القرائن القضائية
( القرائن القضائية) تعد من وسائل الإثبات التي تتيح للمحكمة فرصة الوصول إلى الحقيقة وعلى وفق حكم المواد (102 ـ 104) من قانون الإثبات رقم (107) لسنة 1979 المعدل ، الذي عرفها بأنها استنباط القاضي أمرا غير ثابت من أمر ثابت لديه في الدعاوى المنظورة ، إلا أن المشرع اشترط للأخذ بالقرينة القضائية أن تكون متعلقة بواقعة من الممكن إثباتها بالبينة الشخصية، وذلك على وفق حكم الفقرة (ثانيا) من المادة (102) إثبات التي جاء فيها الآتي (للقاضي استنباط كل قرينة لم يقررها القانون وذلك في نطاق ما يجوز إثباته بالشهادة) وهذا الشرط ورد في العديد من قوانين الإثبات أو البينات في بعض البلدان ومنها قانون الإثبات المصري في المادة (100) وفي قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني المادة (302) ، ويرى شراح القانون الخاص إن الإثبات بالقرائن هو إثبات غير مباشر لأنه لا ينصب على الواقعة المراد إثباتها، وإنما على واقعة أخرى إذا ثبتت أمكن أن يستخلص منها ثبوت الواقعة المراد إثباتها وعلى وفق ما ذكره الدكتور محمد حسن قاسم في كتابه الموسوم ( قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية ـ منشورات مكتبة الحلبي الحقوقية ـ طبعة بيروت عام 2008 ـ ص 339) و جاء في تعليل محكمة الاستئناف اعلاه عند الاخذ بالقرينة القضائية القول الآتي (تستنبط الخصومة من جملة قرائن قد طرحت في طلب الكشف لان القرينة القضائية هي استنباط أمر مجهول من أمر معلوم فالأمر المعلوم هو ادعاء طالب الكشف بقيامه بتشييد مركز للشرطة يستنتج من هذا الأمر المعلوم أمرا مجهولا هو استفادة وزارة الداخلية من هذا المركز. وبالتالي يتم استنباط خصومتها لطالب الكشف المستعجل المحتملة مستقبلا) وفي هذا التعليل تظهر عدة أسئلة منها هل الاستنباط يتعلق بواقعة الخصومة؟ فإذا كان كذلك، هل يجوز أن نثبت الخصومة بالبينة الشخصية (شهادة الشهود) الجواب سيكون بالنفي لان الخصومة يستدل عليها بآليات حددها القانون بعضها يتعلق بشخص المدعي او المدعى عليه ومنها ما يتعلق بصفته وهذه جميعا لا يجوز إثباتها إلا في بينات تحريرية معتبرة قانوناً مثل الهوية التعريفية أو سند الوكالة أو صك التفويض أو أي وثيقة رسمية أخرى ، وبذلك فان الاستنباط اعلاه لا محل له في هذا الاتجاه، أما إذا اعتبرنا إن الواقعة المستنبطة تتعلق بعنصر الاستفادة من وزارة الداخلية لمركز الشرطة محل نظر الكشف المستعجل وعلى وفق ما ورد في القرار أعلاه ، وفي هذه النقطة لابد من وقفة تجاه كلمة (الاستفادة) التي قصدها القرار أعلاه لان المصلحة في الدعوى هي الفائدة العملية التي توخاها صاحب المصلحة في ممارسته لحق قرره القانون، وافهم من النص أعلاه إن الاستفادة المقصودة هي الانتفاع بالعين محل الكشف، وهذه لابد أن تكون بموجب سند قانوني لان مجرد الانتفاع بدون سند يعد فعل غير مشروع مثل واقعة الغصب المشار إليها في المادة (192) من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 المعدل وبذلك لا يمكن أن نستنبط قرينة قضائية مشروعة من واقعة غير مشروعة، إذ لا يكون عنصر الانتفاع بمفرده سببا لإنشاء الرابط القانون أو العلاقة التعاقدية ، ويبقى السؤال هل ذلك الاستنباط توفر على أسبابه القانونية على وفق حكم القانون ؟