قليلًا ما نرى أفلام مصورة في موقع تصوير واحد -أي يتحرك الممثلين والكاميرا في غرفة واحدة- رغم وجود ذلك النوع من الأفلام عبر السنوات ولكنه ليس منتشر بحجم إنتشار الأفلام التي تصور في عدة مواقع.
رغم ذلك حين نرى تلك الأفلام -أفلام الموقع الواحد- نتسائل “لماذا قد يقرر مخرج أن يتخلى عن تغيير الديكور، الإضاءة وفي بعض الأحيان الملابس؟” أي لماذا يتخلى المخرج عن كثير من جماليات الفيلم ؟
في الحقيقة يوجد كثير من الأسباب التي قد تدفع المخرج إلى تصوير فيلمه في موقع واحد، واحدة من تلك الأسباب هي “الخوف”.
فيوجد أكثر من فيلم يضعك فيه المخرج في غرفة بعيدة عن العالم الخارجي مع البطل ويترك نافذة واحدة تطل على العالم فيشعر البطل طوال الفيلم بالخوف والقلق إضافة لشعوره بأنه السبب في إنهيار العالم الخارجي وأن عليه إيقاف كل شيء من تلك الغرفة، وتلك بعض الأفلام التي قد تجب لك عن سؤالك.
1- The Guilty (المذنب)
فيلم إثارة وتشويق
دنماركي
إنتاج عام: ٢٠١٨
إخراج: جوستاف مولر
سيناريو: ايمل نيجارد
تدور قصة الفيلم حول شرطي متقاعد يعمل في شرطة النجدة كوسيط هاتفي بين المتصل لطلب المساعدة وسيارات الشرطة، يجيب على إمرأة تعرضت للإختطاف ويحاول الوصول إليها بسبب انقطاع الإتصال عدة مرات وسط شعوره بالخوف والرعب من أن يقتلها الخاطف وفي وسط محاولات مساعدتها يحاول ايضًا معرفة إن كانت هي الضحية أم المذنبة.
يدور الفيلم كله في مكتب عمله الذي يحاول من خلاله إنقاذ المرأة من نفسها ومن الخاطف وإنقاذ أولادها الذي تركوا وحدهم في المنزل.
2- 12 Angry Men (إثني عشر رجلًا غاضبًا)
فيلم دراما أمريكي
إنتاج عام: ١٩٥٧
إخراج: سيدني لوميت
سيناريو: ريجنالد روز
(الفيلم مقتبس من مسرحية كتبها ريجنالد روز قبل قرار تصوير النسخة السينمائية)
تدور أحداث الفيلم حول نقاش بين هيئة المحلفين -١٢ رجل- في غرفة واحدة يتشاوروا في قضية قتل من الدرجة الأولى، ويجب على الجميع أن يقروا بأن المتهم إما برئ أو مذنب، يوجد شخص واحد من الهيئة يقر بأن المتهم برئ ومنهم من يخشى أن يعترف بما يدور في رأسه فيتناقش المحلفين وفي بعض الأحيان يتنازعوا وسط محاولات إقناع بعضهم البعض ببراءة او عدم براءة المتهم وسط شعور بالذنب يتسرب بينهم في مساهمتهم في إعدام متهم قد يكون برئ، فكما كتب على بوستر الفيلم وقت عرضه “الحياة في أيديهم والموت في عقولهم”.
3- Between Sky and Earth (بين السماء والأرض)
فيلم درامي مصري
إنتاج عام: ١٩٥٩
إخراج: صلاح ابو سيف
سيناريو: نجيب محفوظ
أما في هذا الفيلم فكان البطل “المصعد” وذلك البطل هو من يجعل كل الممثلين يشعروا بالذنب حيال حياتهم والخوف من الموت والنهاية القريبة.
تدور احداث الفيلم في اسانسير -مصعد- تعطل بين السماء والأرض بداخله مجموعة أشخاص مختلفينلا يعرفوا بعضهم البعض “لص خزائن، نشال، زوجة تخون زوجها، ممثلة متعالية مدير عمارة يلهو مع صديقته، حراس عمارات، مجنون هارب من المستشفى، مخرج متشدد متفرنج، رجل عجوز يريد الزواج من شابة صغيرة وامرأة على وشك الوضع ”
يشعر الجميع بأن بينهم وبين الموت قليل فتتغير جميع شخصيتهم ويقرروا التوبة من ذنوبهم وسط رعب كل شخص منهم إلى أن يتم إنقاذهم يرجع كل منهم إلى ما كان عليك.
الجميل في الفيلم انك تشعر بأنك في المصعد وسط أشخاص -غريبة- لساعة ونص فتجد نفسك تضحك أحيانا وسط تلك الكارثة فالفيلم يعتبر من أفلام الكوميديا السوداء.
4- Nine Dead (تسعة موتى)
فيلم رعب وإثارة امريكي
إنتاج عام: ٢٠٠٩
إخراج: كريس شادلي
سيناريو: Patrick Wehe Mahoney
تدور أحداث الفيلم في غرفة محتجز فيها تسعة أشخاص غرباء، تم إختطافهم من قِبل رجل مُقنع، يهددبقتل شخص منهم كل عشر دقائق إلا إذا عرفوا سبب إختطافهم فكلًا منهم يراجع نفسه ويشعر بالخوف والقلق وبأنه السبب في وجودهم في تلك الغرفة التي قد تؤدي إلى قتلهم جميعًا.
5- Perfect Strangers (غرباء تمامًا)
إنتاج عام: ٢٠١٦
إخراج وسيناريو: باولو جينفويس
الحقيقة أن في هذا الفيلم لم يسيطر على الأبطال فقط الإحساس بالقلق والذنب فقط بل سيطر أيضًا عليهم الخوف من الفضيحة وكأنك وضعت مجموعة أشخاص في غرفة وطلبت منهم ان يبدأوا في نزع ملابسهمواحد تلو الآخر.
تدور أحداث الفيلم في منزل زوجين قد طلبوا من أصدقائهم تناول العشاء معهم، الأصدقاء يتكونوا من ثلاث ازواج وأعزب، يقررون لعب لعبة مسلية وهي أن يقوموا بوضع هواتفهم الخلوية على الطاولة، وتشارك كل الرسائل أو المكالمات التي ستأتي لأي شخص منهم أثناء تلك الأمسية، منهم من يرفض اللعب لكنه يلعب رغمًا عنه خوفًا من أن يروه خائف من فضيحة ما.
مع مرور الوقت، يكتشف الجميع أن كلًا منهم لديه أسرارًا مرعبه في وسط رعب ومراجعة كل بطل لنفسه مع كل دقيقة تمر، ومع كل صوت هاتف يرَن، يزداد الأمر صعوبة.
ليتضح لهم بالنهاية أنهم أصدقاء من على الهامش فقط وأن علاقتهم كلها غير سوية ومليئة بالتعقيدات.
والشيء المشترك في تلك الأفلام ليس فقط أنها مصورة في موقع واحد او اثنين بالأكثر بل أيضًا الشعور بالخوف والقلق الذي يجعلك لست سجين داخل الغرفة فقط بل تُسجن في عقل كل أبطال الفيلم الذي يطغى عليهم الشعور بالرعب والذنب في بعض الأحيان.
فمن منا حين يسمع كلمة “مذنب” لا يتذكر فيلم ١٢ رجلًا غاضبًا بسبب تكرار كلمة مذنب/غير مذنب وبسبب شعور كل منهم -الأبطال- بالذنب والخوف طوال الفيلم.
وظهر هذا أيضًا في فيلم “المذنب” ففي وسط خوفه ومحاولاته في إنقاذ المرأة والبحث عن المذنب يكتشف أنه مذنب في قضيته الخاصة ويقرر الإعتراف بذالك.
أما في “بين السماء والأرض” و “تسعة موتى” تعمد المخرجين قتل الشخصيات مرتين مرة بسبب الكارثة الذي تحدث لهم ومراجعة كل شخص لنفسه بسبب إقتراب الموت ومرة بسبب الإحساس بالخوف والذنب بسبب عقولهم التي تصدر لهم شعور بأنهم السبب في تلك الكارثة.
و في فيلم “غرباء تمامًا” تتحول الشخصيات خلال الفيلم من أشخاص غير مكترثة بما تفعله إلى شخصيات تراجع نفسها وتشعر بالخوف من الفضيحة وبالذنب حيال شريكها في العلاقة فيبدأ الفيلم وهم ينتظروا خسوف القمر غير مهتمين بشيء آخر وينتهي وكل منهم يراجع أخطاءه.
حلا أحمد حسن - أراجيك