لا أعلم أنّ أحدًا استعمل مصطلحًا بهذا اللفظ في التراث؛ ولكني أردت وضعه ليكون مقابلًا لمصطلح (الصفة المشبهة باسم الفاعل) في الصفات على أفْعَل: فَعْلاء، مثل أَبْيَض: بَيْضاء، وعلى فَعْلى: فَعْلان، مثل غَضبى غَضْبان، وغيرهما مما هو مذكور في كتب النحو والصرف.
نجد في تراثنا أنّهم يذكرون صفات وينصون على أنها بمعنى مفعول، ومن هذه الصفات ما جاء على الأبنية الآتية:
1-بناء (فَعيل) الذي يجيء عليه صفات كثيرة مما هو مشبه باسم الفاعل، مثل: كبير وصغير وجميل وصحيح وغيرها، وقد تأتي الصفات على (فَعيل) دالة على المبالغة في الفاعلية مثل (عليم، وسميع)، وأمّا (فَعِيل) بمعنى المفعول فمن أمثلته: قَتِيل بمعنى مَقْتُول، وجَرِيح بمعنى مَجروح، ومَنيع بمعنى ممنوع، وأسير بمعنى مأسور، ونَطِيح بمعنى منطوح، ومَذِيق بمعنى مَمْذُوق، وأَجِير بمعنى مَأْجور، وحليب بمعنى مَحْلُوب، ونَبِيذ بمعنى مَنْبُوذ، وطبيخ بمعنى مطبوخ، ومخيض بمعنى ممخوض، وفصيل بمعنى مفصول، ورجيم بمعنى مرجوم، وحميد بمعنى محمود، وخسيف بمعنى مخسوف. فكل هذه الصفات التي جاءت بمعنى مفعول يمكن أن نقول عنها إنها صفات مشبهة باسم المفعول، فالوصف (مقتول) اسم مفعول، والوصف (قَتِيل) صفة مشبهة باسم المفعول؛ ولذلك تعمل عمل اسم المفعول أي ترفع نائب الفاعل، فكما تقول: هذا رجلٌ مجروحٌ أخوه، تقول: هذا رجلٌ جريحٌ أخوه. قال ابن عقيل "وزعم المصنف [ابن مالك] في التسهيل أن فعيلًا ينوب عن مفعول في الدلالة على معناه لا في العمل فعلى هذا لا تقول مررت برجل جريح عبدُه فترفع (عبدُه) بجريح وقد صرح غيره بجواز هذه المسألة"(1)، قال ابن عصفور "واسم المفعول وما كان من الصفات بمعناه حكمه بالنظر إلى ما يطلبه من المعمولات حكم الفعل المبني للمفعول"(2). قال ابن عقيل "فعلى هذا يجوز: مررت برجل جريح أبوه، ويحتاج إلى سماع"(3). ولا أعلم سرّ مذهب ابن مالك، ولا اشتراط ابن عقيل السماع، فهذا وصف ولذلك وجب أن يعمل عمل ما جرى عليه من الفعل، فقولنا جريح نعتًا حقيقيًّا لرجل يرفع ضميرًا، أو نعتًا للسببي يرفع اسمًا ظاهرًا (أبوه).
2-بناء (فَعُول) فهي تدل على الفاعل مثل (وَقُور) أو المبالغة في الفاعلية مثل (ظَلُوم)، وهي تأتي للدلالة على المفعول أيضًا، مثل: بعير ركوب، أي: مركوب، وناقة حلوب أي محلوبة، وحصور بمعنى محصور، وقَدُوع بمعنى مقدوع (أي مضروب)، وجزور أي مجزور، وأمون بمعنى مأمون، وناقة عضوب، أي معضوبة الفخذ عند الحلب لتدر، كتاب زبور أي مزبور (مكتوب)، وجلوب بمعنى مجلوب، وطرود بمعنى مطرود، رغوث أي مرغوثة (مرضوعة)، وسلوب أي مسلوب، و"الخَلوج، من النّوق: الَّتي اخْتُلج عنها. ولدُها فقلَّ لبنُها."(4)، والدفوع بمعنى المدفوع، والرسول بمعنى المرسل، "والقَتوبَةُ، من الإبلِ: الَّتي تُقْتِبُها بالقَتَبِ."(5)، والقتب كالسرج للحصان، ويستعمل في نجد للبقر. "فَرَسُ قَؤودٌ: الذي يَنْقادُ"(6)، فهو بمعنى مَقُود.
3-بناء (فِعْل)، من أمثلة ذلك: "وبِسْط: بِمَعْنى مبسوطة، كالطِّحن بِمَعْنى المطحون، والقِطْف بِمَعْنى الْمَقْطوف"(7)، "والظِّئرُ فِعْلٌ بِمَعْنى مفعول"(8).
4- بناء (فُعُل)، جاء في ديوان الأدب: "وبمَعْنَى مَفْعُول في بعض الكلام، نحو قولك: باب غُلُق، وقارُورة فُتُح"(9)، وفي الصحاح: "وباب غُلُق، أي مغلق، وهو فُعُلٌ بمعنى مَفْعولٍ، مثل قارورةٍ فُتُحٍ، وجذعٍ قُطُلٍ"(10).
5- بناء (فَعَل)، جاء في ديوان الأدب "ويُقالُ: لِيَكُن عَمَلُك بحَسَبِ كَذا، أي: بقَدْرِه، وهو فَعَلٌ بمَعْنى مفعولٍ، كما يُقال: نَفَضٌ بمعنى مَنفوضٍ"(11)، وفي الصحاح: "والنَقَذُ بالتحريك: ما أَنْقَذْتَهُ، هو فَعَلٌ بمعنى مفعول"(12)، و"كالقبض بمعنى المقبوض"(13).
6- بناء (فاعِل)، جاء في تهذيب اللغة: "وَقيل سميت النَّاقة عائذًا لِأَن وَلَدهَا يعوذ بهَا، فَهِيَ فَاعل بِمَعْنى مفعول."(14). وجاء: "وَفِي الحَدِيث (لَا رَأْي لحَازقٍ) وَقيل: هُوَ الَّذِي ضاقَ عَلَيْهِ موضعُ قدمه مِنْ خفِّه فحزَقَها كَأَنَّهُ فاعلٌ بِمعنَى مَفْعُول"(15)، وجاء: "سُمِّي ساحِلا: لِأَن الْمَاء يَسْحَلُه أَي يَقْشِرُه إِذا عَلاَهُ فَهُوَ فاعِلٌ مَعْنَاهُ مفْعُول"(16)، وجاء في غريب الحديث: "الواطِئَة هي سُقاطةُ التَمْر وما يَقَع منه بالأرضِ فيُوطأُ ويُداس جاء بلْفظ فاعِل وهو بمعنى مَفْعول كقولِه: ﴿لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [هود-43]. أي لا مَعْصُومَ وكَقَوله: ﴿عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ﴾ [الحاقة-21]. أي مَرْضيّة. والعربُ تَقُولُ: ماءٌ دَافِقٌ أي مَدْفُوقٌ وسِرٌّ كاتمٌ أي مَكْتُومٌ ولَيلٌ نائِمٌ أي يُنَامُ فيه"(17).
كل هذه الألفاظ التي جاءت على تلك الأبنية هي في حقيقة استعمالها صفات مشبهة باسم المفعول، فحق لنا أن نجعل لها مصطلحًا تعرف به