هذا موضع من المواضع التي يمكن أن تكسر (إنَّ) فيه أو تفتح، والإمكان غير الجواز، وضابط الكسر والفتح عند النحويين هو أنّ ما لا تؤول مع جملتها بمصدر تكسر وما تؤول بمصدر تفتح، قال السيوطي "الْحَال الثَّالِث مَا يجوز فِيهِ الْأَمْرَانِ، فباعتبار تقديرها جملَة تكسر وَبِاعْتِبَار تقديرها بمصدر تفتح وَذَلِكَ فِي مَوَاضِع"(1)، وعدد المواضع وجعل "الثَّالِث بعد أَي المفسرة"(1).
وما بعد (أيْ) عطف بيان أو بدل للمفسَّر الذي قد يكون مفردًا أو جملة، قال ابن هشام عن (أيْ) "وحرف تَفْسِير تَقول (عِنْدي عسجدٌ أَيْ ذهبٌ)، و(غضنفرٌ أَي أَسدٌ). وَمَا بعْدهَا عطف بَيَان على مَا قبلهَا، أَو بدل، لَا عطف نسق، خلافًا للكوفيين وصاحبي الْمُسْتَوْفَى والمفتاح؛ لأَنا لم نر عاطفا يصلح للسقوط دَائِما، وَلَا عاطفا ملازما لعطف الشَّيْء على مرادفه. وَتَقَع تَفْسِيرا للجمل أَيْضا كَقَوْلِه:
12 - (وترمينني بالطرف أَي أَنْت مذنب ... وتقلينني لَكِن إياك لَا أقلي)"(2).
ولم يمثل لها السيوطي، واكتفى عباس حسن بمثال لفتحها، قال "(6) وقوعها بعد (أيْ) المفسرة؛ نحو: سرني ابتداعك المفيد، أي: أنك تبتكر شيئًا جديدًا نافعًا"(3). وأن وما بعدها في مثاله مؤولة بمفرد؛ لأنها بدل مفرد هو ابتداع.
وبمراجعة استعمالاتها في التراث وجدت همزة (إنّ) تكسر بعد (أيْ) لأنها غير مؤولة بمصدر، وأجتزئ بأمثلة من لغة بعض النحويين، من ذلك قول سيبويه "وذلك قولك: إنّ في ألفِ درهمٍ لَمَضرَبا، أي إن فيها لضربًا"(4). وقال أيضًا "وزعم يونُس أن العرب تقول: إنَّ بدلَك زيدا، أي إنَّ مكانك زيدا"(5). وقال ابن السراج " كما تقول: زيدٌ عمرٌو، أي: إنَّ أمرَه وهو يقوم مقامه، جازَ، وإلا فالكلام محالٌ؛ لأن عمرًا لا يكون زيدًا"(6). وقد تجدها في بعض الكتب مفتوحة وأحسبه من أوهام النساخ أو المحققين؛ إذ لا علة لفتح همزة (إنّ) ما لم تقدر جملتها بمفرد.
والذي يُنتهى إليه أنّ (أيْ) المفسرة إن جاء بعدها جملة مصدرة بإنّ كسرت همزتها ما لم تكن مؤولة بمفرد لأنها بدل مفرد.