تأخذين طفلك مع صديقاتك وأطفالهنّ، معتقدةً أنّه بذا سيستمتع بوقته وسيكوّن صداقات، إلا أنّك تتفاجئين بردّة فعل عكسيّة منه، فهو لا يندمج مع الآخرين ويظهر تخوّفه من البعض وينتظر الرجوع إلى المنزل أو ذهاب هؤلاء الأشخاص في أسرع وقت...
«سيدتي» تكشف لك أسباب انطوائيّة الطفل وصعوبة اندماجه مع الآخرين، وكيف تغيّرين هذه الصفة فيه؟ من خلال معلومات مستمدّة من الاستشاريّة النفسيّة نادية نصير.
تعود أسباب انطوائية الطفل، إلى:
1 إهمال حالته النفسيّة: يهتمّ كثير من الآباء والأمّهات ببعض حاجات الطفل ويهملون بعضها الآخر، فيركّزون على تلك الخاصّة بتوفير المأكل والمشرب والملبس والاهتمام بالناحية الصحيّة العامّة، ويهملون حاجاته الاجتماعيّة والنفسيّة التي تمتلك دوراً كبيراً في بناء الشخصيّة وتنمية القدرات العقليّة.
2 عدم التوازن: يحتاج الطفل إلى التوازن بين كل حاجاته، لأنّه ينتج عن مجرد إنقاص أو إغفال البعض منها اضطرابات في نموّه النفسي والاجتماعي والذي يؤثّر في تطوّر مهاراته وقدرات تواصله مع الآخر.
3 عدم الشعور بالأمان: لكي يستطيع الطفل الاندماج مع المجتمع، الذي يبدأ بأسرته الصغيرة، هو في أمسّ الحاجة إلى الشعور بالأمن والاطمئنان. وهذا الأخير يأتي من الاهتمام لأمره والعطف والحنان والمودّة والعناية فيه من قبل والديه وأقربائه.
4 انعدام التقدير الاجتماعي: الطفل في أمسّ الحاجة أيضاً إلى التقدير الاجتماعي، من خلال المساواة بين إخوانه وأقرانه وبينه، وعدم حرمانه من الأصدقاء واللعب معهم، فيشعر أنّ له مكانة داخل الأسرة والمجتمع، بدلاً من أن يكون انسحابياً منطوياً على ذاته.
5 أسباب عضويّة: كثيراً ما يتعرّض الأطفال إلى التعليقات السخيفة من أقرانهم على مظهرهم، مثل أن يكون الطفل يعاني من السمنة أو النحافة الزائدة فيفضّل الابتعاد عن محيطه لئلا يسمع التعليقات. وقد يكون لديه نقص في النظر ويرتدي نظّارة أو نقص في السمع ويرتدي سمّاعة أو عاهة في جسده، ويتلقّى أيضاً تعليقات سلبيّة على ذلك، فيبتعد عن المجتمع الذي يسبّب له الإحراج.
6 الخلافات الأسريّة: في كثير من الأحيان، تتسبّب المشادات بين الوالدين أمام الطفل في مشكلات نفسيّة، فهذا الأخير يخاف من الصوت المرتفع الغاضب والذي يدفعه إلى الهروب من المكان! ومع مرور الوقت، يكوّن فكرة عن مجتمع الكبار بأنّه عبارة عن «مجتمع كره»، فيشعر بعدم الأمان في وجود الكبار فيهرب من أمامهم!
سبل العلاج
وتشمل سبل العلاج، تطبيق التالي:
> حريّة التعبير عن الرأي ليتكيّف الطفل مع البيئة من حوله، يجب إعطاؤه الفرصة للتعبير عن رأيه بكل حريّة ومعرفة أسباب تجنّبه لأقرانه أو بعض الكبار، فربما يكون هناك من يتحرّش به من الكبار ويهدّده، أو أن بعض أقرانه الصغار لديهم سلوك عدواني تجاهه (يعتدون عليه بالضرب أو السبّ أو التخويف). لذا، يجب مراعاة قدراته العقليّة من خلال الإصغاء الجيّد لأسبابه التي غالباً ما تكون صحيحة من وجهة نظره، مع تقديم النصح والإرشاد له وتوجيهه إلى المسار السليم ما يعدّل سلوكه الاجتماعي.
> ضرورة الاحتواء: يجدر بالمربّين الانتباه والحرص الشديد على احتواء الطفل من جميع النواحي الجسديّة والعقليّة والنفسيّة والاجتماعيّة، وأن يهتمّوا بحاجاته، مع إحاطته بالحب والحنان والتوجيه السليم لكي يستطيع الانخراط في المجتمع.
> المـعــــايـيــــــر الأخـلاقـيّـة: يجدر البعد عن نبذ وتحقير وإحباط الطفل كلّما شارك برأيه الخاص، مع عدم تكليفه بأعمال تفوق قدراته لكي لا يشعر بالإحباط والقهر، وبأنّه مهمّش ولا دور له في المجتمع فيبتعد عن الآخرين. فالطفل يظلّ دائماً بحاجة إلى المعايير الأخلاقيّة التي تساعده على أداء أدواره من دون لوم داخل المحيط الذي يعيش فيه، وهو من دونها يتخبّط يميناً ويساراً ويفتقد إلى قواعد يرتكز إليها لمعرفة حقوقه وواجباته التي تؤهّله للاندماج في المجتمع، وتبنّي شخصيّته القادمة لمواجهة المواقف التي تمرّ عليه في المستقبل، خصوصاً إذا حصل على التعزيز الإيجابي لكل سلوك أو عمل إيجابي يقوم به، فيصبح عضواً متآلفاً مع مجتمعه.