من المعروف حتى الآن أن أعراض "كوفيد-19" الشائعة تشمل الحمى والسعال الجاف والتعب، فيما يعاني البعض من الآلام والتهاب الحلق وفقدان حاسة الذوق أو الشم.
وقد يتوقع المرضى الذين يعانون من حالة خفيفة أن يتحسنوا بعد بضعة أسابيع. ولكن هناك أدلة متزايدة على أن الأمر ليس كذلك باعتبار أن "كوفيد-19" قد يترك أعراضا طويلة الأمد على ضحاياه، وليس فقط على الأكثر تضررا أو كبار السن والضعفاء.
ويظهر "كوفيد-19" بأنه مرض رئوي، حيث يصيب الفيروس SARS-CoV-2 خلايا الجهاز التنفسي ويمكن أن يسبب الالتهاب الرئوي الذي يهدد الحياة. ومع ذلك، فإن النطاق الكامل للأعراض يؤثر على أجزاء متعددة من الجسم.
وإلى جانب الأعراض الموصوفة جيدا للحمى والسعال وفقدان الرائحة، فهناك آثار أخرى، بما في ذلك التعب والطفح الجلدي والصداع وآلام البطن والإسهال، لدى الأشخاص الذين يصابون بأشكال أكثر حدة من المرض، ويبلغ أولئك أيضا عن الارتباك وآلام العضلات الشديدة والسعال وضيق التنفس.
ويحتاج نحو 20% من المصابين بـ"كوفيد-19" إلى دخول المستشفى لعلاج الالتهاب الرئوي، والمساعدة بالأكسجين. وفي حوالي 5% من الحالات، يصبح الالتهاب الرئوي شديدا حيث يتم إدخال المرضى إلى العناية المركزة لدعم التنفس.
ويبدو أن الأشخاص الذين يعانون من "كوفيد-19" الشديد يظهرون استجابة مناعية متغيرة حتى في المراحل المبكرة من المرض، ولدى البعض عدد أقل من الخلايا المناعية التي تفشل في السيطرة على الفيروس بكفاءة، بينما يعاني آخرون من استجابة التهابية مبالغ فيها تعرف باسم "عاصفة السيتوكين".
وهذا ما يمكن تصنيفه بأنه أحد العوامل الرئيسية التي تجعل المرض خطيرا للغاية لدى بعض المرضى.
ويصف المرضى الذين يعانون من "كوفيد-19" الشديد مجموعة من الأعراض الأكثر تعقيدا بكثير مما يمكن رؤيته عادة مع الالتهاب الرئوي وحده.
ويمكن أن يشمل ذلك التهاب الدماغ، ما يسبب الارتباك وتقليل الوعي. وقد يصاب بالسكتة الدماغية نحو 6% من المصابين بمرض شديد من "كوفيد-19".
وتكشف دراسات علم الأمراض وتشريح المرضى الذين ماتوا بسبب "كوفيد-19"، عن السمات المتوقعة للالتهاب الرئوي الحاد أو متلازمة الضائقة التنفسية الحادة (ARDS)، مع التهاب وتندب واسع النطاق. وتحدث متلازمة الضائقة التنفسية الحادة عندما يكون هناك التهاب مفاجئ وواسع النطاق في الرئتين، ما يؤدي إلى ضيق التنفس وزرقة في الجلد .
وبشكل فريد، تكشف الدراسات أيضا أن الفيروس يبدو أنه يسبب التهابا مباشرا في الشعيرات الدموية الصغيرة أو الأوعية الدموية، ليس فقط في الرئتين ولكن في العديد من الأعضاء، ما يؤدي إلى تجلط الدم وتلف الكلى والقلب.
-الأعراض المستمرة "محبطة للغاية"
من المتوقع أن يعاني أي شخص مصاب بمرض شديد من "كوفيد-19"من عواقب طويلة الأمد. لكن يبدو أن هذه الحالة تستمر حتى في الأشخاص الذين يعانون من أشكال أخف من المرض.
وتغص وسائل التواصل الاجتماعي بقصص الناجين من "كوفيد-19" الذين يعانون من أعراض مستمرة، حيث أن البعض يعان من أعراض طويلة الأمد لما يزيد عن 60 يوما بعد الإصابة، والتي تشمل اضطراب المعدة وطنين الأذنين، وضيق التنفس ودوخة والتهاب المفاصل، وأيضا آلام المفاصل وألم الصدر وضيق التنفس والتعب المستمر، وغيرها.
وفي حين أن تجربتنا مع "كوفيد-19" بدأت للتو، فإن الأعراض طويلة المدى التي تعقب المرض الفيروسي الحاد ليست ظاهرة جديدة، حيث ترتبط الإنفلونزا منذ فترة طويلة بالأعراض المستمرة مثل التعب وألم العضلات، بما في ذلك بعد أوبئة 1890 و1918-1919.
ومن المعروف أن بقاء الالتهاب الرئوي الفيروسي الشديد أو متلازمة الضائقة التنفسية الحادة، خاصة بعد العناية المركزة، له آثار طويلة الأمد.
ويعاني بعض الناجين من ضيق التنفس والتعب على المدى الطويل نتيجة تلف الرئتين أو من مضاعفات أخرى.
ويمكن أن يعاني الناجون أيضا من الاكتئاب (26-33%) أو القلق (38-44%) أو اضطراب ما بعد الصدمة (22-24%).
-الأعراض طويلة المدى هي سمة من سمات الفيروسات التاجية الأخرى
تجربتنا مع فيروسات كورونا الأخرى كان يجب أن تحذرنا من هذه المشاكل، حيث تسبب فيروس السارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) في الإصابة بأمراض شديدة في نسبة أكبر من المرضى مقارنة بـ "كوفيد-19"، وعانى عدد كبير من المصابين من متلازمة الضائقة التنفسية الحادة واحتياجات للعناية المركزة.
وتتبع الباحثون الكنديون الناجين من أول تفش للسارس في تورنتو، ووجدوا أن اضطرابات النوم والتعب المزمن والاكتئاب وآلام العضلات كانت شائعة بينهم.
واضطر ثلث الناجين إلى تعديل عملهم وأسلوب حياتهم، و14% فقط لم يكن لديهم أعراض طويلة الأمد.
وبالمثل، في مجموعة كورية من الناجين من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، ظل 48% يعانون من إرهاق مزمن بعد 12 شهرا من الإصابة.
وما تزال جائحة "كوفيد-19" في أيامها الأولى، ومن الواضح أن الناجين الذين يعانون من أعراض مستمرة، شائعة للغاية، ويجب سماع أعراضهم ومخاوفهم ودراستها وفهمها، فضلا عن تجنيد التجارب السريرية في المملكة المتحدة وأوروبا والولايات المتحدة الآن للقيام بذلك.