في بقعة من جنوب العراق .. حيث العراق و الجنوب معاً يتأنقان لدجلة .. ولدتُ في عام 1975 .. نشأت و لم يطل بي الزمن .. إذ لم يمهلني إلا المرحلة الابتدائية من دراستي .. ففي نصف السنة الأول من المتوسطة غادرنا هذا الملاذ .. لكنه ما زال يستوطن روحي .. و أجده في قلبي .. و ما أن يحل - و هو في حلول دائم - حتى أجدني ذلك الصبي الصغير .. فأتذكر تفاصيل كنت قد فهمتها أو أفهمها لاحقاً ... هنا سأدون ذاكرة نشأتي تلك .. الأشخاص و المكان و الزمان ... كونوا معي
هناك حيث نصف المدينة نصف الريف .. حيث تتناغم نسمات الحقول القريبة مع الشوارع التي تشق طريقها و تفتح للدخان رئتيها ولدتُ في يوم بارد من تشرين الثاني .. كنت أرى و أسمع و قليلاً ما أتكلم .. ربما ظن من يراني أن ثمة صبي هادئ جداً أمامه .. كنت كذلك فعلاً .. لكن الصخب كل الصخب كان يسكن روحي .. و كثيراً ما كنت أفكر و أستخدم أدوات الاستفهام .. كانت علاقتي بها وطيدة .. خصوصاً لماذا .. لماذا تبكي جدتي و هي تسمع هذا الشريط في كل عام لعشرة أيام فقط ؟ لماذا تجر جارتنا خلفها قطيعاً من الأبناء و البنات؟
-اششش ولك .. هذولة ولد رجلها .. امهم ماتت و هي تربيهم ...
لماذا يبدون هكذا ؟ كالأيتام مثلاً؟ و يصرخون بعد العشاء ثم يهدأ الشارع ؟ ... لماذا مات فهد ؟ اشششششششش شيوعي ... ماذا عن جعفر؟ انهجم بيتك ولك !!!
لماذا أذكر كل هذا الآن؟!!! لماذا؟!!!
في نصف الريف ذاك ... كان كل شيء على بساطة محببة .. كان للهواء رائحة الحلم .. لم يكن فاضل يلح علي برسائله مكررة المحتوى .. أول قصة حب رأيتها كانت قصة حب فضيلة/ محمد ... قتلا بفعل وشاية .. لأنهما تلبسا بحالة رسالة على شباك الخشب ... لم يكن في الرسالة رابط موقع إباحي كما أنه كان أكثر خجلاً من أن يدس قبلة حتى .... نصف ريف / و قصة حب كاملة
في نصف المدينة تلك .. كانت خديجة تطل كل صباح بشعرها الأسود الذي يتأرجح وسط ساعة الرمل .. نعم فجسدها كساعة الرمل .. و نظرات الشباب كحبات الرمل بطيئة و هي تهبط على تلك المفاتن .. ينقطع هذا المشهد الصباحي الجميل حين تدخل إلى المدرسة .. معلمة الرياضيات هذه كانت تعيد صياغة الأرقام إلى حروف تنكسر في العمق و تتلاشى إلا في نصوص جابر .. نصوص شعبية تكسر افق تلقي نصف المدينة .. و لأن الشعر نبي فقد آمنت خديجة بنبوة جابر ... النبي الذي قتل في الجبهة و وجدوا في جيبه صورة خديجة .
في نصف الريف .. تسلل رجل من الموصل .. جاء به كتاب نقل .. كان عسكرياً في وحدة المخابرة العسكرية الملاصق للمدينة .. و ذات تسوق رأى إقبال .. فتاة متواضعة الجمال .. و لأن الناس كانت تؤمن بإله واحد تزوجا ... دون أن يرزقا بطفل لسنوات .. كان حاضراً في المدينة كأنه ولد فيها .. لا أحد يميزه عن أي فرد ولد و ترعرع فيها إلا لهجته الموصلية المحببة .. كان يستقبل السؤال عن الذرية بصدر رحب .. مع علم الجميع بأن السبب منه ... مضى العمر و بقي هو و إقبال في علاقة فريدة .. حتى وافته المنية .. و أفصحت إقبال عن عقمها .. كان عهدها الذي قطعته على نفسها أمامه .. ( ما أريد أحد ينقهر عليج و تنكسرين ) !! كان هذا أحد رجال نصف الريف نصف المدينة ..الرجل ماهر المصلاوي
الأسماء لن تكون صريحة بالضرورة .. ربما استعير و أغير .. حفاظاً على الخصوصية
يالله الى رحمة الله هكذا رجالالمشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيفرة دافنشي
مذهل طريقة نقلك لنا لايهم الاسماء الافعال تتكلم والمواقف تشرح
متابعة صامتة بدهشة..لروحك اخي
تغمده الله برحمته الواسعة... سعيد بمتابعتكِ أخية .. كل الود أشجانيالله الى رحمة الله هكذا رجال
مذهل طريقة نقلك لنا لايهم الاسماء الافعال تتكلم والمواقف تشرح
متابعة صامتة بدهشة..لروحك اخي
يا لها من نسمات دافئة وحقيقية ...
متابعة أيها الطيب جدآ
همممم ....
رغم انني مع ان نقرأ لك ..
لكن الجروح نصف المندملة ، لا يجب رفع ضمادها ...
انت في منطقة الخطر ...كما احسب .
لا تبحر هنا كثيرا ..
كن بخير
رد مع اقتباس