هل تُصدّق أنه وفي هذا الزمن وما وصلنا إليه من تطور تقني وتكنولوجي، لا تزال بعض الشعوب في العالم تعيش بعيدة عن كل مظاهرة الحضارة الحديثة على الرغم من ثرائهم الفاحش! نحن نتحدّث عن طائفة الأميش الدينية التي مؤكّد أنك سمعتَ بها من قبل!
من هم شعب طائفة الأميش ؟
الأميش هي طائفة مسيحية متديّنة تتبع للكنيسة المنونية، ويُعرفون كذلك باسم الأميش المنونيون نسبةً إلى الكنيسة التي يتبعونها، والتي نشأت في أواخر القرن السابع عشر في العصور الوُسطى. والأميش من أتباع “جاكوب عمان Jakob Ammann 1644 – 1730″، وهو زعيم مينوني تسبّبت تعالميه المثيرة للجدل في حدوث انقسام بين أتباعه في سوييسرا والألزاس وجنوب ألمانيا.
نشأت مجتمعات الأميش في سويسرا والألزاس وألمانيا وروسيا وهولندا، لكن الهجرة إلى أمريكا الشمالية في القرنين التاسع عشر والعشرين والاندماج مع مجموعات المينونيّين قضت تدريجيًا على الأميش في أوروبا.
بدأ الأميش الهجرة إلى أمريكا الشمالية في أوائل القرن الثامن عشر. استقروا أولًا في شرق ولاية بنسلفانيا، حيث لا تزال هناك مستوطنة كبيرة. حدث الانشقاق والاضطراب بعد عام 1850 بسبب التوترات بين “النظام الجديد” للأميش، الذي قبِل التغيير الاجتماعي والابتكار التكنولوجي، و “النظام القديم” أو “الأميش” التقليدي الذي لم يوافق عليه إلى حد كبير. خلال السنوات الخمسين التالية، شكل حوالي ثلثي الأميش كنائس صغيرة منفصلة خاصة بهم أو انضموا إما إلى الكنيسة المينونية أو الكنيسة العامة المينونية.
في أوائل القرن الحادي والعشرين، كان هناك حوالي 250.000 من الأميش يعيشون في أكثر من 200 مستوطنة قديمة في الولايات المتحدة وكندا. تم العثور على أكبرها في بنسلفانيا وأوهايو وإنديانا وأيوا وإلينوي وكانساس، وتم العثور على آخرين في ويسكونسن وماين وميسوري ومينيسوتا. تنقسم مستوطناتهم إلى مقاطعات كنسية، تجمعات مستقلة من حوالي 75 عضوًا معتمدين. إذا أصبحت المنطقة أكبر بكثير، يتم تقسيمها مرة أخرى، لأن الأعضاء يجتمعون في منازل بعضهم البعض. لكل منطقة أسقف، واثنين إلى أربعة خطباء، ومجلس فتوى من كبار السن يُطلق عليهم اسم “أولد أوردر”، مهمّتهم دراسة أي طارئ وإصدار التعليمات والفتاوى. ولكن لا توجد مؤتمرات عامة أو مجموعات مهام أو وكالات تعاونية.
نمط حياة شعب طائفة الأَميش
التواضع والأسرة والمجتمع والانفصال عن العالم هي الدعائم الأساسية للأميش. تخضع الحياة اليومية والعادات لقواعد سلوك غير مكتوبة تُسمى “Ordnung”، ويُعتبر الابتعاد الطريقة التي يتعامل معها مجتمعهم مع الأعضاء العصاة.
طائفة الأَميش لا تُؤمن بالتجديد، وتعيش بمعزل عن العالم الخارجي وترفض أي محاولات دمج في المجتمعات الأخرى. يُمكنك القول أن الزمن توقّف عند مجتمعات الأميش كأنهم لا يزالون يعيشون في العصور الوُسطى!
بالنسبة للغة المعتمَدة في مجتمعهم، فهم يتحدّثون لغة قريبة من اللغة الألمانية تُعرف باسم “بنسلفانيا داتش”، ولغة أخرى قريبة من الألمانية في كنائسهم وصلواتهم تُسمى “هاي جيرمان”، ولغة ثالثة وهي الإنجليزية في المدارس.
أما عن حياتهم، فهم يستعملون العربات التي تجرّها الخيول في التنقل، ولا يؤمنون بالكهرباء أو السيارات أو النقود أو الهواتف أي أي وسيلة تكنولوجية أخرى تنم عن التطور! أطفالهم يدرسون في مدارس خاصة أُنشئت لهم بعد استثنائهم من التعليم الإلزامي.
أما عن لبساهم، فالنساء يرتدين ملابس فضفاضة طويلة تُشبه الفساتين من العصور القديمة، ويقمنَ بتغطية رؤوسهنّ ولا يُسمح لهنَ بقص شعورهن. ويتم تمييز المرأة المتزوّجة بارتدائها غطاء رأس أبيض اللون، وإن كان أسود فهي غير متزوّجة.
الرجال يرتدون بالمثل ملابس محافظة وقبعات سوداء ذات حواف عريضة ولا يحلقون لحالهم أبدًا ويُحرم على المتزوّج منهم إطلاق الشارب. الأميش شعب لا يُؤمن بمظاهر الحياة الترفيهية، كالموسيقى أو العزف على الآلات، وحتى التصوير. حتى الدمى التي تلعب بها بناتهم ليس لها ملامح وجه! كما أنهم لا يؤمنون بالتأمين الصحي لأنهم يعتبرون أن كل شيء قضاء وقدر، حتى المرض نفسه