الجزيرة – الاثنين، 14 يناير 2013
تشير تقديرات لمنظمات نسائية عراقية أن 58% من سكان العراق من النساء، وأن هذه النسبة أخذت بالتصاعد خلال العقود الثلاثة الماضية مما أدى إلى قلة فرص الزواج أمام ثلاثة أجيال من النساء، وترك بصمات سيئة على العلاقات الأسرية وأجهض آلاف الزيجات الجديدة وأدخل المرأة في مربع الخطر.تقول حليمة عبد الستار العضو في جمعية المرأة العراقية للجزيرة نت 'هناك مشاكل متنوعة ربما لا تكون بارزة وواضحة أمام الإعلام كي يهتم بها، ولكنها مشاكل تنخر في كيان الأسر العراقية، أولها أن زيادة نسبة النساء إلى الرجال في بلادنا نجم عنه نتائج سيئة انعكست على حظوظ المرأة'.وترى المحامية آلاء عبد المحسن أن 'النسبة العظمى من حالات الطلاق في المحاكم العراقية ترجع إلى عدم قدرة الزوج على توفير السكن والمعيشة، وهي من نتائج البطالة التي تستشري في العراق، وهذه الأسباب تحتل الدرجة الأولى من أسباب الطلاق تليها مباشرة الرغبة في الزواج الثاني لدى بعض الذين تحسنت دخولهم لأسباب مختلفة'.موظفات للزواجويتفق القاضي في المحكمة الشرعية بمنطقة الرصافة (شرقي بغداد) عامر الحسني مع رأي المحامية آلاء، حيث يقول 'نعم هناك ارتفاع في دخول بعض الفئات من العراقيين وهم نسبة قليلة، وأعتقد أن هذا الارتفاع نجم عنه اتجاه بعض الميسورين الجدد إلى تكرار الزواج للمرة الثانية وأحيانا الثالثة، وهو ما تشهده قاعات المحاكم الشرعية بشكل كبير، وأنا من مشجعي تعدد الزوجات لمعالجة شيوع العنوسة بين آلاف النساء'.ويضيف الحسني أن 'إحصائية داخل إحدى المحاكم وسط بغداد تبين أنه خلال الفترة من بداية يناير/كانون الثاني 2012 وحتى العاشر من أكتوبر/تشرين الأول قدمت 700 دعوة تفريق في محكمة واحدة تم حسم 356 منها بالطلاق، ومن المؤسف أن الطلاق بين الأعمار الصغيرة هو النسبة الأكبر وأن العديد من هؤلاء يعودون لتكرار الزواج من موظفات كما تشير إلى ذلك سجلات البحوث الاجتماعية في المحاكم'.وتتفق الكاتبة في محكمة وسط البصرة علياء كاظم مع رأي القاضي الحسني وتقول 'هناك 176 حالة طلاق من بين 297 طلب تفريق قدمت للمحكمة للفترة من فبراير/شباط 2012 وحتى أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، من قبل أعمار معظمها شابة. وتؤكد أيضا أن الباحثين عن الموظفات من أصحاب الرواتب الجيدة يشكلون نسبة كبيرة من بين طالبي الزواج الثاني'.المرأة والسياسةويعتقد المحامي نافع جبر أن ارتفاع نسب الطلاق بين الزيجات الشابة يعود إلى الفشل في توفير الحياة الكريمة من قبل الطرفين، وإلى رغبة الشباب في الهجرة خارج البلاد بحثا عن فرص عيش أفضل'.وتدعو الناشطة النسوية بلقيس أكرم إلى أن تتساهل المحاكم الشرعية العراقية في إبرام عقود الزواج الثاني وحتى الثالث، لأن نسب العنوسة بين النساء في العراق تشكل ظاهرة مؤسفة خلال العقدين الماضيين، وباتت ترتفع بدرجات مخيفة كنتيجة من نتائج الوضع الذي يمر به العراق حاليا'.أما أستاذ علم الاجتماع في الجامعة المستنصرية وسط بغداد مناف كاظم فيرى أن التغيير في نمط الحياة في العراق وظهور ما أسماها الجماعات المتشددة دينيا في مختلف البيئات الاجتماعية كان من بين أهم أسباب اختلال العلاقة بين الرجل والمرأة، التي تشكو من تعديلات قانونية تمس حقها في تنظيم حياتها الأسرية وتحرمها في أحيان كثيرة من مشاركة الرجل في الحياة السياسية.ووفقا لمناف فإن 'نسبة المرأة إلى الرجل في التشكيلة الحكومية والوظائف الرئيسية متدنية خاصة أن العراق شهد تولي المرأة حقائب وزارية ووظائف مرموقة في الحكومات العراقية منذ خمسينيات القرن الماضي، وهو ما افتقدته المرأة التي بدأت تخسر أنوثتها في خضم الخلافات السياسية والدعوات إلى التشدد الديني من قبل أطراف مختلفة'.