دكتور عُمر ،
متابعه دائمه اذا سمحت .
دكتور عُمر ،
متابعه دائمه اذا سمحت .
كالعادة... متابعة بشغف
خذنا بتلك الرحلة ولنتجول في ذاكرتك أيها الاسطوري.. فأنها
ملحمة أخرى تنقش هنا.. ببصمة دافنشي
كان لجدي أثر واضح في حياة هذه النصف مدينة .. أثر في تجارتها إذ كان أبرز تجارها .. كان البزاز الأول فيها .. و صاحب التعويذة التي لا تخطئ هدفها .. تعويذة تعلمها من إحدى كتب الدين ... تعلم قراءة القرآن في الكتّاب و لم أعهده أخطأ في القراءة .. كان فصيحاً و يتكلم لهجة مدمجمة نصفها فصيح و الآخر شعبي دارج .. ليس هذا هو المهم في شخصيته .
رجل لم أر قط أحداً بإيمانه و سماحته .. هادئ كأنه الهدوء ذاته .. سمح إلى درجة محيرة .. لم يقل كلمة نابية .. و لم يعرف الحقد طريقاً إلى قلبه .. منظم في كل شيء .. من غذائه إلى طريقة تفكيره .. لا تسمع خطوه حين يمشي و لا قهقهته حين يضحك حين يشتد به الضحك يضيع صوته! لم يفوت قيام ليله و قراءة قرآنه حتى و هو في المرض إلا حين يشتد به .. الرجل الخيّر هكذا كان يخاطبه الجميع .. حين جار عليه العمر و الحصار .. أحرق دفاتر الديون و هو في أمس الحاجة للسداد قائلاً ( بويه الناس منين تجيب ؟! احنا اكلنا و لبسنا و شفنا خير ) ذات مرض جاءته إحدى زبوناته القديمات طالبة براءة الذمة : حجي جنت أنكر تطلبني و انت مسجلهن بالدفتر و أعاركك .... ( أدري بويه و من جنتي تروحين أمسح الدين .. بويه اللي يجذب لو محتاج لو متعافي .. و انت ما متعافية ) بلّت طرف سرير مرضه بالدموع و انصرفت .... كنت لا أفهم لماذا يتصرف هكذا .. لماذا يسمح للآخرين باستغلال عاطفته ؟!! لاحقاً عرفت بأنه كان يعامل الجميع كأب .. حين كانت الأبوة تضم الجميع و تظلل على مدينة كاملة .. كان أحد ثلاثة أسسوا هذه المدينة حين كانت بيوتهم ملاذا لمن جاورهم و مقصداً حين تشتد الحياة عليهم .
الرجل الخيّر .. حقاً
سليمة .. امرأة عصامية .. كافحت كي لا يشعر أطفالها باليتم .. استغلت موقع دارها المقابل للمدرسة لتفتح دكاناً تعتاش منه و تدبر أول مشاريعها التجارية .. كانت الثمانينات فترة مزدهرة تجارياً في هذه النصف مدينة لأنها تقع على طريق الحرب .. طريق لا يكاد يهدأ و لا يعرف وقت الاستراحة من العجلات العسكرية .. المزيد من العسكريين و سياراتهم .. أخبار الجبهات القريبة تصل لآذاننا قبل إذاعتها .. تجارة رائجة و مربحة ... تستثمر سليمة هذا الرواج لتفتح لها دكاناً في السوق .. لم تكن سليمة تاجرة صغيرة فحسب و إنما فيلسوفة من نوع خاص .. من فلاسفة الواقع ... مرة اشترى منها صبي جميل بعض السكاكر فنظرت إلى ابنها الذي يقاربه سناً و قالت : الله من يخلق يخلق بشكلين .. شكل يظل يهندس بطينته يرتب خشمه و عيونه و حلكه مثل هذا - و أشارت للصبي الجميل- و شكل يدعچل طينته تدعچل يدهربها و يشمرها ببطن المرة مثل هذا - و أشارت إلى ابنها - إلك بيها ارادة ي ربي .
..
نصغي لهذا السمو الجنوبيّ بانتباهـ
نتطلع بشغف لرائحة البساتين والنهر !
..
في مرقد الولي الذي يتمركز في وسط نصف المدينة .. كان يتولى مهمة الأذان الحاج سِكَر .. الرجل الذي على فطرة أجداده .. فطرة يُحسد عليها .. لكنها كانت تجلب له بعض المتاعب .. بعد أحداث 1991 عزمت الحكومة على إطلاق حملة إعمار كبرى فيها .. و أنيطت مهمة المسؤولية بعزة الدوري .. نعم نائب رئيس الجمهورية .. كان للمرقد حصته من الإعمار .. واجهة المرقد مخطط لها أن ترصع بالكاشي الكربلائي .. و هي آخر المراحل .. بدأوا بها ثم و قبل يومين من الافتتاح الذي سيحضره عزة اكتشفوا بأن ثمة كاشية واحدة فقط مفقودة و المشكلة أنها في وسط اللوحة ولا يمكن تجاهلها !! أي شدة و كربة هذه ؟!!! اتجهت اصابع الاتهام لطفل عابث بسرقتها لكنه ظل طفلاً مجهولاً .. و ارتأت اللجنة المشرفة الجنوح للمفاوضات و الحلول الديبلوماسية : - حجي سكر هاي السالفة حجينا و نريد منك تذيع بالسماعات مال الامام و تطلب يرجعون الكاشية لأن إذا السيد النائب اجه و شاف اللوحة مشوهتها هالكاشية راح يعاقبنا
و امتثل الحاج الطيب للأمر و فتح مكبرات الصوت مذيعاااا:
- بناتنا شوفن فروخچن يا هو الجايب بيده كاشية من الايمام خلي يرجعها ترى عگب باچر يينا عزة الدوري و يزين روسنا صفح !!!!
و لولا معرفة الأمن بفطرة الحاج و سلامة نيته للبث في بطن السجن إلى أن يبعثون ^_^