بدتْ قمراً لهُ حظي ليالي
وجسمي في هواها كالهلالِ
ولاحتْ في المرآةِ فقلْ سماءٌ
تولتْها الملائِكُ بالصقالِ
ترقرقَ حسنها فيها فقالتْ
وفي الطاووسِ طبعُ الاختيالِ
وكانتْ كالغصونِ أصبنَ نهراً
فداعبْنَ الظِّلالَ على الزلالِ
وكنتُ لها بواحدةٍ قتيلاً
فكيفَ بها اثنتينِ على قتالي
دعوها تدرِ منها ما درينا
وتنظر ما نظرنا من جمالِ
فما مرآتها إلا كتابٌ
يعدُّ لها جناياتُ الدلالِ
وما اتهمتْ محاسنها ولكنْ
يكونُ سجيةً مرحُ الغزالِ
عساها صدَّقتْ ما أخبروها
بأن الطيفَ يسمحُ بالوصالِ
فلازمتِ المرآةَ كما أراها
تحاولُ أنْ تُظَّفرَ بالخيالِ
وللحسناءِ آمالٌ وماذا
يؤملُ في السما غيرُ المحالِ
فيا مرآتها وصفاءَ قلبي
وعصرَ طفولتي وخلوَّ بالي
ويا حظّي وحاجبها ودهري
وطرتَها وعينها وحالي
تقلبتِ الليالي بي ولما
يرعني إن تقلبتِ الليالي
كأني صرتُ مرآةً لدهري
يرى يها محاسنهُ البوالي
فلم ينظرْ جبيني قَطُّ إلا
تنفسَ فيهِ بالهمِّ العُضالِ
فدَيتُكِ ساعةَ المرآةِ طولي
أمدكِ من لياليَّ الطوالِ
فما أحلى إذا وقفتْ إليها
تبالي بالجمالِ ولا تبالي
وبانتْ في الحليِّ طريقَ سبقٍ
لتستبقَ اليمينَ معَ الشمالِ
وأعيى كفها الشعرُ اختلافاً
كما تعيى الهدايةُ بالضلالِ
ولاحتْ في لواحظها سِمَاةٌ
كا تجري المنيةُ في النّصالِ
فلو نطقتْ لنا المرآةُ عنها
إذاً قالتْ تباركَ ذو الجلالِ
مصطفى صادق الرافعي .