يعيش الاقتصاد الأمريكي أزمة كبيرة خلال الأيام الحالية في ظل الارتفاع المستمر بإصابات كورونا، وهو ما اضطر عدد من الولايات إلى إعادة فرض بعض القيود الصارمة.
ولا تزال السياسة النقدية لأكبر اقتصاد في العالم حائرة في ظل المؤشرات السلبية من تزايد البطالة وتراجع عجلة الاستهلاك وإغلاق العديد من المتاجر، وتوقف كل العوامل المحركة للاقتصاد.
ويعقد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اجتماعا مهما الثلاثاء والأربعاء، لتحديد السياسة النقدية للبلاد التي سجلت أعلى إصابات ووفيات بالفيروس.
الجديد في هذا الاجتماع أن الحديث عن ارتداء الكمامات في أنحاء الولايات المتحدة قد يكون حاضرا، ويتوقع خروج توصية بشأن ذلك من المركزي الأمريكي.
وخلال الأشهر الماضية، فرضت العديد من شركات الطيران ومحلات الأغذية والمطاعم على زبائنها وضع الكمامة، واتخذت القضية بعدا سياسيا، وبات الرئيس دونالد ترامب يوصي بوضعها الآن بعدما رفض ذلك طويلا.
حساسية اجتماع البنك المركزي الأمريكي تكمن في التوقيت، فالاجتماع يأتي في وقت يشن فيه الفيروس هجوما كبيرا، ما أدى إلى أرقام قياسية في الإصابات والوفيات، حيث شهدت البلاد على مدار أسبوع تسجيل أكثر من 1100 وفاة، وما يزيد عن 70 ألف إصابة يوميا.
الارتفاع المقلق في إصابات ووفيات كورونا بالولايات المتحدة أعاد فرض الإغلاقات التي تم رفعها خلال الأسابيع الماضية، وهو ما أثر بشكل كبير على عجلة الاقتصاد، الذي بدأ في التعافي من تداعيات الجائحة.
كل هذه العوامل تشير إلى أن البنك المركزي الأمريكي قد يبقي على سياسته النقدية دون تغيير في اجتماعه خلال الأسبوع الجاري وفقا لمحللين، لكن ميكي ليفي الخبير الاقتصادي في "بيرنبرغ كابيتال ماركتس" يرى أن المركزي الأمريكي "مستعد للتدخل إذا لزم الأمر لتقديم مزيد من الدعم للاقتصاد"، مؤكدا في نفس الوقت أن الاحتياطي الفيدرالي لن يغير سياسته.
ويؤيد جوناتان ميلار الخبير الإقتصادي في مصرف باركليز الاستثماري رؤية أن المركزي الأمريكي لن يغير سياسته النقدية، وأنه لا يمكن توقع أي شيء إزاء أسعار الفائدة، بعدما قام الاحتياطي الفيدرالي بخفضها إلى الصفر في منتصف مارس/آذار لمواجهة تفشي الوباء.
وعن إمكان قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بالتوصية لوضع الكمامة، أجاب جوناتان ميلار "سأفاجأ إذا أصدروا إعلانا كهذا".
وقالت كاثي بوستجانسيتش من جامعة أكسفورد "نتوقع أن يظل رئيس الاحتياطي جيروم باول حذرًا للغاية. ويستمر في التأكيد على المخاطر البالغة التي تؤثر على التوقعات الاقتصادية على المدى المتوسط".
وأقرت الولايات المتحدة الأمريكية حزمة تحفيز اقتصاد ضخمة بلغت 3 تريليونات دولار لمواجهة تداعيات الجائحة، ويتوقع زيادة هذه الحزمة في ظل مطالبات من أعضاء بالكونجرس لمواجهة الضغوط الاقتصادية المتزايدة في ظل التفشي السريع للوباء.
وفي حال استمرار الإغلاق الاقتصاي، سيتعين على الإدارة الأمريكية زيادة حزم التحفيز لمواجهة البطالة المتزايدة والتي سجلت أرقاما تاريخية في البلاد، خاصة في ظل تحذيرات صادرة من أنطوني فاوتشي، عالم الأوبئة ومستشار البيت الأبيض، بعدم إعادة فتح الإقتصاد،في الولايات الأكثر تضررا.
ومنذ تفشي الوباء في الولايات المتحدة وتحديدا في مارس/آذار الماضي، قام البنك المركزي الأمريكي بتطبيق عدة تدابير للسماح بمواصلة عجلة الاقتصاد.
ولم يتوان المسؤولون في المركزي الأمريكي عن تكرار أنهم سيحافظون عليها عند هذا المستوى طالما أن الاقتصاد لم يتعاف من هذه الأزمة.
أما بالنسبة لتبني أسعار الفائدة السلبية، كما فعلت المصارف المركزية في سويسرا واليابان، فقد استبعد الجميع هذه الفرضية "التي لا تتناسب مع ظروف الولايات المتحدة".
وتتوقع الأسواق بالإجماع أن تبقى المعدلات في حدودها الحالية أي من صفر إلى 0,25%، بحسب تقييم المنتجات الآجلة لمجموعة سي إم إي.
ويتوقع الاحتياطي الفيدرالي انخفاضًا في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنسبة 6,5% في عام 2020، قبل انتعاش قوي بنسبة 5% في عام 2021 ونمو أكثر تواضعًا (3,5%) في عام 2022.
وانخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4,8% في الربع الأول. وسيصدر تقييم الربع الثاني الخميس.