هناك العديد من الجوانب التي يمكن التطرق لها والتي توضّح الفرق بين الريف والمدينة، مثل المناظر الطبيعيّة وعدد السكّان وفرص العمل، والحياة الاجتماعيّة والخدمات الصحيّة، والغذاء والتعليم والمواصلات، وفيما يأتي بعض الفروقات بين المناطق الريفيّة والمناطق الحضريّة في مختلف الجوانب:
الطبيعة والكثافة السكانية
تتمتّع المناطق الريفيّة بمساحات واسعة من المزارع والغطاء النباتي، كما تتمتّع بهواء نقي وكثافة سكانيّة قليلة، وتمتاز بالبساطة وقلة الخدمات، بينما يقل الغطاء النباتي في المدن وتكثر الأبنية السكنيّة ويزداد التلوّث، وفيها كثافة سكانية عالية، إلّا أنّ المدينة تمتاز بالبنية التحتيّة الجيّدة والتنظيم الإداري والقانوني والخدمة الاجتماعيّة، وبالنّسبة للضوضاء، فالضوضاء البصريّة والسمعيّة والتلوّث الضوئي تتواجد في المدن بشكل ملحوظ، والمناطق الرّيفيّة أكثر حميميّة في علاقاتها الاجتماعيّة وتمتاز بالروابط الاجتماعيّة القويّة.
الاقتصاد في المدن
تتمركز الأموال والخدمات والثروة والفرص، ويأتي العديد من سكان الريف إلى المدينة للبحث عن ثرواتهم وتغيير وضعهم الاجتماعي لتوفر وسائل النقل وسهولة المواصلات وتعدّد المهن وطرق كسب المال، فالشركات التي توفر فرص العمل ورأس المال، تتركز أكثر في المناطق الحضرية، سواءً كان المصدر هو التجارة أم السياحة، فإنّه من خلال الموانئ أو النظم المصرفية، التي توجد عادة في المدن، تتدفق الأموال الأجنبية إلى البلد.
الغذاء والسلع في المناطق الريفية
غالبًا ما تتوفر المزارع العائلية الصغيرة أو المزارع الجماعية، وبالتّالي الغذاء الطازج والأعلى جودة، إلّا أنّه وعلى مر التاريخ كان من الصعب للمناطق الريفية الوصول إلى السلع المصنّعة في المناطق الحضريّة، تبرز الحاجة إلى السلع المصنّعة - على الرغم من مضارّها الصحيّة - عندما تتعرّض المزارع لظروف بيئية لا يمكن التنبؤ بها، وفي أوقات الجفاف أو الفيضان أو الأوبئة، ففي هذه الظروف قد يصبح البقاء على قيد الحياة مشكلة كبيرة.
الصحة والتعليم
الفرق بين الريف والمدينة من الناحية التعليميّة كبير، إذ تزداد كفاءة وفرص التعليم والمدارس والمراكز التعليميّة والثقافية في المدينة، أمّا بالنسبة للصحة وعلى الرغم من أنّ الخدمات الصحيّة والمستشفيات أكثر ومستويات الصحة الحضرية في المتوسط أفضل مقارنة بالمناطق الريفية، إلّا أنّ التَّحضُّر السريع أدّى إلى زيادة معدل الوفيات الناجمة عن الأمراض غير المعدية المرتبطة بأنماط الحياة المهنيّة والغذائيّة والممارسات اليوميّة غير الصحيّة، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب والأمراض النفسيّة مثل: الاكتئاب والخوف والتوتر.
التحضر
الفرق بين الريف والمدينة أدّى إلى ظهور مفهوم التَّحضُّر، ويشير التَّحضُّر إلى تحوّل السكان من المناطق الريفية إلى المناطق الحضريّة، والزيادة التدريجية في نسبة الأشخاص الذين يعيشون في المدن، ويشير التَّحضُّر إلى طرق التكيّف مع هذا التغيير لكل مجتمع، كما يمكن تعريف التَّحضُّر بالعملية التي يتم بها تشكيل المدن والبلدات بحيث تصبح أكبر مع بدء عدد أكبر من الأشخاص في العيش والعمل في المناطق المركزية،
ويجب التمييز بين مفهوم التَّحضُّر ومفهوم النّمو الحضري، فالتَّحضُّر هو اكتساب القيم الحضرية وما يرتبط بها من أنماط السلوك الحضري بحيث تنتهي هذه العمليّة بما يعرف بالتكيُّف الاجتماعيّ أو الاندماج الاجتماعيّ، أمّا مجرّد الانتقال إلى المدن فهو ما يعرف بالنّمو الحضريّ.
يحدث التَّحضُّر إمّا بطريقة تلقائيّة طبيعية من قِبَل الأفراد أو الجماعات، أو بالتخطيط المسبق من قبل الدّولة، فالعيش في المدينة يمكن أن يكون مفيدًا ثقافيًا واقتصاديًا نظرًا لتوفّر فرصًا أكبر للوصول إلى سوق العمل، وتحسين التعليم والإسكان وظروف السلامة، وتقليل وقت وتكاليف التنقل والنقل، ومع ذلك، فهناك أيضًا ظواهر اجتماعية سلبية تنشأ، مثل الاغتراب والإجهاد وزيادة تكاليف المعيشة، والتهميش الجماعي المرتبط بطريقة المعيشة الحضريّة، ويمكن اعتبار العيش في الضواحي التي تنشأ على أطراف المدن، فكرة جيدة لتحقيق التوازن بين هذه الجوانب السلبية للحياة الحضريّة، وبين التمكُّن من الوصول إلى موارد المدن المشتركة والاستفادة من جوانبها الإيجابيّة في الوقت نفسه.
،.