أخرى لاستئصال القولون يربط الجراح فيها نهاية الأمعاء الدقيقة بالمستقيم، وهذا ما يسمح للمريض بالتحكم بخروج الغائط بشكل طبيعي.
خلاصة
التهاب القولون القَرْحي هو التهاب بطانة الأمعاء الغليظة. يسبب هذا الالتهاب الإسهال ويؤدي إلى تشكل قرحات. وإذا لم يعالج فقد يؤدي إلى حالات صحية خطيرة.
يمكن أن يعيش مرضى التهاب القولون القَرْحي فترة طويلة من الزمن قبل ظهور الأعراض.
هناك أنواع عديدة من العلاجات المتاحة لمرضى التهاب القولون القَرْحي. وعند الضرورة، يمكن للجراحة مساعدة المريض على العيش حياة طبيعية فعالة.
إن المرضى الذين يحتاجون إلى تناول أدوية لفترة طويلة يبقون قادرين على أداء أعمالهم وتربية أسرهم وعلى العمل بنجاح في المجتمع وفي البيت.
العربيه للمحتوى الصحي