ميناء أم قصر رصيف الذهب ومرسى السندباد البحري
يعد ميناء أم قصر جوهرة الخليج المطل على قلب الحركة الملاحية الإقليمية وهو أكبر بوابة بحرية رئيسية للعراق والمسؤول عن نقل أكثر من 80% من الإمدادات الغذائية الى الجسم العراقي والميناء الوحيد الذي يتعامل مع البواخر العملاقة ذات الغاطس العميق ويخدم بعض من أكبر حقول النفط في العالم في جنوب العراق, وتجارة التمور, واضعا البصرة كمنفذ وحيد يربط العراق بالعالم الخارجي عبر جزئه الجنوبي بشريط ساحلي يبلغ 65 كم.
وساهم وقوع أم قصر والبصرة ضمن منطقة التدافع الحضاري والصراعات لعقود تاريخية طويلة في بلورة تاريخها وتحولها لمحطة ملاحية مركزية للعالم طبقا لأهميتها الجيوبولتيكية لربط العراق بالعالم وإنتاجها لشخصيات ملئت كتب الادب الغرائبي - كالسندباد البحري الذي ذاعت شهرته في ذروة العصر العباسي وأسر المخيلة الجمعية العالمية في الليالي 558 – 565 من ليالي "ألف ليلة وليلة"
وعن أم قصر:
لم تكن أم قصر سوى بلدة صغيرة, حينما رسَّى أسطول الإسكندر الأكبر في بلاد ما بين النهرين في عام 322, قبل ميلاد السيد المسيح. وأدرك الإسكندر آنذاك أهمية هذه البقعة فأوعز لكبير قادته (نيركوس) أن يبدأ ببناء مرفأ, وشهد العراق والخليج حينها ولادة أسطورة أم قصر.
أما التسمية, فقد جاءت بعد قرون, نسبة الى القصر الفخم الذي بناه الشيخ أحمد بن رزق في أوائل القرن الثامن عشر.
وضع الملك فيصل الأول اللبنة الاساسية لميناء أم قصر في عام 1930, وقام الملك فيصل الثاني بإنشاء ميناء دائم في عام 1950. وحين أشتد عود الاقتصاد العراقي بأرتفاع عائدات النفط, أستكمل الزعيم عبد الكريم قاسم البنى التحتية وقام بتوسعات كبيرة للميناء.
واليوم, يصطف المستثمرين الأجانب والجهات الدولية لبناء القدرات الاستيعابية والبنى التحتية للميناء. وبحسب خبراء دوليون, فلا يوجد اليوم ميناء آخر في الخليج لديه نفس مستوى التنافس لما يوفره من الحاويات ذات السعة العالية ، وبالرغم من ذلك, فقد أبرزت مخرجات دراسة نشرتها وزارة التخطيط أن الموانئ العراقية بوضعها الحالي لا تشكل مصدرا لجذب السفن الحديثة بسبب ما تعرضت له من دمار لبنيتها التحتية, وعرقلة الملاحة في قنواتها الملاحية بسبب الإرساب النهري والغوارق الناتجة عن الحروب المدمرة التي خاضها العراق, علاوة على عدم وجود قيود وطنية تجبر الناقل الأجنبي التعامل مع الموانئ العراقية لذا جاءت ضرورة تنمية القوى العاملة على اختلاف اختصاصاتها لرفع كفاءة الكوادر الوطنية وتقليل الاعتماد على الكفاءات الاجنبية. وهذا يفسر أن خلال الأسبوع الأول فقط من إغلاق الميناء - أبان تظاهرات تشرين - تكبدت البلاد أكثر من 6 مليارات دولار من الخسائر المباشرة.
وينتظر البصرة اليوم - التي شغلت الدنيا وربطت العراق بالعالم والشرق بالغرب - لهيب صيف طويل ومياه مالحة لا تصلح للشرب, لمدينة هي مصدر نعيم العراق وثرائه وهي في ذات الوقت ضحيته.