بدأت في أبوظبي أولى التجارب السريرية العالمية للمرحلة الثالثة من لقاح محتمل ومدرج تحت مظلة منظمة الصحة العالمية من إنتاج شركة سينوفارم سي إن بي جي، بهدف مكافحة وباء كوفيد-19، وذلك تماشياً مع رؤية القيادة الرشيدة والتزامها بالتغلب على الوباء من خلال جهود التعاون الدولية.
وفي إطار التزام حكومة الإمارات والهيئات الصحية بإيجاد علاج لأكبر تحدٍ شهدته البشرية في القرن الحادي والعشرين، قام كل من الشيخ عبد الله بن محمد آل حامد، رئيس دائرة الصحة بأبوظبي والدكتور جمال الكعبي، وكيل دائرة الصحة بالإنابة، بالبدء بتجربة المرحلة الثالثة من اللقاح غير النشط لوباء كورونا كأول شخصين يتطوعان حول العالم للقيام بهذه التجربة.
وتعتبر هذه التجارب ثمرة تعاون بين شركة «جي 42 للرعاية الصحية» إحدى شركات مجموعة «جي 42» والتي تتخذ من أبوظبي مقراً لها وتحتل مكانة في جهود التصدي لجائحة كوفيد-19، وشركة سينوفارم سي إن بي جي، سادس أكبر منتج للقاحات في العالم والشركة التي احتلت المركز 169 على قائمة فورتشن 500 العالمية لعام 2018..
خمس عيادات
وتقوم شركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة» بالإشراف على الممارسين الصحيين المتخصصين لديها، وذلك ضمن خمس عيادات رئيسية في أبوظبي والعين إلى جانب عيادة واحدة متنقلة، الأمر الذي يضمن سهولة وصول المتطوعين المشاركين، وخلال الشهور القليلة الماضية، قامت شركة «جي 42 للرعاية الصحية» بتأسيس مختبر ضخم لتسريع وتيرة اكتشاف المرض بالإضافة إلى تصنيع أجهزة الحماية الشخصية الأساسية، كما ساهمت أيضاً في إجراء الأبحاث حول اللقاحات الجديدة والعلاجات باستخدام الأدوية، إلى جانب تحديد اتجاهات تفشي الوباء التي تتضمن طفرات الفيروس وكذلك المساعدة في مكافحة المرض.
وتم اختيار الإمارات كوجهة مفضلة للتعاون والشراكة بهدف إجراء تجارب المرحلة الثالثة على اللقاح غير النشط، خاصة وأن الدولة تحتضن ما يزيد على 200 جنسية مختلفة، الأمر الذي يتيح أبحاثاً قوية على أعراق متنوعة ويسهم في تعزيز جدوى التطبيق على مستوى العالم في حال نجاح التجارب.
وحصلت الهيئات الصحية الإماراتية مؤخراً على التراخيص اللازمة لإجراء اختبارات لما يصل إلى 15000 متطوع، حيث تهدف شركة «جي 42 للرعاية الصحية» وشركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة» إلى إتمام ما لا يقل عن 5000 اختبار ضمن المرحلة الأولى بهدف ضمان نجوع البرنامج.
ويأتي انطلاق التجارب السريرية اليوم إيذاناً ببدء سلسلة من المبادرات الوطنية التي تعزز صحة السكان وقدرات البحث والتطوير في المجال الطبي على مستوى دولة الإمارات، بما في ذلك تعزيز القدرات المحلية لتصنيع اللقاح.
وبدأت الاختبارات بشكل رسمي بحضور ني جيان، سفير جمهورية الصين الشعبية في الإمارات، وكبار المسؤولين في دائرة الصحة، وممثلين عن الشركتين، حيث تلقت أول مجموعة من المتطوعين من مواطني الإمارات ومقيميها، اللقاح في مدينة الشيخ خليفة الطبية.
وتجرى التجارب السريرية تحت إشراف وتوجيه صحة أبوظبي وشركة (صحة)، ويتم تطبيق الاختبارات وفقاً لجميع التوجيهات الدولية التي نصّت عليها منظمة الصحة العالمية وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وسوف تقوم لجنة أخلاقيات البحث العلمي في إمارة أبوظبي بالموافقة على الدراسة واعتمادها في حال نجاحها.
تسهيل الاختبارات
وقالت الدكتورة نوال أحمد محمد الكعبي، رئيس الاستشاريين في مدينة الشيخ خليفة الطبية، ورئيسة اللجنة الوطنية السريرية لمرض «كوفيد-19»: «إن مشاركتنا في هذه التجارب تمكّننا من المساهمة في الجهود العالمية لمكافحة وباء كورونا، ونحن في الإمارات فخورون حقاً بأن نساعد على تسهيل هذه الاختبارات التي قد يكون لها أثر كبير عالمياً وقد تساعد الناس على الاستفادة من الأبحاث ومن تصنيع اللقاح، في حال نجاحه، للحد من انتشار هذا المرض».
وتأتي مرحلة التجارب السريرية الثالثة عقب نجاح المرحلتين الأولى والثانية في الصين واللتين أثمرتا عن قيام 100% من المتطوعين بتوليد أجسام مضادة بعد أخذ جرعتين من اللقاح خلال 28 يوماً، وستكون المرحلة الثالثة مفتوحة للمتطوعين بين أعمار 18 و60 عاماً ممن يعيشون في أبوظبي والعين لتستمر لمدة 42 يوماً.
وتشكل الحاجة الملحة إلى وجود لقاح على مستوى العالم من أهم عوامل تطوير لقاح كورونا، وتعتبر القدرة الحاسوبية وتحليل البيانات وتشخيصات الفحوص ميزة تنافسية تملكها شركة «جي 42 للرعاية الصحية» التي ستدعم نجاح التجارب السريرية العالمية للمرحلة الثالثة من اللقاح غير النشط.
فخورون بالشراكة
وقال أشيش كوشي، الرئيس التنفيذي لشركة «جي 42 للرعاية الصحية: «نحن فخورون للغاية بالشراكة بين سينوفارم سي إن بي جي في هذه التجارب السريرية الرائدة في دولة الإمارات».
وتعليقاً على قرارهم باختيار دولة الإمارات وأبوظبي كشريك لهم وكموقع لإجراء التجارب، قال جينج جين زو، رئيس المنتجات البيولوجية في شركة سينوفارم سي إن بي جي: «إن الإمارات دولة متميزة وتحتضن جنسيات وأعراقاً مختلفة من كافة أنحاء العالم، ما يمنحنا فرصة تجربة اللقاح على مجموعة واسعة من التركيبة السكانية والتأكد بأن اللقاح سيكون قابلاً للاستخدام في جميع الدول. كما أن شركاءنا في شركة «جي 42 للرعاية الصحية» يوفرون لنا التكنولوجيا المتطورة التي نحتاج إليها لتحقيق نتائج دقيقة وسريعة».
وانضم كل من الشيخ عبدالله بن محمد آل حامد، رئيس دائرة الصحة بأبوظبي، والدكتور جمال الكعبي، وكيل الدائرة بالإنابة، إلى قائمة المتطوعين، ضمن المرحلة الثالثة من التجارب السريرية التي تشهدها العاصمة أبوظبي حالياً، وتتم في عدد من منشآت شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة) في الإمارة.
يأتي ذلك ضمن المرحلة الثالثة للتجارب السريرية للقاح المحتمل لفيروس «كوفيد 19» والذي تم تطويره من «تشاينا ناشونال بيوتك جروب» الصينية، ويتم تنفيذها من فريق طبي متخصص من شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة) تحت إشراف الدائرة.
جرعة التطعيم
وتوجه آل حامد والكعبي إلى مدينة الشيخ خليفة الطبية لتلقي جرعة التطعيم، حيث سيخضعان بعد ذلك إلى فترة مراقبة.
وأكد آل حامد، أن صحة وسلامة المجتمع في أبوظبي والإمارات وعلى مستوى العالم هي فوق كل اعتبار، مشيراً إلى أن هذا التعاون يأتي تجسيداً لحرص أبوظبي على رفد الجهود العالمية في مواجهة جائحة «كوفيد 19»، فلطالما عُرفت الإمارات بوطن الإنسانية التي تبادر بمساهماتها بكل ما لديها من إمكانات من أجل الجميع وفي كل مكان.
وأضاف: «منذ بداية الجائحة، وجهتنا القيادة الرشيدة إلى تقديم الدعم الصحي لكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة على حد سواء، واليوم نؤمن بأن الجميع يستحق أن نبذل الغالي والنفيس من أجله، ولو تطلب الأمر أن نكون جزءاً من التجارب السريرية ليرى اللقاح النور ونتمكن من توفيره لمن يحتاجه، فليس هناك ما هو أغلى من الوطن».
وأشار إلى أن انضمامه ضمن المتطوعين في المرحلة الثالثة للتجارب السريرية للقاحات محتملة ضد فيروس «كوفيد 19» ليس سوى جزء بسيط مما نحن مستعدون له لنفدي به الوطن الذي مهما قدمنا له لن نوفيه حقه.
وقال: «لا تردد في خدمة الوطن، فالجميع مدين له برد الجميل والعرفان، وها هي الإمارات تسهم في إيجاد لقاح ليس لأجل سكانها فحسب، بل لأجل الإنسانية جمعاء».
ترخيص الاختبارات
وقد حصلت الهيئات الصحية في الدولة مؤخراً على ترخيص إجراء اختبارات تصل إلى 15000 متطوع، حيث تهدف شركة «جي 42 للرعاية الصحية» إلى إتمام ما لا يقل عن 5000 اختبار ضمن المرحلة الأولى، بهدف ضمان نجاعة البرنامج بالتنسيق مع شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة) التي تشرف على مواعيد وفحوصات المتطوعين.
من جانبه قال الدكتور جمال محمد الكعبي: «علمتنا القيادة الرشيدة أن تكون سباقة في الريادة وعمل الخير الذي يعد إحدى الركائز الأساسية لنهجها، حيث تواصل في ظل هذه الظروف الاستثنائية رفد الجهود العالمية لوضع صحة وسلامة المجتمع على رأس قائمة أولوياتها والتصدي لفيروس كوفيد 19».
وأضاف: «هنا في دولة الإمارات، نساهم في تطوير ودعم لقاح جديد محتمل ضد فيروس «كوفيد 19»، فخور بأن أكون ضمن أوائل المتطوعين في التجارب السريرية والمشاركة».