بســم الله الرحمن الرحـــيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله أجمعـــــــين
دنيـــا العاشقـين
مثل هذه الدنيا كمثل بستان كبير قد زرعت فيه شتى
أصناف الاشجار والأزهار , فيها الشجرة العملاقـة والشجيرة الصغيرة , فيها الورود
والازهار , وفيهـا الشوك والعاقول , فيها مايملأ شذى عطره كل مكان وفيها ماتنفر
من رآئحته الطباع , فيها تلك ألألوان الأخآذة وفيها , وفيها ما تكتئب منه
النفوس,فيهـاالصغير والكبير , والنافع والضار , المثمر وألعقيم فسبحان من جمع
تلك المتناقضات في تلك اللوحة ولكن كل هذه المتناقضات على كثرتها ربما لاتثير
أهتمامات الناظرين , ولكن ما أن تقع عينك على تلك الورود الأخآذة وتقترب منها
فتخطف روحك تلك الرياحين لاتلبث ألا هنيئة حتى تسرح في عالم
اللامحسوس تهيم في ذلك ألعالم
عالم الجمال الخلاب
هنا في هذه الدنيا نجد هذا الجمال ايضا"جمال من نوع
خاص , جمال لاتلحق به كل تلك الصور الاخآذة التي
شهدناها في ذلك البستان , وذلك جمال
............
العاشقـــــــين
ذلك العالم السحري كل شيء فيه جميل ..جميل ..جميل
ترى العشق الحقيقي .. ترى الصفآء الروحي .. تـرى الوفآء الأزلي .. ترى النعيم
السرمدي .. ترى المعشـــــوق الأوحـــــــدي هؤلآء صفوة من صفوة اناس هاموا في
عشق محبوبهم تفانوا في حبه , أفنوا أعمارهم في خدمته , سهـروا الليالي طلبا"
لقربه ومودته , أذبلوا الشفاه بذكــره وشكره , ابعدوا القريب , وقربوا البعيد طلباً
لمحبته ساروا في دروب الوحشة طلبا" لأنسِه وقربــــهِ أهملوا الدموع على الوجنات في ظلمات الدجى شوقا
وفرقا"لنيل نفحات من تلك اللحظات التي تفرد بها
العشاق دون غيرهم , لحظات َتسموا فيها ارواحهم الى عِليين مفارقة ًتلك السجون
التي تسمى الاجساد لتقف في تلك الحضرة القدسية السرمدية النورانية البهية
الجلالية , صعدت تلك الارواح مفارقة تلك الأجساد لتذهب الى من أشتاقت قربه ووده
ومحبته تقف في تلك اللحظات العشقية المهيبة التي طالما تمنتها فسجدت تعظيما" لذلك الحبيب القدسي
, ليفيض عليها من رشفات الشوق والمحبة ويزيدها بالمحبة
أحراقا"وبالقرب أشراقا" حتى تهيم في لجج تلك البحور
الاحدية الاوحدية السرمدية الصمدية حتى يخرجها من
تلك البحور وعليها آثار القرب من محبته ورحمتــه
شيئا" فشيئا" تعود تلك الارواح الى ما منه رحلت فترى عليها أطياف الشوق
والغرام وقد افاض عليها الحبيب بما أفاض من عطاياه ومننه لا تعلم نفس ماأخفي
عنها من قرة أعين وهكذا قطعوا تلك الديار
المقفرة التي تسمى الدنيا قطعوها سيرا" الى الحبييب
لايأبهون بصحاريها ولاجبالها ووديانها و لايأبهون بعقاربها ولا أفاعيها بل لايرون
لهم أثرا" لايرون الا ذلك المعشوق الذي هاموا فيه ومن اجلــه وبذلك تميزوا عن
غيرهم من العشاق الآخرين فهؤلاء هم
عشــاق في الدنيـــا
وأولئك هم
عشـــاق الدنيـــا
فطوبـــى لهم وحسن مــآب
لقد جآء في حديث ألمعراج
الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال:يارب ماأول ألعبادة ؟
قال يا أحمد :أول العبادة الصمت ,والصوم, وقال
هل تعلم ياأحمد ما ميراث الصوم
قال : لا يارب
قال : ميراث الصآئم قلة الأكل وقلة الكلام, والعبادة الثانية الصمت
ويورث الصمت الحكمة , وتورث الحكمة المعرفة , وتورث المعرفة اليقين , فأذا
أستيقن العبد لايبالي كيف اصبح بعسر ام بيسر
فهذا مقام الراضين, فمن عمل برضاي ألزمته خصال ثلاث
أعرّفه شكرا" لا يخالطه الجهل , وذكرا" لايخالطه النسيان
ومحبة لا يؤثر على محبتي حبّ المخلوقين , فأذا أحبني أحببته وحَبّبتَهُ الى خلقي ,
وأفتح عين قلبه الى جلالي وعظمتـي فلا أخفي عليه علم خاصة خلقي فأناجيه في
ظلم الليل , ونور النهار حتى ينقطع حديثه مع المخلوقين , ومجالسته معهــــم
وأسمعه كلامي وكلام ملآئكتي , وأعرفه سري الذي سترته عن خلقي
ولأجعلن ملك هذا العبد فوق ملك الملوك حتى يتضعضع له كل
ملك ويهابه كل سلطان جآئر , وجبار عنيد , وتمسح له كل سبعٍ ضاري
ولأشوقن اليه الجنة ومافيها , ولأستغرقن عقله و بمعرفتي , ولأقومن له
مقام عقله , ولأهونن عليه الموت وسكرآته , ومرارته , وفزعه حتى يساق
الى الجنة ســــوقا
وأذا نزل به ملك الموت يقول له : مرحبا" و وطوبى لك , طوبى لك
طوبى لك, أن الله تعالى أليك مشتاق , أعلم ياولي الله أن الأبواب ألتي كان يصعد
منها عملك تبكي عليك , وأن محرابك ومصلاك يبكيان عليك فيقول : أنا راضٍ برضوان الله , وكرامته
ويخرج روحه عن جسده كما تخرج ألشعرة من العجين , وأن ألملآئكة
يقومون عند رأسه بيدي كل ملك كأس من مآء ألكوثر , وكأس من الخمر يسقون
روحه حتى تذهب سكرته ومرارته, ويبشرونه بالبشارة العظمى
ويقولون له : طبت وطاب مثواك , أنك تقدم على العزيز الكريم
الحبيب ألقريب
فتطير الروح من ايدي الملآئكة فتصعد الى الله تعالى في
اسرع من طرفة عين , ولا يبقى حجاب , ولا ستر بينهما وبين الله تعالى
والله عزّوجلّ أليها لمشتاق , وعن يمين العرش ثم يقال لها
ايتها الروح كيف تركت الدنيا ؟
فتقول
الهي وسيدي وعزتك وجلالك لا علم لي بالدنيا , انا منذ خلقتني الى هذه
الغاية خآئف منك
فيقول الله تعالى
صدقت , كنت بجسدك في الدنيا , وبروحك معي , فأنت بعيني اعلم سرّك
وعلانيتك ,اعطك وتمنّ عليّ فأكرمك , هذه جنتي فتبجح فيها , وهذا جواري فأسكنه
فتقول الروح
الهي عرّفتني نفسك فاستغنيت بها عن جميع خلقك , وعزتك وجلالك لو كان
رضاك في أن أقطعَ
أرباً أرباً أو أقتل سبعين قتلة بأشد ما يقتل به الناس
لكان رضاك أحبّ اليّ
فقال الله عزّ وجلّ
وعزتي وجلالي , لا أحجب بيني وبينك في وقت من ألأوقات حتى تدخل
عليّ أيّ وقت شئت , وكذلك أفعل بأحبآئي
وأفتح عين قلبه وسمعه حتى يسمع بقلبه مني وينظر بقلبه الى عظمتي وجلالي
ان أدنى ما أعطي الزاهدين في ألآخرة مفاتيح الجنان كلها حتى يفتحوا أيَّبابٍ شآءوا
, ولا احجب عنهم وجهي , ولأنعمنهم بأنواع ألتلذّذ من كلامي وأفتح لهم أربعة
أبواب : باب تدخل عليهم الهدايا منه بكرةً وعشياً .. وباب ينظرون منه أليّ كيف شآءوا
ولأرفعنّ الحجب لها دوني ..ولايلي قبض روحه غيري .. فأقول عند قبض روحه
مرحباً وأهلاً بقدومك عليّ
____________
منقول