تعريف الخصومة
الخصومة في اللغة تعني الجَدَلُ. خاصَمَه خِصاماً ومُخاصَمَةً فَخَصَمَهُ يَخْصِمهُ خَصْماً: غلبه بالحجة، والخُصومَةُ الاسم من التَّخاصُمِ والاخْتِصامِ والخَصْمُ: معروف، واخْتَصَمَ القومُ وتَخاصَموا، وخَصْمُكَ: الذي يُخاصِمُكَ، وجمعه خُصُومٌ، وعلى وفق ما ورد في لسان العرب أما التعريف الاصطلاحي فان الخصومة القضائية هي مجموعة من الأعمال الإجرائية والتي تكون وسطاً إجرائياً وبمثابة الإطار العام الذي يحيا بداخله مشروع القرار القضائي الذي سيصدر في نهاية الخصومة منهياً لها والمسمى حكماً. فالخصومة القضائية تبدأ بتقديم عريضة الدعوى وتنتهي بصدور حكم يحسم النزاع على الحق المتنازع عليه.وهناك من أطلق عليها اسم أداة تطبيق القانون ويرى الدكتور احمد أبو الوفا إن الخصومة القضائية هي حالة قانونية ناشئة عن مباشرة الدعوى وترتب علاقة قانونية بين الخصوم، وبذلك فان الخصومة القضائية عبارة عن مجموعة من الإجراءات القانونية التي تباشر أمام القضاء وأول إجراء فيها هو المطالبة القضائية ثم تتوالى سائر الإجراءات ويجد الدكتور إبراهيم نجيب سعد في كتابه الموسوم (القانون القضائي الخاص ـ موسوعة القضاء والفقه للدول العربية ـ الجزء السدس والستون ـ طبعة بيروت ـ ص 10) والمشار إليه في كتاب المحامي فوزي المياحي الموسوم (الخصومة القضائية أمام الاستئناف ـ ص 31) بان الخصومة القضائية تمر بثلاث مراحل رئيسية تمثل تدرجا منطقيا في تحقيق غايتها ، فتبدأ بمرحلة المطالبة القضائية (الادعاء) ثم مرحلة التحقيق (الإثبات) وتنتهي بصدور الحكم القضائي ،
القضاء المستعجل
إن طلب الكشف المستعجل الذي يطلبه طالب الكشف من القضاء ناشئ عن تخوف وخشية طالب الكشف من فوات الوقت على بعض المسائل المستعجلة وعلى وفق حكم المادة (141) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل وهذا ما يسمى بالقضاء المستعجل الذي يتميز عن القضاء العادي بأنه يسعف الأفراد بأحكام عاجلة تصدر بعد إجراءات مختصرة ومواعيد قصيرة وقابلة للنفاذ المعجل عند صدورها مما يعجز عنه القضاء العادي على وفق ما ذكره المرحوم عبدالرحمن العلام في كتابه الموسوم ( شرح قانون المرافعات المدنية ـ ج3ـ ص4) ومن خلال ما تقدم نجد إن مهمة القضاء المستعجل تتجلى في كونه أداة لضمان تحقيق الحماية للحق وتحصينه عند إقامة دعوى بأصل الحق وهو بهذا الوصف أداة مجردة للاحتياط. وزادت أهمية هذا النظام في العصر الحاضر تبعاً لاتساع نطاق المعاملات وتشعبها وتعقدها من جهة،وللسرعة التي يتسم بها هذا العصر من جهة أخرى مع ما يتبع ذلك من ضرورة اتخاذ إجراءات كفيلة بإيجاد حلول سريعة ومؤقتة تستقر بها العلاقة والأوضاع مؤقتاً إلى أن يبت بجوهر النزاع وحرص المشرع على حقوق الخصوم ومراكزهم القانونية فأوجد المشرع إلى جانب القضاء العادي نظام القضاء المستعجل، الذي يمكن الالتجاء إليه كلما كان هناك خطراً يتضمن ضرراً لا يمكن تلافيه فيما لو لجأ الخصوم إلى القضاء العادي . إلا إن هذه الخصوصية لم تمنعه من الخضوع لذات القواعد الإجرائية عند التصدي له باستثناء مدة التبليغ فإنها تكون قبل أربع وعشرين ساعة على خلاف التبليغ في الدعوى الاعتيادية أن تكون قبل ثلاثة أيام على الأقل وعلى وفق حكم المادة (150) مرافعات وهذا يقودنا إلى نقطة البحث المتعلق بالخصومة لان قانون المرافعات أشار إلى الخصومة في حكم المواد (4،5، 6) من قانون المرافعات، إذ ذكر الخصومة المتعلقة بالمدعى عليه ولم يتطرق إلى المدعي وعلى وفق حكم المادة (4) مرافعات التي جاء فيها الآتي (يشترط أن يكون المدعى عليه خصما يترتب على إقراره حكم بتقدير صدور إقرار منه وان يكون محكوما أو ملزما بشيء على تقدير ثبوت الدعوى . ومع ذلك تصبح خصومة الولي والوصي والقيم بالنسبة لمال القاصر والمحجوز والغائب وخصومة المتولي بالنسبة لمال الوقف . وخصومة من اعتبره القانون خصما حتى في الأحوال التي لا ينفذ فيها إقراره .) إما المدعي فان المشرع اكتفى له أن يكون متمتعا بالأهلية اللازمة لاستعمال الحقوق وعلى وفق حكم المادة (3) مرافعات التي جاء قيها الآتي (يشترط ان يكون كل من طرفي الدعوى متمتعا بالأهلية اللازمة لاستعمال الحقوق التي تتعلق بها الدعوى ولا وجب أن ينوب عنه من يقوم مقامه قانونا في استعمال هذه الحقوق) ويرى جانب من الفقه إن ذهول المشرع عن ذكر الخصومة في المدعي لا يغير من مركزه القانوني لان المدعي لابد وان يكون خصما للمدعى عليه أيضا، وبما إن المدعي صاحب المصلحة الشخصية فيكون ذلك الشرط هو معيار توفر الخصومة سواء كان المدعي مارس حقه في التقاضي بصفته الشخصية أو بواسطة نائب او وكيل وعلى وفق ما ذكره المرحوم عبدالرحمن علام في كتابه المشار إليه أعلاه (الجزء الأول ـ ص 54) وهناك تفصيل فقهي واسع حول الخصومة وما يلتبس معها من مصطلحات، مثل الصفة والدعوى والنزاع والمرافعة لا محل لها في هذا البحث، ومن خلال ما تقدم نجد إن الخصومة واحدة من حيث توافرها في المدعى عليه ولامناص من التحقق منها في الدعوى الاعتيادية أو القضاء المستعجل لان القضاء المستعجل يكون بمواجهة طرفي الدعوى، فإذا لم يتوفر احدهم على شرط الخصومة فان المرافعة لا تنعقد وعلى وفق حكم المادة (51) مرافعات التي ألزمت المحكمة بوجوب التحقق من صفات الخصوم ، وهذا يؤكد إن المطلوب الكشف ضده لابد أن يكون خصما لان المحكمة عند إجراء المرافعة في دعوى طلب الكشف المستعجل تعمل بموجب أحكام المادة أعلاه وغيرها من المواد التي تنظم جلسة المرافعة فضلا عن التأكيد الذي ورد في حكم المادة (58) مرافعات التي أشارت إلى عبارة الخصوم في أول جلسة ولم يرد فيها استثناء يتعلق بأحد طرفي دعوى القضاء المستعجل ومنه طلب الكشف المستعجل لان مطلق النص يشير إلى ذلك، وإذا أردنا الاستثناء لابد من وجود نص يسند هذا المسعى وعند مطالعة مجمل المواد القانونية التي تنظم جلسة المرافعة وسماع الدعوى لم نجد ما يشير إلى وجود الاستثناء وعلى وفق حكم المواد (58 ـ 65) مرافعات، وبذلك فان ما توجهت به محكمة استئناف القادسية بصفتها التمييزية في قرارها محل البحث، بان الخصومة في القضاء المستعجل هي غيرها في القضاء الاعتيادي، فانا لا اتفق معه ولا مع توصيف الخصومة المحتملة الذي ورد نصه في القرار أعلاه كآلاتي (احتمالية خصومة المطلوب الكشف المستعجل ضده واردة مستقبلا) والسبب في ذلك كما أراه إن الاحتمالية تكون متأرجحة بين الوجود والعدم وتتعلق بأمر مستقبلي بينما في الخصومة عند المباشرة بإجراءات التقاضي لابد من وجودها حقيقة، حيث تكون الخصومة وعلى وفق ما تم تعريفه من فقهاء القانون عبارة عن مجموعة من الإجراءات القانونية التي تباشر أمام القضاء وأول إجراء فيها هو المطالبة القضائية ثم تتوالى سائر الإجراءات، وشرط تحققها في لحظة المباشرة شرط أساسي للمباشرة ببقية الإجراءات وأي تأرجح في أمكانية وجودها أو احتمالية تحققها مستقبلا سيقف عائقا دون إكمال ما تبقى من إجراءات ، لكن وجدت إن محكمة الاستئناف قد تداركت ذلك الاتجاه في الدعوى محل التدقيق حينما عرجت على المصلحة المحتملة عندما ذكرت في الحيثيات الآتي (وطالب الكشف المستعجل يهدف بطلبه إجراء الكشف المستعجل الى حماية حقه المحتمل الوجود) وفي هذه الالتفاتة تداركت ذلك التوجه لان احتمالية وجود المصلحة دون تحققها وقت المباشرة بإجراءات التقاضي لا يمنع من إقامة الدعوى وعلى وفق الاستدراك الوارد بحكم المادة (6) مرافعات والتي جاء فيها (يشترط في الدعوى أن يكون المدعى به مصلحة معلومة وحالة وممكنة ومحققة ومع ذلك فالمصلحة المحتملة تكفي ان كان هناك ما يدعو الى التخوف من الحاق الضرر بذوي الشان ويجوز كذلك الادعاء بحق مؤجل على ان يراعى الاجل عند الحكم به وفي هذه الحالة يتحمل المدعى مصاريف الدعوى) ويرى شراح قانون المرافعات أن القاعدة والأصل أن تكون المصلحة قائمة وغير محتملة، إلا إن الاستثناء الوارد في الاستدراك الملمع عنه في حكم المادة (6) مرافعات أجاز أن تكون المصلحة محتملة، بمعنى إن الضرر فيها لم يقع بعد والاعتداء لم يحصل وإنما محتمل الوقوع ومتوقع الحصول، فيجوز آنذاك رفع الدعوى لتوقي الضرر وتسمى هذه الدعاوى بالدعاوى الوقائية وعلى وفق ما أشار إليه المرحوم عبدالرحمن العلام في كتابه المنوه عنه في أعلاه (الجزء الأول ـ ص95) فضلا عن الفقه المقارن فان شراح القانون اللبناني والإماراتي أشاروا إلى هذا النوع من المصلحة، إلا إنهم حددوا لها شرطين إما لدفع ضرر او لاستيثاق حق يحتمل إنكاره، ومنها دعاوى إثبات الحالة التي تماثل دعوى طلب الكشف المستعجل في القانون العراقي المشار إليها في حكم المادة (144) مرافعات وعلى وفق ما ذكره الدكتور عبده جميل غصوب في كتابه الموسوم (الوجيز في قانون الاجراءات المدنيةـ منشورات المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ـ طبعة بيروت الاولى عام 2010ـ ص160) .