جولة في أزقة الشواكة قبل أن تتهاوى شناشيلها
بغداد - وداد ابراهيم ( الصباح)
سكنها دعبول السماج وتوفيق السويدي وحمودي الحارثي
"العلاقة بيني وبين منطقتي مثل العلاقة بين السحر والاسطورة، تنبع اصولها من بغداد القديمة فهي سجل للاحداث والافكار والطقوس. وقد سكن هذه المنطقة في العهود السابقة أناس كانوا يجمعون الشوك ويبيعونه، لذا سميت الشواكة وقد أخذت المنطقة اسمها من هؤلاء الكسبة الذين سكنوا في أزقتها (الزربجي، باب السيف، الكريمات). الشواكة التي مهما ضاقت أزقتها أجدها واسعة بالحميمية والتلاحم والمحبة التي جمعت أبناء المحلة".
هكذا تحدث السيد رشيد مهدي الياسري عن منطقته الشواكة لـ"الصباح" موضحا "سكن فيها كبار الشخصيات، الشعبية والسياسية والفكرية والفنية، مثل دعبول السماج الذي عرف الناس حياته عبر تمثيلية بطلها يوسف العاني، وتوفيق السويدي رئيس الوزراء في العهد الملكي، ومحمود صبحي الدفتري أمين العاصمة في عهد نوري سعيد والسياسي والمفكر عباس كامل، والفنان حمودي الحارثي، وسكنتها في العهود الاخيرة شخصيات اخرى من الشعراء والادباء، فأثارت غضب النظام الدكتاتوري المباد فكانت تتعرض لحملات تفتيشية على الكتب والمذكرات وهذا ما دعاني لإحراق عشرات الكتب في محرقة الحمام، من هنا أطلق عليها البعض موسكو الصغرى".
ويستذكر الياسري طفولته قائلا: "البيت الذي أسكنه يعود لجدي وقد سكنته عائلتي قبل مئة عام، ويعود لخلف (ابو الحبال) أقدم من سكن هذه المنطقة، لذا فهو الواحة التي تعيدني للطفولة والصبا، حيث كانت ثقافتنا ثقافة منبر كنا نذهب الى جامع الخلاني لمتابعة المحاضرات الدينية والأخلاقية، ثم نذهب الى جامع الهاشمي الذي يقع في منطقة الشوصة في الكاظمية المقدسة لتكملة المحاضرات، اما الأمسيات والجلسات فكانت في مقهى ابو سعدي داخل سوق الشواكة".
ويستطرد الياسري "تشكل الشواكة تراث بغداد، تزينها الشناشيل التي بنيت من خشب القوق والصاج وفيها باريات من الحصران، والبيوت لها طراز واحد، إذ يتكون البيت من غرفة واحدة ورواق (حوش) داخلي وغرفتين في الطابق الثاني، حيث تعتلي البيت شبابيك، عبارة عن شناشيل ذات تجانس في اللون والشكل، ما أعطاها حسا بغداديا أصيلا، لكني أجد هذا التراث مهملا من قبل المؤسسات الفنية والثقافية فلم تدخل عليه أي عملية ترميم او تجديد، خصوصا ان بعض الابنية بدأت تتعرض للهدم والسقوط، فقد تعرض مؤخرا أحد البيوت للهدم، ما أدى الى وفاة كل من فيه، وقد يكون هذا حال البيوت الباقية اذا لم تتخذ المؤسسات التراثية إجراءً لحماية هذا التراث من الهدم والاندثار."
السيدة بدرية سعدي الهبش استعادت معنا حفلات الزواج التي تحدث في المنطقة.
فبينت "لأن الأزقة متداخله فيما بينها، وهناك أزقة مغلقة، لذا تشكل المنطقة بيتا كبيرا يجتمع فيه أهل المنطقة في الأفراح والأحزان، فكانت حفلات الزواج تتم داخل الزقاق، ويكون الاستعداد لها بشكل جماعي، حيث تقوم النسوة بتنظيف الأزقة وتزيينها فيصبح الزقاق مسرحا لحفل المربعات البغدادية، وتكون الزفة من بيت العروس الى بيت
نقلا عن جريدة الصباح